على الرغم من حالة الهدوء النسبية التي تشهدها منطقة الشريط الفاصل مع قطاع
غزة
ومستوطنات الغلاف، فجيش الاحتلال وأجهزته الأمنية يحذران من أن الوضع قد ينفجر
في أي لحظة، ويتحول لعملية واسعة النطاق، قد تشمل تسلل مقاومين لتلك المستوطنات،
ما يدفع جيش الاحتلال لتكثيف تدريباته للبحث عن مقاتلي وحدة النخبة في حماس.
في مثل هذه الأجواء، يستعيد
الإسرائيليون ما حصل
في حرب غزة 2014، حين حاول غواصو حماس المسلحون بالبنادق والمعدات التسلل إلى شاطئ
زيكيم شمال القطاعظ وهم يسيرون بسرعة عبر الكثبان الرملية، حيث عاش الاحتلال حينها
لحظات طويلة ومرهقة للأعصاب وهو يطارد المسلحين؛ خشية دخولهم إلى التجمع
الاستيطاني، وكان واضحا أن التحدي الحقيقي هو ضغط الوقت لمنع التسلل للمستوطنات
بأي ثمن، وقد ظهرت العملية أكثر تعقيدًا.
أمير بوخبوط، المراسل العسكري لموقع ويللا، زعم
أن "التقدير السائد في جيش الاحتلال أن الهدوء في غزة مخادع، صحيح أنه منذ
عدوان أغسطس 2022 أطلقت ثلاثة صواريخ فقط، وهناك انخفاض في عدد محاولات التسلل من
غزة إلى إسرائيل، 29 في 2022 مقارنة بـ53 في 2021، ولكن تحت السطح تحذر المنظومة
الأمنية من وجود تيارات خفية خطيرة قد تنفجر في غزة، رغم الهدوء النسبي الذي
يميزها في آخر عامين، لكننا في أي لحظة قد نجد أنفسنا أمام أيام طويلة من
القتال".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن
"الجيش يجري استعدادات عسكرية مكثفة خاصة بفرقة غزة؛ تحسبا لعمليات اختطاف
جنود، وتسلل باتجاه المستوطنات، دون أن تكون المعادلة بالضرورة اندلاع صراع مسلح
واسع مع غزة، رغم أنه من المحتمل جدا أن يؤدي هجوم في الضفة الغربية لجرّ الجميع
لهذا التصعيد، على اعتبار أن الضفة باتت ساحة يلعب فيها الجميع، ويحولون الأموال
هناك لتمويل عمليات مسلحة، بما فيها حماس وإيران وحزب الله".
وكشف أن "استعدادات فرقة غزة تتمثل بخوض
تمرينات دورية بقيادة العقيد عامي بيتون، عقب الكشف عن محاولة الجناح العسكري
لحماس تنفيذ هجومين عبر الأنفاق في عملية حارس الأسوار مايو 2021، وقد هاجم سلاح
الجو المسلحين في أثناء انتظارهم الأوامر وهم في النفق، بجانب التقديرات الإسرائيلية
بأن كتائب حماس المختلفة تواصل حفر الأنفاق حتى منطقة الجدار تحت الأرض لتمكين
المسلحين من الخروج منها، والركض باتجاه السياج بالعبوات الناسفة لاختراق المنطقة،
وهي تجري لعبة "القط والفأر" على طول حدود قطاع غزة".
ونقل عنه أن "حماس تلجأ لتعيين مراقبين
أمنيين تحت ستار صيادي الطيور، أو محاولة وضع عبوات وهمية لاختبار يقظة قوات
الاحتلال، ثم عبوات ناسفة حقيقية لتفجيرها في يوم المعركة، كما تجري بانتظام
ملاحظات ودوريات لجمع المعلومات الاستخبارية عن الجيش، لاختيار اليوم الذي تريد
فيه تنفيذ هجوم تسلل أو خطف جندي من خلال تشغيل نفق تم حفره تحت غطاء المباني حتى
السياج، ولذلك فإذا ما التقطت منظارًا فإنني سأرى نشطاء حماس في منطقة التماس طوال
الوقت".
وأشار إلى أن "التمرينات والاستعدادات التي
يجريها جيش الاحتلال تشمل السياج الجديد على طول 62 كم من حدود قطاع غزة من الخط
البحري إلى المثلث الحدودي مع سيناء؛ لخلق مساحة أمنية، ومنع الاقتراب منه، ما
يعني أن الجيش يفعل الكثير لإبعادهم، ونحن نراهم طوال الوقت يمارسون ويتعلمون، ولا
شيء يمنعهم ماديًا من وصول السياج، وكل شهر يقوم القسم الشمالي لفرقة غزة بأعمال
هندسية لكشف المنطقة؛ من أجل تحديد مكان العبوات الناسفة، ومنع الغطاء النباتي
القريب من السياج أن يصبح مخبأً، وخلق منطقة أوضح لجمع المعلومات الاستخبارية من
الجانب الفلسطيني".
ونقلا عن ضابط كبير في فرقة غزة، فإن "تدمير
معبر كارني القديم قبل أيام جاء لذات الهدف، حيث يستخدمه المسلحون للمراقبة وزرع
العبوات الناسفة في المنطقة، مع العلم أننا في غزة أمام عدو حقيقي، ومنظمة جادة
ذكية تفكر باستمرار في كيفية تجاوز الجدار تحت الأرض والسياج، وتبحث عن نقطة
انطلاق جيدة للعملية القادمة، ولذلك أقوم باستمرار بتدريب جنودي كفريق على كيفية
التصرف بشكل صحيح، ونقف عند نقاط الانطلاق دون أن يرانا العدو، الذي يريد قتل جندي
أو خطفه، ولذلك فإن جنودي عادة ما يسألونني من حين لآخر عن إجراء هانيبال، وهي
العملية التي يتم تنفيذها لإحباط اختطاف جندي".
تؤكد هذه المعطيات أن القلق الحقيقي لجيش
الاحتلال ما زال باتجاه غزة، التي تراكم قوتها العسكرية يوما بعد يوم، استعدادا
ليوم المواجهة القادمة، ولعل عنصر التخوف الأساسي لدى الاحتلال هو نجاح المقاومة
في غزة بتنفيذ عملية اختطاف جندي أو مستوطن لإبرام صفقة تبادل أسرى، ما يجعله
يركز كل قواته باتجاه حماية جنوده، والتحسب لنجاح المقاومة في تطلعاتها التي تتحضر
لها جيدا، رغم السياج الحدودي، والتحليق اليومي لطائرات الاحتلال.