فوجئت
الأوساط السياسية والدبلوماسية
الإسرائيلية بتصريحات علنية أصدرها جيك سوليفان
مستشار الأمن القومي الأمريكي بإعلانه أن "الولايات المتحدة وإسرائيل ستعملان
على سد الثغرات في ما يتعلق بالإجراءات التي يجب اتخاذها ضد
إيران، مؤكدا في الوقت
ذاته أن المحادثات بشأن
الاتفاقية النووية أصبحت من الماضي"، ما دفع المحافل
الإسرائيلية للإشارة عن زوال القلق الكبير من هذا الموضوع في الوقت الحاضر، على
الأقل.
وقد
أعلن سوليفان أن "إيران ستكون على رأس قائمة أولوياته خلال زيارته لإسرائيل
بعد عشرة أيام"، وستكون الزيارة الأولى لعضو بارز في إدارة الرئيس جو بايدن،
وبعد شهور كان الخوف الأكبر في إسرائيل هو عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي،
فقد أكد سوليفان أن "واشنطن وضعت جانبا هذه الجهود"، ما يسلط الضوء على
أهم الأسباب التي دفعتها لهذا الانسحاب الذي لقي ترحيبا لافتا في تل أبيب.
صحيفة
يديعوت أحرونوت ذكرت أن "السبب الأول هو المساعدات الإيرانية لروسيا في حربها
ضد أوكرانيا، وتسليمها عددًا كبيرًا من الطائرات الانتحارية من طراز شهد 136،
استخدمها الروس في عدد من الهجمات، بما في ذلك العاصمة كييف.
وتسببت
بشلّ إمدادات الكهرباء لأوكرانيا، بل إن
روسيا تقدمت لإيران بطلب للحصول على ترخيص
لتصنيع الطائرات بدون طيار داخل أراضيها، وقد منحت الأخيرة هذا الترخيص دون تردد،
ليس فقط للاعتبارات المالية، ولكن لأن العلماء والمهندسين الروس يمكنهم تحسين
المدى والدقة والقدرة التدميرية للطائرات الإيرانية بدون طيار.
وأضافت
في
تقرير ترجمته "عربي21" أنه "منذ بدء نقل الطائرات الإيرانية
المسيّرة إلى روسيا فقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الإيرانيين المتورطين
بإنتاجها وتوريدها، وفرضت قبل أيام عقوبات جديدة على شركة صناعية عسكرية إيرانية
مسؤولة عن تصميمها وإنتاجها، لأن واشنطن تشعر بالقلق من احتمال توسيع التعاون
العسكري بين روسيا وإيران".
ورأت
الصحيفة أن الأمر قد يمتد لتزويد موسكو بالصواريخ أيضًا، مما دفع سوليفان لاتهام
إيران بالتورط في جرائم حرب واسعة النطاق بسبب هذه المساعدات، ولعلنا أمام تغيير
في الاتجاه في الخطاب الأمريكي تجاه إيران، ولعلها الاتهامات الأشد خطورة حتى الآن.
وأوضحت
أن "السبب الثاني هو المظاهرات والقمع العنيف والإعدامات في إيران منذ أيلول/
سبتمبر، حيث اجتاحتها مظاهرات احتجاجية قُتل فيها أكثر من خمسمائة متظاهرا وسبعون من
أفراد الأمن، واعتقال عشرين ألفا، 111 منهم معرضون للإعدام، وتم إعدام أربعة منهم،
مما أثار إدانات من جميع أنحاء العالم واحتجاجات في أوروبا وأمريكا، واستدعاء
ممثلين دبلوماسيين لإيران في عواصمهم لتوبيخهم، وأعلن سوليفان أنه يجب أن نضع حدًا
فوريًا لانتهاكات حقوق الإنسان هذه".
وأشارت إلى أن "السبب الثالث لتغير الموقف الأمريكي من إيران هو الملف النووي، حيث رفضت
أن تكون مرنة، بينما مارست الحكومة الإسرائيلية السابقة ضغوطًا كبيرة في الوقت
نفسه لعدم الاستسلام لها، مما وضع أوروبا والولايات المتحدة في فخّ، لأنهما لا
تريدان أن يُنظر إليهما على أنهما تنازلتا لإيران، وفي الوقت ذاته سعتا للوصول
لاتفاق، لكن مطلبا إشكاليا وقف على رأس قائمة الخلافات الدولية وهو مطالبة الوكالة
الدولية للطاقة الذرية بإغلاق التحقيقات بشأن مخلفات اليورانيوم التي تم العثور
عليها في مواقع مختلفة، نقلتها إسرائيل إليها من "الأرشيف النووي" الذي
سرقه الموساد من طهران في 2018".
وأكدت
أن "السبب الرابع هو التعاون الإسرائيلي الأمريكي، عقب تصريحات رئيس الوزراء
بنيامين نتنياهو بأن "الوقت قد حان لكي تتفقان مع دول أخرى للقتال ضد
إيران"، متوقعا التحدث عن هذا الأمر مع بايدن، بعد وقت قصير من إعلان سوليفان
أنه سيزور إسرائيل، كما أن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر سيبحث الأمر مع
مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية".
الخلاصة
الإسرائيلية المرحب بها أن الإدارة الأمريكية أوضحت أن الاتفاق النووي مع إيران
ليس أولوية، وهي خطوة مبكرة جدا في عهد العلاقة الإسرائيلية الأمريكية في الملف
الإيراني، ما قد يعبّد طريق نتنياهو للبحث في الخطوة التالية المتمثلة بتنفيذ
هجوم على بعض المنشآت النووية الإيرانية، خاصة وهو يرى تباعدا أمريكيا إيرانيا
متزايدا، لكن التقديرات العسكرية بين تل أبيب وواشنطن ربما لا تتفقان بمدى جدوى
مثل هذا الهجوم الذي يمثل لنتنياهو حلم حياته، على الأقل حسب قوله.