يشهد المسجد
الأقصى والمناطق المحيطة به حالة من التوتر الشديد، وذلك تزامنا مع بدء مسيرة الأعلام الإسرائيلية الاستفزازية، والتي تنذر بتفجر الأوضاع.
وخرج مئات المستوطنين في مسيرة بمدينة اللد المحتلة رافعين أعلام
الاحتلال الإسرائيلي، في وقت تتزايد فيه دعوات المنظمات الصهيونية المتطرفة للمشاركة في المسيرة.
وسبق انطلاق المسيرة بساعات، اقتحام واسع للمسجد الأقصى من قبل مستوطنين متطرفين، بمشاركة مسؤولين ونواب بالكنيست.
وانتشرت قوات الاحتلال في محيط المسجد الأقصى، ومنعت عديد
الفلسطينيين من أداء صلاة فجر الخميس، إذ بدأت أفواج كبيرة من المستوطنين صباح الخميس باقتحامات واسعة للمسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، وذلك احتفالا بذكرى احتلال القدس.
وأكدت إدارة الأقصى لـ"عربي21"، أن أجمالي عدد المقتحمين للمسجد الأقصى اليوم خلال الفترة الصباحية والمسائية اليوم بلغ 1262 متطرفا؛ منهم 923 متطرفا في الفترة الصباحية و 339 متطرفا في الفترة المسائية؛ بينهم وزير ونواب في الكنيست الإسرائيلي، منوهة أن قوات الاحتلال قامت بإغلاق باب المغاربة.
وأفادت أنه "تم إخراج مجموعة من المقتحمين من باب الأسباط عددها نحو 40، وسط الغناء والتصفيق وترديد شعارات عنصرية مثل "الموت للعرب".
ومن بين المسؤولين الذين اقتحموا المسجد الأقصى، نواب كنيست عن حزب "الليكود" هم؛ أرئيل كيلنر وعميت هاليفي ودان إيلوز، إضافة لعضو الكنيست السابقة شولي معلم، وجميعهم بشكل استفزازي قاموا من أمام مصلى قبة الصخرة بأداء ما يطلق عليه النشيد الوطني الإسرائيلي "هتيكفا" بشكل جماعي، فيما يعكس توجهات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة للسيطرة على المسجد الأقصى وتهويديه ومحاولة إقامة الهيكل المزعوم مكانه.
وأفادت إدارة الأقصى لـ"عربي21"، أنه جرى تحت حماية أمنية مشددة، اقتحام الأقصى من قبل وزير "النقب والجليل" المتطرف اتسحاق فسرلو، إضافة إلى الحاخام والنائب السابق في الكنيست يهودا غليك.
وأوضحت إدارة المسجد الأقصى المبارك لـ"عربي21"، أن اقتحام المتطرفين بدأ الساعة السابعة صباحا من باب المغاربة، وتحت حماية القوات الإسرائيلية المقتحمة للمسجد، والتي تقوم بتأمين المتطرفين.
وذكرت أن عدد المتطرفين بلغ بعد أقل من 23 دقيقة على بدء الاقتحام، نحو 180 متطرفا، وهذا يشير إلى أن هناك أعداد كبيرة تستعد لاقتحام المسجد الأقصى اليوم، بالتزامن مع الاستعدادات لتنظيم "مسيرة الأعلام" الاستفزازية في القدس المحتلة.
وأوضح إدارة المسجد الأقصى، أن العديد من المقتحمين قاموا بأداء صلوات تلمودية بالقرب من باب الرحمة وانبطاحات عن قرب خروجهم من المسجد الأقصى بعد جوالاتهم الاستفزازية، لافتا أن القوات الخاصة الإسرائيلية تتنشر في المسجد الأقصى لحماية المقتحمين.
إرباك وتوتر في القدس
وعن خطورة الأوضاع في القدس قبيل انطلاق "مسيرة الأعلام"، أوضح الناشط والمختص في شؤون القدس والمسجد الأقصى، فخري أبو دياب، أن تواجد قوات الاحتلال في مدينة القدس المحتلة وأزقتها وعلى أبواب المسجد الأقصى المبارك "تواجد لم يسبق له مثيل".
وذكر في حديثه لـ"عربي21"، أن "قوات الاحتلال المتمركزة على أبواب المسجد الأقصى، شددت من إجراءاتها الأمنية على الأبواب، ومنعت دخول الشباب لأداء صلاة الفجر"، وذلك تمهيدا لاقتحام المتطرفين للمسجد الأقصى.
وذكر أبو دياب، أن "الاحتلال تمهيدا للمسيرة، عسكر مدينة القدس، وقام بنصب العديد من الحواجز والمتاريس العسكرية، إضافة إلى انتشار أعداد كبيرة من قوات الاحتلال وإغلاق العديد من الشوارع والمحال التجارية واعتلاء أسطح بعض المنازل وطائرات مسيرة في أجواء القدس، لتوفير الحماية للمشاركين في المسيرة".
وحذر من تضاعف اعتداءات واستفزازات المتطرفين اليهود المشاركين في المسيرة ضد المقدسيين ومصالحهم المختلفة، خلال فترة تنظيم المسيرة.
وأفاد المختص، أن "خط سير تلك المسيرة يعتمد على مدى إمكانية توفير الأمن لها، تبدأ من منطقة المركز في الشطر الغربي من القدس المحتلة في حدود الساعة الثانية ظهرا، ومن ثم تدخل شارع يافا باتجاه البلدة القديمة وصولا إلى منطقة باب الجديد، ومن ثم يبدأ معظمهم بالنزول إلى ساحة باب العمود التي يتوقع اقتحامها بعد العصر (الساعة الخامسة تقريبا)، ومنهم من يتوجه جنوبا نحو باب الخليل ومن ثم يقتحمون البلدة القديمة، ولكن الاغلبية تقتحم ساحة باب العمود، وذلك لرمزية تلك الساحة التي تتم فيها "رقصة الأعلام" من اجل استفزاز مشاعر المسلمين".
وتابع: "بعد اقتحام ساحة باب العمود، يتم دخول البلدة القديمة في شارع الواد الذي يبدأ من باب العمود وهو محاذي للمسجد الأقصى ويستمر حتى ساحة حائط البراق الإسلامي، حيث يتجمعون هناك وإنهاء مراسم المسيرة في حدود السابعة مساء".
يوم رفع العلم الفلسطيني
وفي المقابل، صدرت العديد من الدعوات الفلسطينية لتكثيف التواجد وشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس، وجعل اليوم الخميس يوما للعلم الفلسطيني في كل فلسطين، من أجل "التصدي للاقتحام في ساحة الأقصى صباحا و لـ"مسيرة الأعلام" في ساحة باب العامود من بعد الظهر.
وأوضح "الحراك الشبابي الشعبي في القدس"، أن "الاحتلال يصر على المضي قدما في عدوانه على المسجد الأقصى وعلى القدس في "مسيرة الأعلام"، بمناسبة الذكرى الموهومة التي يسميها "توحيد القدس"، والتي تؤرخ لاحتلاله الأسود للقدس عام 1967 بزمانه العبري، ويتوعد بأن هذه المسيرة ستبقى في مسارها العدواني كما هو، وبإمكانية اختتامها في المسجد الأقصى".
وأمام هذا الواقع، أعلن الحراك في بيان له وصل "عربي21" نسخة عنه، أن "اليوم 18 أيار/مايو 2023 يوما للعلم الفلسطيني في القدس"، داعيا "شباب القدس الثائر وكل مرابط فيها إلى رفع أعلام فلسطين في كل ساحة وفوق كل منزل ومدرسة وفي السيارات وبكل طريقة يمكن أن تنطق فيه بهويتها العربية الفلسطينية الأصيلة، ونعتبر ذلك استمرارا للمعركة التي خاضتها المقاومة في غزة، إضافة إل رفع العلم في كل ساحة في فلسطين؛ في الداخل والشتات".
ونبه أن "سيادة الاحتلال في القدس ليست إلا وهما"، مشددا على أهمية "التصدي لاقتحام المسجد الأقصى الذي يتم في الفترة الصباحة، وكذلك، التصدي لـ"مسيرة الأعلام" في ساحة باب العامود بعد الظهر".
بدورها، أوضحت حركة "حماس" على لسان المتحدث باسمها، حازم قاسم، أن "ما يسمى بـ"مسيرة الأعلام"، هي إحدى أدوات الحرب الدينية التي يشنها الكيان الصهيوني ضد هوية المسجد الأقصى، والهوية الفلسطينية العربية لمدينة القدس المحتلة".
ونبه في تصريح له وصل "عربي21" نسخة عنه، أن "هذه المسيرة وكل السياسات التهويدية في مدينة القدس، لن تغير من حقيقة فلسطينية وعروبة المدينة، وأن المستوطن الصهيوني هو طارئ غريب لا مكان له عليها".
وأكد قاسم، أن "الشعب الفلسطيني سيواصل نضاله المشروع دفاعا عن هوية القدس والأقصى"، منوها أن "المعركة على المقدسات الإسلامية والمسيحية مفتوحة على مصراعيها".
كما حذرت حركة "فتح"، في بيان وصل "عربي21" صادر عن مفوضية الإعلام والثقافة والتعبئة الفكرية، حكومة الاحتلال المتطرفة من تداعيات مسيرة الأعلام الاستفزازية، مؤكدة أن "محاولات حكومات الاحتلال المتعاقبة لطمس الهوية الإسلامية والعربية والفلسطينية لمدينة القدس؛ لن تجدي نفعا".
وأكدت أن "الشعب الفلسطيني سيفشل هذه المحاولات بصموده وتشبثه بحقوقه التاريخية، ومواصلة نضاله حتى إقامة دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس".
وأوضحت "فتح" أن "مسيرة الأعلام" الاستفزازية تترافق مع اقتحامات المستوطنين اليومية للمسجد الأقصى ، يضاف إليها؛ الاعتداءات المتكررة على المصلين والمرابطين، وسياسة هدم المنازل وتشريد العائلات، والقمع والتنكيل بحق المقدسيين، و "أسرلة" التعليم والمناهج وغيرها من السياسات لن تحقق مراده"، منوهة أن "الشعب الفلسطيني لم يتوان عن التصدي لكافة المشاريع التصفوية لحقوقه ووجوده الأزلي".