ملفات وتقارير

أول "جبهة معارضة" للنظام السياسي بالعراق.. ما فرص نجاحها؟

من المقرر أن يشهد العراق انتخابات برلمانية مبكرة في 10 تشرين الأول/أكتوبر المقبل تلبية للحراك الشعبي- الأناضول
في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ عام 2003، أعلنت مجموعة من الأكاديميين والسياسيين العراقيين في داخل البلد وخارجه تشكيل "جبهة معارضة وطنية" تناهض العملية السياسية الحالية، وهدفها "الخلاص" من نظام ما بعد الاحتلال الأمريكي للعراق. 

على ضوء الإعلان، أثيرت تساؤلات حول فرص نجاح "جبهة المعارضة" في تحقيق أهدافها في الوقت الحالي، وإلى أي حد لديها القدرة على العمل في ظل الظروف التي يمر بها العراق، ولا سيما انفلات السلاح وسطوة المليشيات، وهل تحظى بدعم سياسي خارجي؟

"نظام بديل"

"جبهة المعارضة الوطنية" العراقية أعلنت في بيانها الأول، الجمعة الماضية، أنها تسعى إلى تحقيق "أهداف الشعب العراقي بالخلاص من النظام الحالي وإقامة البديل الوطني العراقي الذي يمثل إرادة العراقيين".

وأكدت أنها مع "تحركها ونضالها في داخل العراق، فسيكون لها حراك في المنافي لتعرية هذا النظام الفاسد، وسيتواصل العمل لكشف كل جرائم المليشيات والقمع، وكل سرقات اللصوص لإدانتهم أمام المحاكم الدولية وإسقاط الحماية التي يتصورون أن القانون الدولي قد يوفرها لهم على ما ارتكبوه بحق بلدنا وشعبنا، كي تتحرر إرادة الشعب ليتم إعادة بناء الحياة  في العراق".

وسمّت "الجبهة" ممثليها في جميع المحافظات ومن ضمنها إقليم كردستان العراق، للعمل والتواصل مع الشعب وبكل من يؤمن بوحدة العراق وسيادته على نفسه في محافظاتهم، وإدامة زخم الثورة وإدارة الحراك الشعبي والتظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات المنظمة.

وقال أحد مؤسسي "جبهة المعارضة" الدكتور أحمد الأبيض، في تغريدة على "تويتر"، الأحد؛ إنه "جرى تشكيل نواة قيادة الجبهة داخل الوطن، وأعلنت الأسماء ممثلين لكل المحافظات. ثانيا سوف نقوم بتشكيل نواة قيادة المنفى في الخارج،  وسوف يجري وضع ضوابط لذلك خلال الأيام المقبلة".


"خطوة جيدة"

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي إياد العنبر لـ"عربي21"؛ إنها "محاولة لإثبات أن هناك معارضة لمنظومة الفشل والفساد هذه وتراكماتها، وتحاول تأكيد وجود مشروع حقيقي بعدما فشلت القوى السياسية في تقديم معارضة داخل المؤسسات السياسية".

وأضاف العنبر أن "هذه المعارضة هي خارج المؤسسات السياسية الحالية، تحاول أن تبعث برسالة بأن المعارضة حتى وإن فشلت في ظل منظومة الفساد والفشل، فإنها من الممكن أن تتشكل من خارج الأحزاب السياسية؛ لأن الأخيرة لا تؤمن بمفهوم المعارضة".

ولفت إلى أن "هذه الخطوة بحد ذاتها في ظل مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، يمكن أن تطرح مشروعا حقيقيا تكشف فيه عن فساد النظام الحالي وفشله، وبرأيي هي خطوة جيدة".

وعن مدى نجاحها وكسب تأييد قوى الخارج، قال العنبر؛ إنه "لا يمكن الرهان في الظرف الحالي الذي يمر به العراق، على أن تكون هناك قوى خارجية بالإمكان أن تسند هذه المعارضة ويحدث تغيير عسكري، وأن يتحولوا بعدها إلى قادة".

ونوه العنبر إلى أن "المعارضة تطرح مشروعا لأن يكون هناك تبني وجهات نظر، تؤيد بأن هذا النظام غير قادر على تلبية حاجات المجتمع، وهي لا تنتظر دعما خارجيا؛ لأن هذا بحد ذاته سيجعلهم في حلقة مفرغة، مثلما كانت المعارضة في السابق تنتظر دعما خارجيا، ولولا هذا الدعم وإسقاط نظام صدام حسين، لما أتت إلى الحكم".

وبيّن الخبير العراقي أن المعارضة الآن تستغل كل المعطيات الموجودة في الداخل، وتقدم نفسها معارضة حتى لا يجري اتهامهم بأنهم تابعون لأحزاب؛ فعنوانهم الصريح معارضة، فهي تحاول أن تنضّج وتعقلن السخط في الشارع بعنوان "معارضة".

"تأييد الحراك"

وعلى نحو مماثل، قال الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي الدكتور فاضل البدراني لـ"عربي21"؛ إن "العملية السياسية بعد 2003 لم ترتقِ إلى مستوى النظام السياسي، وإنما هي عملية سياسية جاءت بتشكيل احتلالي أمريكي، ثم تحولت هذه العملية المكونة من أحزاب إلى معادلة سياسية تقوم بتقاسم الغنائم فيما بينها، ولذلك هي بدأت تأفل وتضعف يوما بعد آخر".

وأوضح البدراني أنه "بعدما كان يصطف الجمهور العراقي كلٌّ ضمن مذهبه وقوميته مع القوى السياسية الحاكمة بعد عام 2003، أصبحت الآن هذه القوى في مواجهة الجماهير ذاتها، وأصبحت الأخيرة بالضد منها، وكذلك تمترس القوى خلف المال والسلاح وبعض العناصر التي تنتمي إليها".

وأشار إلى أن "حراك تشرين/أكتوبر في 2019 أسس لمرحلة جديدة، وأنهى المرحلة التي بدأت في عام 2003، وأصبح الفاعل الأساسي اليوم هو الحراك الشعبي والقوى المعارضة".

وتابع: "تعتبر هذه الجبهة الجديدة أو تشكيل معارضة من النخب والأكاديميين والمثقفين وبعض السياسيين، وأن الجبهة ظهرت وهي تفهم طبيعة التعامل وتعرية هذه الأحزاب والقوى السياسية الذي أتت بعد 2003، التي فشلت في تقديم برامج تخدم الوطن، وإنما كانت برامجها عبثية وتسببت بتدمير البلد".

وأردف البدراني، قائلا: "بحكم قربي من جبهة المعارضة وشخصياتها القيادية، فإنها لا تريد أن تحصل على الشرعية من دول خارجية؛ لأنها ستكون بمستوى القوى الحزبية الماسكة بالحكم منذ 18 عاما، وإنما تريد الحصول على شرعيتها من تأييد الشارع العراقي، ومن خلال وعيها المجتمعي والسياسي، والوعي الوطني الذي تتسلح به وتنطلق أمام الجماهير العراقية".

وبرأي الخبير العراقي، فإنه "قد يطول عمر القوى السياسية الحالية وتستمر إلى انتخابات تشرين الأول المقبل، وتفوز أيضا فيها على أساس التزوير وشراء الذمم وعدم إقبال الجماهير، وهذا سيكون أكبر مكسب لجبهة المعارضة لإظهار الحقائق والبراهين على مدى تمسك القوى السياسية بالتزوير، لذلك مرحلة ما بعد الانتخابات سيكون دورها فاعلا".

وبحسب البدراني، فإن "جبهة المعارضة لن تشترك في الانتخابات، وتراهن على تعرية هذه القوى السياسية، ولا تريد أن تكون شاهد زور على عملية سياسية فاشلة نتجت عنها مجازر يومية وانتكاسات وخسائر بالأرواح بين العراقيين".

ومن المقرر أن يشهد العراق انتخابات برلمانية مبكرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، تلبية للحراك الشعبي الذي اندلع في تشرين الأول/أكتوبر عام 2019، وأدى إلى إقالة حكومة عادل عبد المهدي.

 

اقرأ أيضا: قتيل وجرحى في احتجاجات على انقطاع الكهرباء ببغداد (شاهد)