قال الكاتب جوناثان كوك، إنه وبعد سنوات من التحريض ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، يخرج نتنياهو الآن على الملأ منتحلاً كنية "أبو يائير" بينما يبدي حرصه على احتساء القهوة مع رؤوس القوم من البدو.
وفي مقاله المنشور في "ميدل إيست آي" قال إن نتنياهو يحاول كسب أصوات العرب في أراضي الداخل، بعد أن كان يهاجم منافسيه سابقا ناعتا إياهم بـ"محبي العرب".
ويحاول نتنياهو خوض حرب قذرة في رابع انتخابات خلال عامين، بهدف تحقيق فوز كاسح يعطيه أغلبية برلمانية.
وللتقرب إلى العرب، منح نتنياهو نفسه كنية عربية "أبو يائير" ووضعها على لافتات كبيرة في المناطق العربية.
بل وصرح أيضاً أنه قد يعين في وزارته أول مسلم ينضم إلى قائمة مرشحي حزب الليكود، رغم أن نائل زعبي ليس في وضع يؤهله واقعياً للفوز بمقعد في البرلمان.
وتاليا المثال كاملا:
بينما تشهد البلاد عودة إلى الحملات الانتخابية من جديد، سوف يتوجه الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع للمرة الرابعة خلال عامين، حيث ستجري انتخابات برلمانية حامية الوطيس تحتدم فيها المنافسة.
ومرة أخرى يخوض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حرباً قذرة ضد خصومه رجاء أن يحقق فوزاً ساحقاً عله يتمكن من أن يحظى بأغلبية برلمانية تهيئ له تمرير تشريع يوقف محاكمته الحالية أمام القضاء بتهمة الفساد.
إلا أن ثمة ما هو مختلف كثيراً هذه المرة.
فبعد ستة أعوام من الحملات الانتخابية كان نتنياهو أثناءها يصنف أصوات الأقلية الفلسطينية الكبيرة في البلاد على أنها تهديد لما تزعم إسرائيل أنه نظامها الديمقراطي – وبينما كان يهاجم منافسيه السياسيين ناعتاً إياهم بـ "محبي العرب" – يبدو أنه دخل في حوار يليق بمقام القديس بولص بينما كان في الطريق إلى دمشق.
الظهور بلقب "أبو يائير"
أبدى نتنياهو في هذه الانتخابات حرصاً شديداً على كسب المواطنين الفلسطينيين في البلاد والذين يبلغ تعدادهم ما يقرب من 1.8 مليون نسمة، لدرجة أنه نشر في بلداتهم يافطات إعلانية يقدم من خلالها نفسه على أنه "أبو يائير" – في محاكاة للتقليد العربي الذي يلقب الأب بكنية مستمدة من اسم ابنه البكر.
ولقد قام في هذه الأثناء بزيارات خلال الشهور الثلاثة الماضية إلى المجتمعات الفلسطينية المهملة داخل إسرائيل يزيد عددها عن كل ما قام به من زيارات طوال عمله في حقل السياسة منذ زمن بعيد.
وكذلك تعج حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من الكلام حول سياسته الجديدة في حسن الجوار، ويظهر في مقاطع فيديو منشورة على موقع تيك توك وهو يجلس القرفصاء مبتسماً على بسط داخل خيمة صحراوية يحتسي القهوة مع رؤوس القوم من البدو.
بل وصرح أيضاً أنه قد يعين في وزارته أول مسلم ينضم إلى قائمة مرشحي حزب الليكود، رغم أن نائل زعبي ليس في وضع يؤهله واقعياً للفوز بمقعد في البرلمان.
يقول حلفاء نتنياهو إن ذلك الهجوم الساحر يؤتي أكله وأن حزب ليكود قد يكسب مقعداً أو اثنين من أصوات الفلسطينيين، ولذلك يحتمل أن يشكلوا عاملاً مهماً في فوزه بالانتخابات.
إنها عملية التجميل السياسي التي لم تكن لتخطر ببال.
فرصة ضائعة
في هذه الأثناء، يسير سياسيون إسرائيليون آخرون على نهج نتنياهو، إذ يبدو أنهم نسوا أنه فقط قبل شهور قليلة كان يعتبر الارتباط بالمشرعين الفلسطينيين في البلاد وبالجمهور الذي يمثلونه خطيئة كبرى، لدرجة أن منافسه الرئيس في الانتخابات الماضية، بيني غانتز زعيم حزب أزرق وأبيض، أهدر فرصة سانحة لإبرام تحالف مع الأحزاب الفلسطينية كان يمكن أن يفضي إلى خلع نتنياهو، واختار بدلاً من ذلك أن ينضم إلى حكومته.
يبدو اليوم وكأنما حصل ذلك منذ زمن بعيد.
إلا أن جدعون سعار، الذي انشق عن حزب الليكود الذي يترأسه نتنياهو في هذه الانتخابات ليشكل فصيلاً خاصاً به تحت اسم "الأمل الجديد"، اتهم رئيس الوزراء بعدم القيام بما يكفي لضمان سلامة المواطنين الفلسطينيين.
أما نفتالي بينيت، الذي يترأس حزب يمينا اليميني المتطرف، ففتح "مكتباً ميدانياً جديداً للقطاع العربي" وتعهد بألا يقل التزامه تجاه المواطنين الفلسطينيين عن التزامه تجاه مواطنيهم اليهود.
وأما الرجل الثاني في حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يترأسه أفيغدور ليبرمان، والذي اشتهر عنه التهديد بإسقاط الجنسية عن الفلسطينيين "الخونة"، فطالب بحق المساواة للأقلية، كما تبرأ إيلي أفيدار علانية من قانون الدولة القومية، والذي ينكر حق الفلسطينيين في تقرير المصير في المنطقة أسوة باليهود.
من الزعبيين إلى فجر جديد
إذا كان اليمين يسعى إلى إغراء الناخبين الفلسطينيين بشكل مباشر، فإن الأحزاب التي يسميها الإسرائيليون "يسار الوسط" تبدو الآن مستعدة لإبرام شراكة مع القائمة المشتركة، والتي تعتبر ائتلافاً انتخابياً ما بين الأحزاب الفلسطينية الرئيسية.
فهذا يائير لابيد، الذي أساء إلى المواطنين الفلسطينيين من قبل حينما نعتهم مستهزئاً بالزعبيين، نسبة إلى حنان الزعبي السياسية الفلسطينية غير المحبوبة من قبل الناخبين اليهود، قد تعهد بدخول فجر جديد من العلاقات اليهودية العربية قائلاً: "نحن تغيرنا، وهم تغيروا."
وقالت الزعيمة الجديدة لحزب العمل ميراف ميخائيلي إن التحالف مع القائمة المستقلة لم يعد ثمة مفر منه. يعد ذلك تغيراً كبيراً في الموقف مقارنة بما كان عليه أسلافها، الذين كان إسحق هيرتزوغ مؤخراً واحداً منهم، وهو الذي كان يحث أعضاء حزب العمل على التخلص من الشعور إنهم كانوا بحاجة للتصرف كما لو كانوا "محبين للعرب".
ثم هناك حزب ميريتز، أكثر الأحزاب الصهيونية ليبرالية، والذي قدم مرشحين فلسطينيين للتنافس في اثنتين من أهم خمس دوائر لديه – بما يعادل ضعف نسبتهم السكانية. وأعلن رئيس الحزب نيتزان هوروفيتز بكل فخر: "أعتقد أنه لم يحصل منذ إقامة الدولة أن وجدت مثل هذه النسبة من العرب إلى اليهود في أي حزب سياسي من قبل."
تموضع ماكر
ما الذي يفسر هذا التبدل الظاهر في مشاعر نتنياهو إذن؟ ولماذا نجم عن ذلك إحداث تغير سريع في مقاربات الأحزاب الصهيونية الأخرى تجاه الأقلية الفلسطينية؟
أصدر عضو القائمة المشتركة يوسف جبارين بياناً هذا الأسبوع صرح فيه أن الجمهور الفلسطيني "لا ينخدع باهتمام بنيامين نتنياهو المفاجئ بمجتمعنا. فتركته معنا هي التحريض العنصري ضدنا."
يقر المحللون الذين تحدث معهم موقع ميدل إيست آي بأن نتنياهو منهمك في مزيد من التموضع السياسي الماكر، ويشيرون إلى أن من المفارقة أن ما يقوم به حالياً من غزل مع الجمهور الفلسطيني إنما يدل على أن الأحزاب الفلسطينية باتت أضعف وأكثر تشرذماً من أي وقت مضى.
وتقول ديانا بطو، المواطنة الفلسطينية في إسرائيل والمستشارة السابقة للسلطة الفلسطينية: "يتعلق هذا الأمر في الواقع ببحث نتنياهو عن سبيل جديد للإضرار بالمجتمع الفلسطيني في إسرائيل خدمة لمصالحه الخاصة."
يتفق معها في ذلك مايكل وارشوسكي، مؤسس مركز المعلومات البديلة الذي ما لبث يعمل منذ مدة طويلة على تشجيع الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إذ يقول: "تكمن قوة نتنياهو في قدرته على تثبيت الأجندة السياسية في إسرائيل، وهو أمر لا ينافسه فيه سياسي آخر."
ويضيف وارشوسكي: "عندما يحرض ضد السكان الفلسطينيين يخشى منافسوه من أن يتشكل عنهم انطباع بأنهم "موالون للعرب". ثم عندما يضفي مشروعية على الجمهور الفلسطيني، تجد الجميع يسارعون إلى تبني أجندته."
الحاجة إلى أغلبية واضحة
يشير المحللون إلى أن تغير أسلوب نتنياهو ما هو سوى استراتيجيته الأخيرة التي يسعى من خلالها إلى إضعاف الصوت الفلسطيني في إسرائيل.
لم يزل نتنياهو يبحث عن وسيلة لحل مشكلة التعامل مع كتلة الناخبين الكبيرة للأقلية الفلسطينية منذ أن شكل أحزابها الأربعة فيما بينهم القائمة المشتركة لخوض الانتخابات التي جرت في عام 2015.
منذ ذلك الحين والقائمة المشتركة تخرج من كل انتخابات وهي ثالث أكبر حزب في البرلمان بفضل اجتماع الناخبين الفلسطينيين حولها بشكل متزايد، حتى أنها فازت في العام الماضي بخمسة عشر مقعداً في البرلمان المكون من 120 مقعداً.
وكان لها دور فاعل في إعاقة جهود نتنياهو لتشكيل حكومة ائتلاف قومي متطرف تحظى بأغلبية من المقاعد تسمح له بتمرير قانون الحصانة لقطع الطريق على محاكمته.
"يأتون من كل حدب وصوب زرافات ووحدانا"
لاحظت ديانا بطو أن نتنياهو حاول في عام 2015 إبطال نفوذ القائمة من خلال تخويف قاعدتها الانتخابية من التصويت بأعداد كبيرة، وحينها حذر اليمين، كما هو مشهور عنه، من أن "العرب يأتون من كل حدب وصوب زرافات ووحداناً" – وهو التصريح الذي ندد به حينها الرئيس الأمريكي باراك أوباما.
وحينما جاء موعد انتخابات 2019، بدل نتنياهو من أساليبه وسعى إلى تخويف الأقلية الفلسطينية وحملهم على البقاء في بيوتهم، فأرسل عناصر من حزب الليكود إلى مراكز الاقتراع في المجتمع الفلسطيني لرصد الانتخابات وجهزهم بكاميرات من النوع الذي يثبت على البدن.
وبعد أن قررت المحاكم بأن استخدام حزبه للكاميرات كان عملاً غير مشروع، لجأ نتنياهو في الانتخابات التالية إلى التشهير بالجمهور الفلسطيني متهماً الفلسطينيين بأنهم "عازمون على إبادتنا جميعاً."
ثم بعد أن أدت كل هذه الأساليب المختلفة إلى نتائج عكسية، قرر نتنياهو الآن انتهاج أسلوب يتوقع له أن يكون أكثر نجاحاً، ألا وهو "فرق تسد".
عرب صالحون وعرب طالحون
يقول أمل جمال المتخصص في العلوم السياسية في جامعة تل أبيب إن نتنياهو ابتعد عن التحريض ضد الجمهور الفلسطيني وبات يركز بدلاً من ذلك على اتهام القائمة المشتركة بخيانة مؤيديها.
ويضيف أمل جمال: "تتعلق هذه الانتخابات بالتمييز بجلاء بين العرب الصالحين والعرب الطالحين، بين العرب البراغماتيين والعرب الجامدين، بين أولئك الذين لديهم الاستعداد للعمل مع نتنياهو بشكل مثمر وبين من لا يرغبون في ذلك."
يتم من خلال هذا الخطاب السياسي الجديد تقديم جميع المواطنين الفلسطينيين على أنهم حريصون على تحسين وضعهم بمساعدة من نتنياهو بينما يشكل قادتهم عقبة تحول دون تحقيق التقدم.
ونتيجة لذلك يعمل نتنياهو على إقناع المجتمعات الفلسطينية بتهيئة أنفسهم للفوائد التي ستجنيها الأقلية من فوز نتنياهو بفترة أخرى في الحكومة.
وقام في هذا السياق بتسليط الضوء على دوره في توفير المطاعيم لإسرائيل من حيث لم تكن تحتسب، ووعد بتخصيص ميزانيات إضافية لوقف موجة العنف الإجرامي الذي تعاني منه المجتمعات الفلسطينية، والناجم إلى حد بعيد عن سنوات طويلة من إهمال الشرطة وعدائها.
كما اقترح أيضاً أن الأقلية الفلسطينية، لو كانت تتطلع نحو المستقبل، فالأفضل لها أن تتأهب لجني الثمار التي سوف تغدقها صفقات السلام التي أبرمت مؤخراً مع دول الخليج، بما يعني أن عقوداً من التمييز المنتظم توشك على الانتهاء.
وفي خطاباته، أعلن نتنياهو للمواطنين الفلسطينيين إن "ليكود هو بيتكم".
ميثاق مع القوة اليهودية
قلة قليلة من المحللين يعتقدون بأن المواطنين الفلسطينيين سوف ينطلي عليهم ذلك وسيصوتون لنتنياهو، الذي غدا بلا منازع أطول رؤساء وزراء إسرائيل مكوثاً في الحكم، لما يزيد عن عقد من الزمن.
يقول أمل جمال: "عندما يخاطب الجمهور الفلسطيني فإنه يهين ذكاءهم – كما لو أنهم نسوا تحريضه ضدهم ودوره في تمرير القوانين العنصرية طوال القرن الماضي. إنه يتعامل معهم كما لو كانوا معتوهين."
وفي نفس الوقت الذي يسعى فيه نتنياهو إلى إغواء الأقلية الفلسطينية وإغرائها، فإنه يعكف على إقامة تحالف انتخابي مع حزب السلطة اليهودي، وهم فئة ممن كانوا في السابق أعضاء في مجموعة كاخ التي أسسها مائير كاهانا، وهي مجموعة معروفة بمعاداتها الشديدة للعرب، وصدر بحقها قرار حظر بوصفها منظمة إرهابية في تسعينيات القرن الماضي.
ومع ذلك فقد نجحت مناورات نتنياهو في مفاقمة السخط داخل القائمة المشتركة، ونجم عن ذلك انفصال واحد من أحزابها الأربعة، القائمة العربية الموحدة، ذلك الفصيل الإسلامي المحافظ.
ويقول أمل جمال إن نتنياهو يكرر استخدام نفس الاستراتيجية التي لجأ إليها ضد غانتز وحزب أزرق وأبيض بعد الانتخابات السابقة قبل ما يقرب من عام.
ويضيف: "كان الهدف من قبل ولا زال هو تعطيل قدرة أي كتلة من الأحزاب على تشكيل حكومة منافسة، وذلك من خلال إضعاف الكتلة. لقد نجح من قبل في شق أزرق وأبيض، وها قد فعل نفس الشيء الآن وشق القائمة المشتركة وشتت شملها."
يناظر غانتز في الحملة الحالية منصور عباس زعيم القائمة العربية الموحدة، والذي تم إغراؤه بالترشح بشكل مستقل عن القائمة المشتركة، فيما يبدو ظناً منه بأن بإمكانه الاستفادة من توجه نتنياهو الأخير نحو الأقلية بالإحسان.
ينشط عباس في الحملة الانتخابية الحالية باعتبار أنه الوحيد الذي بإمكانه الحصول على تنازلات من نتنياهو لصالح الأقلية، بل لقد أشار بأنه قد يكون مستعداً لتمرير قانون الحصانة لمساعدة نتنياهو في الخلاص من محاكمته بالفساد أمام القضاء.
غر سياسي
يتبين من استطلاعات الرأي بأن حزب منصور عباس يحوم حول عتبة الأربعة مقاعد التي يحتاجها لكي يلج إلى البرلمان.
ولكن ديانا بطو تنعت منصور عباس بالغر السياسي الحريص على صنع اسم لذاته، وحذرت من أن تفتت القائمة المشتركة سوف يؤدي يقيناً إلى تراجع إقبال المواطنين الفلسطينيين على الاقتراع وتآكل دعمهم لها.
ما يهم بالنسبة لنتنياهو هو أنه وضع نفسه في الخانة التي ستعود عليه بالمكاسب بغض النظر عن النتائج.
وفي ذلك تقول ديانا بطو: "لو حصل حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو على بعض الأصوات الإضافية من هذا الهجوم الساحر، فإنه يكسب. ولو تقلصت أعداد الفلسطينيين المشاركين في الاقتراع لصالح القائمة المشتركة بسبب إصابتهم بخيبة أمل، فإنه يكسب. وفيما لو تجاوز منصور عباس العتبة ومنح الدعم لنتنياهو، فإنه يكسب."
ومع ذلك فقد احتاج نتنياهو إلى تلمس طريقه بحذر في هذه الحملة. ولذلك فقد حرص على النأي بنفسه عن منصور عباس لسببين، لكي يتجنب تشكيل انطباع عن زعيم القائمة العربية الموحدة بأنه خائن لشعبه، ثم لكي يتجنب إقصاء القاعدة الشعبية الخاصة به هو.
وفي ذلك يقول أمل جمال: "لو احتاج نتنياهو إلى منصور عباس بعد الانتخابات فسوف يقول لأنصاره بأنه لم يكن لديه خيار آخر، وإلا فإن اليسار كان سيفوز."
القتال من أجل البقاء
نجم عن تشرذم القائمة المشتركة فتح الباب على مصراعيه أمام إمكانيات باتت متاحة للأحزاب الصهيونية اليمينية، وخاصة تلك التي تحرص من بينها على جذب العدد القليل من المواطنين الفلسطينيين الذين صوتوا "بشكل براغماتي" لصالح حزب غانتز في الانتخابات الماضية.
ولقد لاحظ وارشاوسكي أن احتضان الأقلية الفلسطينية من قبل ما يسمى يسار الوسط الصهيوني يمثل قضية مختلفة.
ويشير في هذا الصدد إلى المظاهرة الضخمة التي نظمت في تل أبيب للاحتجاج على قانون الدولة القومية في عام 2018. ويقول إن تلك كانت المرة الأولى التي سمح فيها الليبراليون اليهود للسياسيين الفلسطينيين باتخاذ مواقع ريادية في احتجاج يتم تنظيمه داخل مدينة إسرائيلية رئيسية.
ويضيف: "إننا نشهد تطوراً تدريجياً في تفكير هؤلاء "المعتدلين" إذ يرون أن موقفهم يزداد ضعفاً في مواجهة اليمين."
ويقول: "لقد بدأوا متأخرين جداً في إدراك أن بقاءهم السياسي يعتمد على إبرام تحالف مع السكان الفلسطينيين ومع زعمائهم. وإلا، فإنهم سينتهون تماماً كمعارضين لنتنياهو."
حكومة محتلين
وبحسب ما يقوله أمل جمال وكذلك ديانا بطو فإن الأقلية الفلسطينية ستواجه لحظة بالغة الخطورة فيما لو تمكن منصور عباس من تجاوز العتبة الانتخابية ثم اختار المشاركة في حكومة يقودها نتنياهو.
ورفض أمل جمال مقارنة ذلك بقرار الأحزاب الفلسطينية دعم إسحق رابين من خارج حكومته في مطلع عقد التسعينيات من القرن الماضي. وقال: "إنما فعلوا ذلك حينها من أجل أوسلو. أما الآن فلا توجد عملية سلام، ولا حتى واحدة تلوح في الأفق. بل الأمر في الواقع على العكس تماماً من ذلك. لا يوجد هناك سوى خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والحديث عن ضم الضفة الغربية. ولذلك فالأجواء مختلفة تماماً عما كانت عليه حينذاك."
أما بطو فقالت إن كارثة ستقع لو أن منصور عباس أصبح وزيراً في حكومة المحتلين. وأضافت: سوف يضفي ذلك مشروعية على حكومة تحاصر غزة، وتسقط القنابل على الفلسطينيين، وتمول المستوطنات. إن من شأن لعب دور صانع الملوك أن يحدث صدعاً عميقاً ودائماً داخل المجتمع الفلسطيني. ولسوف يقوض ذلك من المنطق الذي تبرر به السياسة الفلسطينية داخل إسرائيل.
فتح تنفي تشكيل قائمة مشتركة مع حماس لخوض الانتخابات
تجدد الجدل حول مشاركة فلسطينيي 48 بانتخابات الكنيست
ما هي أسباب ودلالات التوتر الأخير بين الأردن والاحتلال؟