سياسة عربية

علاء عبد الفتاح: لهذه الأسباب لا أطالب برحيل فوري للسيسي

عبدالفتاح دعا "أولياء الدم من كل الأطراف إلى تأجيل القصاص مقابل ضمانة ألا تتكرر المذابح والتفجيرات"- أرشيفية

* ثورة يناير هُزمت.. وأدعو إلى أن نضحي بأحلامنا حتى يتمكن أبناؤنا من الحلم

 

* أدعو أولياء الدم من كل الأطراف إلى تأجيل القصاص مقابل ضمانة ألا تتكرر المذابح والتفجيرات

 

* أرى ضرورة تأجيل طرح ملف "العدالة الانتقالية" وكل ما يثقل على المؤسسات الحالية والتركيز على المستقبل

 

* لُبّ الأزمة يتخطى آلية انتقال الحكم ولا بد من إطلاق آلية للتباحث والتصارح في الأزمات المصرية

 

* يمكن استغلال الفترة المتبقية من حكم السيسي وفقا لدستور 2014 في معالجة هذه القضايا

 

قال الناشط السياسي المصري البارز، علاء عبد الفتاح، إن ثورة يناير هُزمت، ومن الصعب أن تلحق مصر بالدول التي ترسخت فيها الديمقراطية، داعيا من وصفهم بأولياء الدم من كل الأطراف إلى تأجيل "القصاص مقابل ضمانة ألا تتكرر المذابح والتفجيرات"، وكاشفا عن أنه لا يطالب برحيل فوري لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، لأن "خلق صراعات في هذه اللحظة الهشة أمر شديد الخطورة"، بحسب رأيه.

جاء ذلك وفقا لما نشرته صفحة "الحرية لعلاء عبد الفتاح" على "فيسبوك"، أثناء نظر تجديد حبسه أمام نيابة أمن الدولة في 22 كانون الثاني/ يناير الماضي، حيث قرر علاء أن يستجوب نفسه بنفسه، وأن يعرض أفكاره أمام وكيل النيابة حينها.

وأشار عبد الفتاح إلى أن وضعه في السجن لم يتغير، حيث إنه تم منعه من التريض، والكتب، والجرائد، والراديو، والمياه الساخنة، مشيرا إلى أنه متمسك بالشكاوى والبلاغات التي سبق وقدمها هو وأسرته.

 


وبشأن الاتهامات الموجهة إليه، قال: "لقد طلبت طوال الجلسات الماضية بأن يتم استكمال التحقيق معي، وأنا في حيرة من أمري فهذه ليست أول مرة أمثل فيها أمام نيابة أمن الدولة، ولا أول مرة أتعرض فيها للحبس نتيجة مواقفي السياسية، ولكن أول مرة لا أفهم طبيعة التهم أو الوقائع المحبوس على أساسها".

وتابع: "حينما اتهمت في تظاهرة مجلس الشورى لم أنكر، ولكني دفعت بعدم دستورية قانون التظاهر. وعلمت أن هناك مئات القضايا في تهم مشابهة لا تتم إحالتها، وأنا مستغرب فأنا لا أفهم الدوافع السياسية وراء احتجازي هذه المرة؛ فقد سبق وشرحت للنيابة العامة أنه تم الإفراج عني بعد 5 سنوات سجن، وأقضي مراقبة شرطية 12 ساعة يوميا وطبيعة مسؤولياتي الأسرية والمهنية شغلتني تماما عن أي عمل عام له طبيعة سياسية".

 

اقرأ أيضا: أبو الغيط يحمل ثورة يناير مسؤولية الفشل بملف سد النهضة

واستدرك عبد الفتاح بقوله إن التفسير الوحيد لاحتجازه هو أن هناك تصورا مسبقا لدى الأجهزة الأمنية بشأن تاريخ سابق، ومحاولات تشويه مستمرة من بعد ثورة يناير.

وأضاف: "أنا محبوس كإجراء احترازي بسب وضع سياسي مأزوم، وهناك خوف من اشتباكي معه. أنا محبوس بسبب مواقفي السابقة -والتي لا أنكرها- لكني الآن أرى أن المجتمع المصري مُنهك من عدة مشاكل ومن سوء إدارة، وحل هذه الأزمة يتخطى الرئيس ويحتاج منا أن نفكر في كيفية ترميم هذا الوطن، وأن نحل بعض أزماته".

وأكد عبد الفتاح، وهو أحد أهم رموز ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، أن "الأجهزة الأمنية صارت عاجزة عن فهمي وفهم ما يدور في عقول وقلوب أمثالي، لذا فاليوم أحاول أن أعرض بشكل مختصر طبيعة وماهية فكري السياسي، وما قد أقوم بالتعبير عنه أو الدعوة إليه عسى أن يساهم هذا في إيضاح الحقيقة، وتحديد مجرى التحقيقات".

وقال: "منذ خروجي من السجن في آذار/ مارس العام الماضي، ومتابعة التعديلات الدستورية، يتملكني إحساس بأن الوطن في أزمة تثيرها شخصية الرئيس، ولكن تتخطاها، فإن ما حدث على مدار السنوات الماضية من صراعات واستقطاب وإرهاب وأزمات اقتصادية طاحنة أدى إلى وضع مأزوم فُقدت فيه الثقة بين مكونات المجتمع السياسي وبينه وبين المجتمع".

وأشار إلى أن "إدارة الأزمات تتم بعقلية قمعية في جميع مؤسسات الوطن حتى صارت المنظومة الحالية أمرا يصعب تصور استمراره، وصار المستقبل مفتوحا على سيناريوهات شديدة الخطورة تستدعي منا جميعا تنحية خططنا، وتعطيل أحلامنا، والابتعاد عن أوهام حسم صراعات مزمنة أو حل أزمات مُعقدة بضربة قاضية".

وزاد: "لذا، فطبيعة ما صرت أدعو إليه اختلفت تماما -رغم معارضتي الجذرية لشخص وإدارة الرئيس عبد الفتاح السيسي- إلا أني لم أعد من أنصار السعي لإسقاط حكمه، ولكني أجدني أقرب إلى الأفكار التي عبر عنها النائب أحمد طنطاوي في مبادرة العودة إلى دستور 2014 لترسيخ مبدأ تداول السلطة ومحدودية فترات الرئاسة بصفتهما أولويات أهم من شخص الرئيس وخلفيته وبرنامجه".

وأكمل: "بل إنني وبعد إدراكي لهزيمة ثورة يناير أجد أن من الصعب في هذا التوقيت أن تلحق مصر بالدول التي ترسخت فيها الديمقراطية فلا يسمح فيها للعسكريين بالترشح أو تولي منصب إلا بعد مرور سنوات من الخدمة، وأتمنى أن يكون تحديد شخص الرئيس القادم من خلال انتخابات يمكن للنظام الحالي والمؤسسة العسكرية التنافس فيها طالما توفرت فيها ضمانات النزاهة".

واستطرد عبد الفتاح قائلا: "ربما يكون من الأفضل أن تعبر المؤسسة العسكرية عن مرشحها القادم عن طريق ترشيح نائب للرئيس، ويُسمح للقوى السياسية أن تتباحث حول شخص مرشحها وآليات التوافق عليه دون خوف، وليس كتحالف الأمل الذي كان يسعى لتحضير مبكر للانتخابات التشريعية وانتهى بهم الحال في السجن".

 

اقرأ أيضا: "التدوير" يطال أبوالفتوح.. لماذا يصر السيسي على التنكيل به؟

وأضاف: "بعد العودة للسجن مرة ثانية، وبعد أن التقيت بمعتقلين يمثلون كافة ألوان الطيف السياسي المصري، أجد أن السجون صارت في حد ذاتها أزمة تهدد مستقبل هذا الوطن طالما استمرت إمكانية اعتقال أي معارض مددا مفتوحة- حتى بعد الحكم بعدم دستورية قانون الطوارئ- وطالما استمرت إساءة استغلال أدوات العدالة الجنائية لحل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فإن أي حاكم مهما كان، وإن كان حتى محاميا مثل خالد علي، فسوف يؤدي حكمه لقمع واستبداد".

ودعا عبد الفتاح إلى أن "نقطة البداية بإجراءات طبيعية لا استثنائية من قلب المنظومة القضائية نفسها، وتفاعلا مع مبادرات كالتي يرعاها وزير العدل، والمبادرة التي قدمها النائب أحمد طنطاوي، كوضع حد لمدد الحبس الاحتياطي قبل الإحالة بمدة قصيرة حتى لا يحتجز أحد مدة طويلة، والتعجيل في نظر طعون عدم دستورية القوانين سيئة السمعة كالإرهاب والتظاهر والتجمهر والبلطجة".

وطالب بالتفاعل مع أحكام مجلس الدولة الخاصة بعدم حرمان أو استثناء قطاعات من الحق في الإفراج الشرطي، مضيفا أنه "في هذه الإجراءات وحدها ما يكفي لإنهاء الغالبية العظمى من المظالم في السجون المصرية. وما يتبقى يمكن دراسته حالة بحالة وقضية بقضية على أن يتم تطبيق لائحة السجون، ومعاملة الكل معاملة كريمة، واحتواء من جنحوا إلى العنف من الشباب جراء استقطاب ورثوه ولم يكونوا صانعيه".

وقال: "من الممكن تحسين العلاقة بين الشعب والمؤسسات بالالتزام فقط بما أقرته مصر من توصيات في آلية المتابعة الدورية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة. عند خروجي من السجن ستكون أكثر مطالبي راديكالية أن تلتزم مصر بما اختارته طواعية عبر ثلاث دورات، مرة أثناء حكم مبارك، ومرتين أثناء حكم السيسي. أما مسألة الانتقال الديمقراطي، وهي ضرورة لاستقرار الوطن واسترداد عافيته قبل أي يكون مطلبا لفصيل سياسي أو معارض، أجدني لأول مرة متفاعلا مع التدرج فيها، لأن حجم الأزمات والاستقطاب وعدم الثقة المتبادل يستدعي ذلك".

وأكمل: "يمكن استغلال الفترة المتبقية من الفترة الثانية للرئيس وفقا لدستور 2014 في إطلاق حرية المجتمع المدني والتنظيم النقابي ثم إجراء انتخابات المحليات وفقا لآلية بسيطة كانتخابات مباشرة بقوائم نسبية في الوحدة المحلية ويتم التدرج في اللامركزية عن طريق انتخابات تصعيدية للمراكز والمحافظات بدلا من القفز مباشرة إلى تجارب كانتخاب المحافظين ورؤساء المدن. وفي هذه المستويات القاعدية فرصة لبناء أحزاب قوية وفرصة لمؤسسات الدولة أن تعتاد على التعاطي مع السياسة والسياسيين والمجتمع بأساليب غير فوقية، دون استعلاء ودون محاكمات واعتقالات".

وشدّد على أن "لُب الأزمة يتخطى آلية انتقال الحكم، فالأزمات الاجتماعية والاقتصادية، ناهيك عن مشاكل هيكلية في الإدارة والبنية التحتية، تلك الأزمات المزمنة من الطبيعي أن تكون موضوعا لأطروحات وآراء مختلفة، ولكن من الخطر أن تترك تماما للمعترك والتنافس السياسي، مع تشويه فصيل لآخر بسبب أزمة موروثة، أو استسهال المعارك بشعارات أن هذه الأزمات بسيطة وسهلة الحل، واستبدال الخطط بشعارات فضفاضة".

ودعا عبد الفتاح إلى إطلاق آلية للتباحث والتصارح في الأزمات المصرية، والتوافق على أن يكون التنافس السياسي منضبطا من خلال سلسلة من المؤتمرات القومية تتناول ملفا من الملفات -أزمة سد النهضة كمثال- بمشاركة كافة الأطياف السياسية والخبراء المعنيين، ولتكن البداية بمؤتمر العدالة الذي طالب به نادي القضاة مرارا وتكرارا".

وتابع: "أما الملفات الشائكة في ما يخص العدالة من منظورنا نحن ضحايا القمع والمصالحة فأرى ضرورة تأجيل كل ما يثقل على المؤسسات الحالية والتركيز على المستقبل أساسا إلى أن تتسنى ظروف تسمح بإجراءات عدالة انتقالية وإصلاحات دستورية واسعة. نعم، سأدعو أن نضحي بأحلامنا حتى يتمكن أبناؤنا من الحلم. وسأدعو أولياء الدم من كل الأطراف أن يؤجلوا القصاص مقابل ضمانة ألا تتكرر المذابح والتفجيرات".

واختتم بقوله: "هذا ملخص أفكاري، كما اكتشفتها في السجن، وإن كان فيها ما يستدعي المحاسبة القانونية، ورغم أنني لم أتمكن بعد من صياغتها أو طرحها على الرأي العام، إلا أنني مستعد أن أمثل للمحاكمة على كل ما ورد من أقوالي، أو أن أخضع لتحقيق تفصيلي إن كان هناك ما تحتاج النيابة لاستجلائه. أو لو كان كلامي وأفكاري غير مؤثم قانونا يكون من الواجب حفظ التحقيقات والتوقف عن توجيه التهم بتشكيل أو الانضمام لجماعات إرهابية لمعارضين سلميين ونشطاء حقوقيين ومفكرين وأدباء وسياسيين وطلاب ومشجعي كرة وغيرهم ممن التقيت بهم في الحبسخانة وسيارة الترحيلات".

يُشار إلى أنه سيتم نظر تجديد حبس علاء عبد الفتاح أمام نيابة أمن الدولة غدا الأربعاء، ويُعتبر هذا آخر تجديد له أمام النيابة، وبعد ذلك ستُنظر كل التجديدات أمام غرفة مشورة محكمة الجنح المستأنفة كل 45 يوما.