عقب أيام على انتهاء زيارة وزير خارجية
الاحتلال، إيلي كوهين، للبحرين، تزايدت الدعوات الإسرائيلية للطلب من المنامة تقديم الدعم العلني والفعال لمن يريدون الحفاظ على العلاقات مع الكيان، مع أنها الزيارة الأولى التي يقوم بها مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى منذ تسعة أشهر للبحرين.
وزعم كوهين خلال الزيارة أنه لا يزال هناك موقف إيجابي تجاه "إسرائيل"، ومن ناحية أخرى تنكشف التحديات والصعوبات التي قد تؤدي لتدهور العلاقات بين تل أبيب والمنامة.
وكشف رئيس برنامج "اتفاقيات أبراهام" بمعهد "مسغاف" للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية، والمدير التنفيذي لمعهد اتفاقيات
التطبيع للسلام، آشير فريدمان، أنه "خلال زيارتي للبحرين قبل شهرين، استقبلنا ممثلو الحكومة بحفاوة وودية، وعندما ذهبت لزيارة مسجد الفتح الكبير في العاصمة المنامة، نصحني صديق بحريني بعدم ارتداء القبعة الدينية (الكيبا) لتجنب وقوع حادث غير سار، ما يشير للخوف من الجماعات التي لا تزال تعارض التطبيع".
وأضاف فريدمان، في
مقال ترجمته "عربي21"، إلى أن "هذه الانطباعات كشفت عنها نتائج استطلاع للرأي العام أجراه معهد واشنطن أعرب خلاله 38 بالمئة من
البحرينيين عن دعمهم للعلاقات التجارية مع الإسرائيليين، لكن 23 بالمئة فقط يعتقدون أن اتفاقيات أبراهام لها تأثير إيجابي على المنطقة، فيما تشير أرقام التجارة والسياحة المنخفضة إلى التحديات في تعميق العلاقات".
وذكر أنه في الأشهر السبعة الأولى من 2023 "بلغ حجم التجارة بين البحرين وإسرائيل 8.3 مليون دولار فقط، ورغم أن هذه زيادة مقارنة بـ2022، لكن الأرقام لا تزال ضئيلة، وفي السنوات الثلاث الماضية، وصل أقل من ألف بحريني لدولة الاحتلال".
وأوضح أن "شركة الطيران البحرينية افتتحت خمس رحلات أسبوعية بين المنامة وتل أبيب، فيما تنشط سفارة البحرين في إسرائيل بشكل خاص في إقامة الاتصالات، وبدأ مؤخرا التعاون بين المؤسسات الطبية، بزعم أن البحرين دولة صغيرة، لكنها ذات أهمية كبيرة بالنسبة للاحتلال، وانضمامها لاتفاقيات التطبيع نقل الاتفاق مع الإمارات من كونه حدثا فرديا إلى اتجاه إقليمي، من خلال تقاليد التسامح الديني وتواجد الجالية اليهودية، بحيث يمكن للبحرين أن تكون جسرا للخطاب بين الأديان".
وأشار إلى أن "ما يجعل للتطبيع مع البحرين أهمية استثنائية بالنسبة لإسرائيل أنها تتمتع بعلاقات خاصة مع السعودية، المرتبطة بها بجسر طوله 25 كيلومترا، كما أنها مركز مالي إقليمي، وموقعها الجغرافي ومشاريعها التنموية، وشعبها الطموح يخلق فرصا للشركات الإسرائيلية، ما يعني أن تعزيز تطبيعهما الدافئ يتطلب المزيد من الزيارات المتبادلة، ولكي يسمح البحرينيون لمزيد من الوفود بزيارة إسرائيل، فيجب أن يكون هناك تقارب في التنسيق بين الحكومات في ما يتعلق بطبيعة الوفود وتخطيطها، بما في ذلك التي تأتي عبر المنظمات المدنية".
وبين أن "أحد التحديات الرئيسية أمام تعزيز التطبيع الاسرائيلي البحريني هو السماح للشركات والمؤسسات البحرينية المهتمة بالعمل مع الإسرائيليين، لكنهم يخشون الضغط أو المقاطعة، وهذا يستدعي من وزارة الخارجية الطلب من القيادة العليا في البحرين تقديم الدعم العام والفعال لمن يريدون الحفاظ على العلاقات مع إسرائيل، من أجل التغلب على حاجز الخوف، ولذلك فإن التوقيع المرتقب على اتفاقية التجارة الحرة سيساعد على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، رغم أن الشركات الإسرائيلية ستجد صعوبة بالعثور على شركاء محليين دون إشارة إيجابية واضحة من الأعلى".
وأشار إلى أنه "من الضروري التأكد أن التجارب السلبية التي عاشها زوار دول اتفاق التطبيع في إسرائيل لن تعود مرة أخرى، لأنه بعد انطلاق رحلة "طيران الخليج" البحرينية إلى تل أبيب، يريد البحرينيون أن تفتح شركة طيران إسرائيلية خط طيران طريق مباشر بينهما، كما أن للبحرين اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة، وهي على وشك التوقيع على اتفاقية مماثلة مع إسرائيل، وفي هذه الحالة ينبغي دراسة إنشاء تعاون اقتصادي ثلاثي بين الولايات المتحدة والبحرين وإسرائيل، في مجالات التجارة والصناعة والتكنولوجيا والاستدامة".
وتكشف هذه التخوفات الإسرائيلية من تراجع فرص تحسين مستوى التطبيع مع البحرين أن دولة الاحتلال إذا لم تنجح في التغلب على العقبات في العلاقة معها، فقد تتدهور في بعض الأحيان، وتعود سنوات عديدة إلى حالة من السلام البارد، مثل ذلك الذي يسود مع مصر والأردن، أو السلام الاقتصادي بالأساس مع تركيا، الأمر الذي يؤكد أن التطبيع مع البحرين ليس له أقدام قوية يسير عليها، وهو معرّض في أي لحظة لحالة من الانتكاس.