مقالات مختارة

رجل في "العهد المخنّث"

1300x600

تحية إكبار وتقدير أوجهها إلى الأخ الفاضل الشريف مرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة الكويتي.
 
لا أعرف هذا الرجل الشريف، ولا يجمعني به إلا دم العروبة الزكي، وأخوة الإسلام الحنيف، وأحمل لدولته الكويت الشقيقة اعترافا بجميل أسدته إلى الجزائر في أيام محنتها، وبعد تطهيرها من الرجس الفرنسي، وقد كنت أحد الجزائريين الذين مسّهم هذا الجميل، إذ كنت أحد الطلاب الجزائريين الذين درسوا في الكويت، وقد وفّرت لنا الكويت كل شيء، ولم نحتج إلى أي شيء، دون أن تمن علينا، أو تجرح كرامتنا.

فللكويت كل مشاعر التقدير، وحفظها الله – عز وجل- من كل سوء.
إن الأمر الذي دعاني إلى توجيه هذه التحية هو الموقف الشريف الذي وقفه هذا الرجل، وهو موقف يدل على مروءة صاحبه ونبله، وقد وقفه في أعمال الدورة الثلاثين الطارئة للاتحاد البرلماني العربي، التي عقدت في عمّان بالأردن مؤخرا.

لقد أمسك هذا النائب الحر والرئيس المحترم بتلك الأوراق التي تحتوي على ما يسمى "صفقة القرن"، ورمى بها في سلة المهملات قائلا بلسان عربي، لا عجمة فيه: "باسم الشعوب العربية أقول هذه صفقة القرن ومكانها في مزبلة التاريخ". (الشروق 9/2/2020 ص11).

إن الرجولة ليست أعدادا بشرية كثيرة، وليست أموالا وفيرة، ولكنها مواقف شريفة، فهناك دول عربية ما يصل عدد أفرادها إلى مائة مليون ويزيدون، ويعد جيشها من أكبر الجيوش، وهناك دول عربية ما تملك من الأموال يغطي مساحة الكرة الأرضية وهناك… وهناك…. ولكن هذه الدول سارعت إلى الموافقة على هذه الصفقة قبل أن يعلنها "تاجر البندقية" المتهوّد ترامب.. ولو كان قادة هذه الدول "العربية" على شيء لاتخذوا من سامريّ العصر خادما في قصورهم، مادام إله هذا السامري هو "العجل الذهبي". وأنى لهؤلاء الحكام أن "يعقلوا" وعقولهم معقولة بالعقال الذي وضعه أجدادهم للرّجل، فنقلوه إلى الرّأس.. كما يقول إمام الرجولة والحكمة محمد البشير الإبراهيمي.

وإن تعجب فاعجب لأمريكيين، بل وليهود يرفضون هذه الصفقة الخاسرة، ويبارك "عرب"، و"مسلمون" يزعمون أنهم أهدى سبيلا وأقوم قيلا، وأتبع لمحمد (صلى الله عليه وسلم) قمة الشرف والعزة والمروءة، الذي قال: "أنصر أخاك…." وجاء بقوله الله -عز وجل- "وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر". ولكنهم قوم لا يؤمنون، ولا يعقلون.

فتحية مرة أخرى إلى الأخ الفاضل مرزوق الغانم على مروءته، ورجولته أمام هؤلاء المسئولين العرب الذين ينطبق على جمعهم تسميته "جمع المخنّث السالم"، كما قال الإمام الإبراهيمي.

(الشروق)