مع بدء
المقاومة الفلسطينية في تنفيذ عملية "ثأر الأحرار"،
للرد على
العدوان الإسرائيلي على قطاع
غزة، ركز جيش الاحتلال على استهداف منازل المواطنين
المدنيين بشكل كبير، وقام بتدمير العشرات منها، في مؤشر واضح على فشله في وقف إطلاق
الصواريخ محلية الصنع التي طالت تل أبيب.
وبدأ العدوان الإسرائيلي الساعة الثانية فجرا من يوم الثلاثاء
9 أيار/ مايو الجاري، واستمر خمسة أيام حتى الساعة العاشرة من مساء السبت الـ15 من ذات
الشهر، وقامت طائرات الاحتلال الإسرائيلي بشن غارات عنيفة استخدمت فيها قنابل أمريكية
شديدة الانفجار وذات قدرات تدميرية كبيرة.
لا حل لدى الاحتلال
وتسبب العدوان الإسرائيلي على غزة في أضرار كبيرة في ممتلكات
المواطنين، حيث بلغ عدد الوحدات السكنية التي طالها الهدم الكلي 93 وحدة سكنية، و
128 وحدة أصيبت بأضرار جزئية ولم تعد صالحة للسكن، إضافة إلى 1820 وحدة سكنية أصيبت
بأضرار جزئية وهي صالحة للسكن، ليصل إجمالي عدد الوحدات السكنية المتضررة جزئيا إلى
1948، بحسب إحصائية زود "عربي21" بها مدير عام الإعمار بوزارة الأشغال العامة
والإسكان، محمد عبود.
وعن دلالات تكثيف الاحتلال لاستهداف المنازل الفلسطينية خلال
العدوان العسكري على القطاع، أوضح الخبير البارز في الشؤون الإسرائيلية، أليف صباغ،
أن "إسرائيل كعادتها استهدفت المدنيين في الماضي وفي العدوان الأخير، من أجل الضغط
على القيادات العسكرية والسياسية الفلسطينية للخضوع لإرادتها، وهكذا فعلت في لبنان
والضفة وغزة، وفي كل المعارك السابقة".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "في الأيام الأخيرة
للعدوان، كان هناك تكثيف إسرائيلي في استهداف المدنيين وهدم البيوت، من أجل الضغط على
حماس والجهاد الإسلامي للقبول بالشروط الإسرائيلية، ولكن في نهاية الأمر هذا لم ينجح"،
منوها إلى أن "الجمهور الفلسطيني صامد وداعم للمقاومة، وليس لديه ما يخسره، وكل ما
يطلبه رفع الحصار والحرية والسيادة والاستقلال".
وذكر صباغ أن "كل عملية عسكرية لا بد أن يكون لها أهداف
سياسية، ولكن في هذه العملية العسكرية التي بدأتها إسرائيل كما في كل عملية سابقة،
إسرائيل لا تستطيع أن تقدم أي إنجاز سياسي؛ لا للجيش ولا للحكومة ولا لأي جهة سياسية
إسرائيلية، وكل ما تتفاخر به إسرائيل اليوم من إنجازات، هو عدد الشهداء والجرحى الفلسطينيين
وكذلك عدد البيوت المدمرة، ولا تفرق بين مدني وعسكري".
وردا على سؤال "عربي21" حول "هل أفلس الاحتلال
في مواجهة المقاومة بغزة؟"، أكد الخبير، أن "الاحتلال لا يملك أي حل في مواجهة
المقاومة والشعب الفلسطيني خاصة في غزة، كبار المسؤولين الإسرائيليين بمن فيهم الناطق
العسكري باسم الجيش، الذي أكد أن قضية غزة، معقدة ومركبة ولا يمكن حلها".
نهج إسرائيلي متكرر
وفي خلاصة رؤيته لهذه المعركة، قال صباغ: "إسرائيل فشلت
في تحقيق أهدافها، والهدف الوحيد الذي حققته هو ارتكاب المزيد من الدمار للمساكن المدنية،
والمزيد من قتل وسفك دماء الفلسطينيين"، مضيفا أنه "إذا كان هذا ما يرضي الجمهور
الإسرائيلي، فهذا يعني أن هذا الجمهور هو أساس المشكلة".
من جانبه، أكد المختص والباحث في الشأن الإسرائيلي، رجائي
الكركي، أن "تدمير منازل المواطنين وقتل عشرات المواطنين، هو دليل واضح على أن
بنك الأهداف لدى الكيان الإسرائيلي مستنزف وفارغ تماما، فمعظم ضحايا القصف الإسرائيلي
هم من الأطفال والنساء والشيوخ".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "قصف المنازل
يدلل على إفلاس الاحتلال، ودليل ذلك، توجه الاحتلال لقصف منزل عائلة الشهيد بهاء أبو
العطا (استشهد في عملية اغتيال إسرائيلية عام 2019)، لأن المحتل يحاول أن يبحث عن إنجاز
معنوي يقدمه لجمهوره، لكن هذا الأمر بات مفضوحا، عالميا وإقليميا".
ونبه الكركي إلى أن "ضرب الأهداف المدنية مؤشر على إفلاس
الاحتلال واستنفاد بنك أهداف المنظومة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وهذا تكرر في
مسلسل عدوان الاحتلال المتكرر على الشعب الفلسطيني في غزة، ففي نهاية كل جولة عدوان
كانت تقصف الأهداف المدنية بعد استنفاد الاحتلال لما لديه في بنك الأهداف".
من جهته، أوضح رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية التابع
لجامعة القدس، أحمد عوض، أن "الاحتلال من خلال نهج تدمير المنازل يحاول إضعاف الحاضنة
الاجتماعية للمقاومة من أجل الضغط عليها لتغيير موقفها".
ورأى في حديثه لـ"عربي21" أن "هذا النهج الذي
يعتمده الاحتلال، دليل على وجود مشكلة وصعوبة في الوصول إلى أهداف حقيقية، وبالتالي
تستبدل العسكري بالمدني، إما لنقص المعلومات أو من أجل الإخافة"، منوها إلى أن
"الاحتلال يسعى أيضا من خلال قصف المنازل إلى تقصير عمر العدوان".
وأكد عوض أن "قصف منازل المواطنين هو تجاوز للخطوط الحمر لأي أخلاق، وهو تعبير عن فشل سياسي وأمني، فلا الاغتيالات ولا ضرب المنازل تؤدي إلى
إخضاع المقاومة، وهذه سياسات جربت في الماضي وفشلت، بل على العكس، فنهج الاحتلال يؤدي
إلى تشدد موقف الطرف الفلسطيني".