اقتصاد عربي

بهذه الطريقة يقدم الصندوق السيادي بنوك مصر هدية للإمارات

قانون البنوك الجديد الذي أعده البنك المركزي يلزم المصارف برفع رأس مالها بحد أدني إلى 5 مليار جنيه- أ ف ب/ أرشيفية

بعد أقل من أسبوع على إعلان بنك أبو ظبي الأول، دخوله في مفاوضات لشراء بنك عودة اللبناني بمصر، أعلنت وزيرة التخطيط ورئيس مجلس إدارة الصندوق السيادي بمصر هالة السعيد، وجود مفاوضات مع "شركة أبوظبي التنموية القابضة" (الصندوق السيادي لأبو ظبي)، لشراء حصة أغلبية في بنك الاستثمار العربي المملوك للحكومة المصرية.


وبالتزامن مع إعلان الوزيرة المصرية، سرب الإعلام الإماراتي معلومات عن دخول بنك المشرق في مفاوضات للاستحواذ على حصة حاكمة من بنك الاستثمار العربى، الذي تساهم فيه الحكومة المصرية بحصة 91.42 بالمئة، كما كشفت المعلومات عن إبداء البنك الإماراتي رغبته في شراء 45 بالمئة من أسهم بنك القاهرة، التي تعتزم الحكومة المصرية طرحها قبل شهر حزيران/ يونيو المقبل.


تصريحات الوزيرة التي جاءت خلال مؤتمر الإعلان عن وصول عدد سكان مصر 100 مليون نسمة، يوم الثلاثاء (11 شباط/ فبراير الجاري)، تم حذفها من المواقع الإخبارية التي قامت بنشرها، بعد ساعتين من النشر، كما وصلت تعليمات من جهات سيادية لوسائل الإعلام بعدم الحديث حول تصريحات الوزيرة، بالبرامج الفضائية والتغطيات الإعلامية المختلفة.


وكشف صحفي مصري مختص في الشأن الاقتصادي، أن مسؤولي التحرير أبلغوهم، بأن "تعليمات عليا جاءتهم لحذف الخبر، وعدم الحديث عنه في وسائل الإعلام"، موضحا أن مواقع اقتصادية متخصصة مثل "المال" و"البورصة"، حذفت الخبر بعد نشره بساعتين، ولكنه مازال موجودا في مواقع أخرى نقلت الخبر عن المواقع السابقة.


ولم يوضح الصحفي المصري (رفض الكشف عن هويته تحسبا للمشاكل الأمنية التي يمكن أن يتعرض لها)، عن دوافع السلطات للمطالبة بحذف الخبر وعدم الحديث عنه، لكنه أكد أن الموضوع مرتبط بالصندوق السيادي المصري، الذي سيقوم بعملية البيع بعد نقل ملكية بنك الإستثمار العربي للصندوق بشكل غير مُعلن.


وكانت وزيرة التخطيط أكدت في تصريحاتها المتعلقة بالصفقة المنتظرة، أن العرض الإماراتي يأتي في إطار الشراكة التي وقعتها الشركة الإماراتية، مع صندوق مصر السيادي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، لتأسيس منصة استثمارية إستراتيجية مشتركة بقيمة 20 مليار دولار للاستثمار المشترك في مجموعة متنوعة من القطاعات والمجالات والأصول.

 

اقرأ أيضا: كيف يهدد بيع بنك القاهرة الأمن القومي والاقتصاد المصري

"تلاعب وعمولات"


وفي تقييمه للارتباك الذي جرى بعد إعلان الوزيرة المصرية بشكل رسمي عن بيع بنك الاستثمار العربي للإمارات، يؤكد خبير الاقتصاد المصري المقيم بالولايات المتحدة، محمد كمال عقدة، أنه نتيجة طبيعية للعشوائية وغياب الشفافية التي يتعامل بها نظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي مع مختلف القضايا التي تخص الشأن المصري، سياسيا واقتصاديا.


ويوضح عقدة لـ "عربي21"، أن العشوائية والارتباك الأخير لا ينفصلوا عن العشوائية التي جرت قبل أيام مع صفقة بيع حصة شركة فودافون العالمية لشركة الاتصالات السعودية في شركة فودافون مصر، وهو نفس الارتباك الذي جرى مع قرارات تحرير سعر الصرف، وتعويم الجنيه، ورفع الدعم وتحرير سعر المحروقات، وإنشاء العاصمة الإدارية وغيرها من القرارات التي لم تعرف أية دراسة جدوى علمية، وكانت النتيجة هي خسارة الاقتصاد المصري المتواصل، بالإضافة إلى أن غياب الشفافية ووجود تلاعب وعمولات أصبحت أمور مقترنة بالنظام المصري الحالي.


ويستدل عقدة بالتصريحات السابقة للمدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي عن وجود مفاوضات مع جهات لم يسمها من أجل الاستحواذ على بنك الاستثمار العربي، المملوك لبنك الاستثمار القومي، وتم نقله للصندوق السيادي.

 

اقرأ أيضا: بنك "أبو ظبي الأول" يفصل مئات الموظفين لهذا السبب

ويعدد الخبير الاقتصادي، الأسباب التي تدفع الإمارات للاستحواذ على البنوك المصرية، وخاصة الحكومية مثل بنكي الاستثمار العربي وبنك القاهرة، موضحا أن صفقة البنك الأول يعد جزءا من الاتفاق الذي عقده السيسي خلال زياراته الأخيرة لأبو ظبي، بإنشاء شراكة بين الصندوق السيادي لأبو ظبي والصندوق السيادي المصري، والبنك الثاني يمثل أهمية لأبو ظبي، نظرا لأصوله وحجم تعاملاته الكبيرة داخل مصر وخارجها.


وحسب عقدة فإن الإمارات لديها سياسة ثابتة وهي استغلال الأزمات الاقتصادية للدول، لشراء المؤسسات الاقتصادية وخاصة البنكية بثمن بخس، لا يتناسب على الإطلاق من قيمة أصول وحجم أعمال هذه المؤسسات، وهو ما يبرر رغبتها في شراء بنك عودة اللبناني، وسعيها الجاري لشراء بنكي الاستثمار العربي والقاهرة الحكوميين.


"ثمن بخس"


ويحمل عضو مجلس الشوري المصري السابق طارق مرسي، قانون البنوك الجديد الذي أعده البنك المركزي، مسؤولية بيع البنوك المصرية، بصرف النظر عن المشتري، مشيرا إلى أن القانون يلزم البنوك برفع رأس مالها بحد أدني إلى 5 مليار جنيه (320 مليون دولار)، للبنوك المحلية، و(150 مليون دولار) لفروع البنوك الأجنبية.


ويؤكد مرسي لـ "عربي21"، أن ما يحدث الآن هو بيع البنوك الحكومية الأقل لإنقاذ البنوك الأكبر، كما يحدث مع بنك القاهرة، الذي سيتم توجيه مقابل بيعه لرفع رأس مال بنكي الأهلي ومصر الحكوميين، وفقا لتصريحات البنك المركزي الرسمية.


ويحذر البرلماني السابق من الشراكة التي وقعها الصندوق السيادي المصري مع الصندوق السيادي لأبوظبي، موضحا أنها ستكون سببا في بيع مصر كلها، وليس البنوك فقط للإمارات بثمن بخس، في ظل غياب الرقابة والمحاسبة البرلمانية والرقابية.