نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا للصحفيين فيفيان يي وبن هوبارد قالا فيه؛ إنه عندما استثمرت السعودية 3.5 مليار دولار في شركة أوبر في عام 2016، لاحظ عدد قليل من الناس خارج عالم الأعمال.
وعندما استحوذت على حصة قدرها 500 مليون دولار في لايف نيشين، أكبر منتج للحفلات الموسيقية في العالم، لم ترمش عين لرواد الحفلات الموسيقية.
لكن عندما اشترت فريق كرة قدم إنجليزي ذا سمعة، نيوكاسل يونايتد، احتشد الآلاف من المشجعين العام الماضي خارج ملعب النادي في شمال شرق إنجلترا لتشجيع السعودية، وكان بعضهم يرتدي أغطية للرأس على الطراز السعودي. لقد كان استقبالا مذهلا لمملكة صحراوية بعيدة في الشرق الأوسط تشتهر بالنفط أكثر من الرياضة أو الترفيه، وكثيرا ما كانت هدفا للتنديد الدولي بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان.
لا عجب إذن أن السعودية رأت فرصة لتمويل بطولة غولف جديدة لتحدي جولة PGA هذا العام، وهو استثمار دفع عالم الغولف المحترف إلى حالة من الاضطراب وتسبب بانشقاق أكبر نجومه.
ترى المملكة الرياضة صيغة رابحة لتلميع صورتها، كجزء من حملة يقودها حاكمها الفعلي، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لتحويل الدولة من منتج نفط هادئ ومحافظ، إلى نقطة ساخنة ديناميكية للسياحة والاستثمار والتكنولوجيا المستقبلية، وأكثر من ذلك.
قال كريستيان كوتس أولريشسن، الباحث في سياسات الخليج في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس، عن رد فعل جماهير نيوكاسل: "ما هي الظروف الأخرى التي ستحصل فيها على ذلك للترحيب باستثمار سعودي؟ هذا يدل على جاذبية [هذا الخيار]".
يعتبر التمويل السعودي لجولة الغولف LIV الناشئة، أحدث مثال على ضخ الملكيات الخليجية لثروة نفطية هائلة في الرياضة والثقافة على مدار العقد الماضي أو أكثر، على أمل رفع مكانة بلدانهم الدولية، وتغيير طريقة النظر إليها في الغرب.
استضافت البحرين سباقات الفورمولا 1. وافتتحت دولة الإمارات فرعين لمتحف اللوفر وجامعة نيويورك في أبو ظبي، عاصمتها. كانت كرة القدم النخبة استثمارا شائعا بشكل خاص؛ اشترت العائلة المالكة الإماراتية فريق مانشستر سيتي، وهو فريق إنجليزي آخر، بينما استحوذت قطر على فريق باريس سان جيرمان في فرنسا. في وقت لاحق من هذا العام، ستكون قطر -وهي دولة ملكية صغيرة لم تكن لها سمعة في الرياضة قبل أن تبدأ في ضخ مليارات الدولارات في برنامجها لكرة القدم-، أول دولة عربية تستضيف كأس العالم لكرة القدم.
لكن من بعض النواحي، فإن السعوديين هم الذين لديهم أطول طريق ليقطعوه، وهم الذين قاموا ببعض التغييرات المذهلة في السنوات الأخيرة.
قاد الأمير محمد عملية إصلاح ضخمة تهدف إلى فطام اقتصاد المملكة عن النفط، وخلق وظائف في القطاع الخاص للشباب السعودي، الذين يشكلون أكثر من نصف السكان، وفتح المجتمع. لقد طور صناعة السياحة وحشد الاستثمار، وشجع الحفلات الموسيقية والأفلام للشباب السعودي الذين يعانون من الجوع منذ فترة طويلة لمثل هذا الترفيه، وأزال القيود التي أبقت النساء في العباءات السوداء من الرأس إلى أخمص القدمين، ومنعتهن من قيادة السيارات ومنعهن من الاختلاط مع الرجال في الأماكن العامة.
منذ عام 2015، عندما بدأ الأمير صعوده لقيادة المملكة، أنفقت السعودية مئات الملايين من الدولارات على الحفلات الموسيقية البراقة والمواقع التراثية والمعارض الفنية الرائعة ومهرجان الأفلام والعروض الثقافية الأخرى. كما استثمرت المملكة أكثر من 1.9 مليار دولار في الرياضة على مدى السنوات الخمس الماضية، وفقا لإحصاء صادر عن مجموعة جرانت ليبرتي لحقوق الإنسان ومقرها بريطانيا.
إلى جانب الاستحواذ على نيوكاسل ووصول LIV Golf Invitational، جولة الغولف الممولة سعوديا، دفعت السعودية أيضا لاستضافة مباريات ملاكمة رفيعة المستوى (100 مليون دولار)، سباقات الفورمولا 1 (65 مليون دولار لكل سباق، بحسب التقارير)، بطولة السنوكر (33 مليون دولار) وسلسلة من أحداث المصارعة الدولية للتسلية (500 مليون دولار). لقد تواصلت مع اتحاد التنس النسائي بشأن استضافة بطولة ما، حتى إنها تستثمر في الرياضات الإلكترونية.
في حين أنه لا يزال من غير الواضح مقدار الربح الذي ستحققه هذه الاستثمارات، فإنها تقدم مجموعة من الفوائد الأخرى.
على سبيل المثال، وضعت اسم السعودية في الأخبار بطرق غير مرتبطة بسجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان، أو تدخلها العسكري الذي وصل إلى طريق مسدود في اليمن، أو مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين في عام 2018، أو سجن المعارضين والناشطين وغيرهم من السعوديين ممن ينتقدون الحكومة.
بالنسبة إلى غرانت ليبرتي ونقاد آخرين، هذا هو بالضبط الهدف من فورة الإنفاق الرياضي.
اقرأ أيضا: أسر ضحايا "11 سبتمبر" يضغطون لتعطيل دوري غولف ممول سعوديا
قالت لوسي راي، التي عملت على تقرير غرانت ليبرتي الذي اتهم المملكة باستخدام المال لـ "غسيل" سمعتها، إذا ارتبط الرياضيون المشهورون عالميا والأحداث الرياضية بالبلد، "فهذا سيخلق سردية مفادها 'حسنا، إذا قبلوا هذا الأمر، فقد قبلوا البلد' .. إنه تحسين للنظرة إلى السعودية، وهو ما يريدون".
وأضافت أن الخطر يكمن في أن "نجوم الرياضة هؤلاء يدعمون نظاما وحشيا وقمعيا، يسكت أي شكل من أشكال المعارضة لمجرد وجود رأي مختلف عن النظام نفسه".
من خلال متحدثة باسم الحكومة، رفض المسؤولون السعوديون التعليق على هذا المقال.
إيكونوميست: الرياض تواصل محاولة تحسين سمعتها عبر المال
MEE: السعودية تستأجر شركة مرتبطة بمودي للتدقيق بالحجاج
هافنغتون بوست: ابن سلمان الرابح الأكبر من زيارة بايدن للرياض