طب وصحة

لماذا يفقد الرجال كروموسوم الرجولة بشكل متزايد؟

اختفاء الكروموسوم (واي) أكثر من غيره، وهي ظاهرة حيرت العلماء

نشرت صحيفة "الكونفدنسيال" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن دراسة جديدة أجريت حول فقدان الكروموسوم واي، هي الأكبر من نوعها في هذا المجال، توصلت لتفسير عديد النقاط الهامة حول هذه الظاهرة، المتمثلة في تراجع وحضور هذا الكروموسوم الذي يعتبر رمزا للرجولة، ويحمل في طياته جين التبديل الرئيسي الذي يحدد ما إذا كان الجنين سينمو ذكرا أو أنثى.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأطباء خلال ستينات القرن الماضي قاموا بدراسة لاحتساب عدد الكروموسومات الموجودة في خلايا الدم البيضاء للإنسان، وقد لاحظوا أمرا غريبا خلال عملهم في المختبرات، وهو الاختفاء التام للكروموسوم (واي) في خلايا الدم لدى بعض الرجال، وهي حالة تتزايد مع التقدم في السن.

ومؤخرا، ظهرت أول دراسة علمية من نوعها، تنبني على ما يكفي من البيانات الدقيقة حول هذه المسألة، وقد نشرتها مجلة "الطبيعة" العلمية، وهي تشير إلى أن فقدان هذا الكروموسوم، الموجود فقط لدى الذكور، مرتبط بأمراض خطيرة مثل السرطان والقلب والشرايين.

ويشير الكاتب إلى أن هذه الدراسة أظهرت أن حوالي 20 بالمئة من الرجال فقدوا الكروموسوم (واي) من دمهم، حيث إن العينات المأخوذة من 105 آلاف ذكر من بنك الجينات في بريطانيا، تبين أن 43 بالمئة من الرجال في سن السبعين يعانون من هذا المشكل.

وإلى الآن لا تعرف الأسباب الكامنة وراء ذلك، لكن العلماء يعتقدون أن هذا الاختفاء قد يكون أوضح العلامات على وجود خلل في أجساد الرجال، يتعلق بحدوث طفرات جينية لديهم، وهذا الخلل قد يكون من الأسباب العميقة الكامنة وراء انتشار السرطان ومشاكل القلب وأمراض أخرى.

ويوضح الكاتب أن هذه مثل الطفرات تحدث بشكل عفوي في جسم الإنسان في كل الأوقات، حيث إن كل انقسام لخلية تنتج عنه أخطاء قد تكون صغيرة أو خطيرة، تؤدي لفقدان نوع كامل من الكروموسومات.

وبمرور السنوات، فإن هذا يمكن أن يؤدي لما يسميه العلماء فسيفساء التناسخ، بمعنى أن جسم الإنسان يمثل فسيفساء من خلايا الإنسان المتنوعة، وكل منها يشهد حدوث طفرات متراكمة، وهذا الأمر ينطبق على جميع الناس إلى حد معين، وهو يصبح أكثر حضورا وتأثيرا مع التقدم في السن.

وينقل الكاتب في هذا السياق عن جون بيري، عالم البيولوجيا في جامعة كامبريدج والمشرف على هذه الدراسة، قوله إنه "كلما تقدم الإنسان في السن تزايدت الأخطاء أثناء عملية انقسام الخلايا".

وفي مستوى الدم، فإن عملية فقدان الكروموسوم واي في بعض الخلايا تعدّ من أكثر التغييرات انتشارا، ولكن هنالك أيضا أمثلة أخرى مشابهة، مثل فقدان بعض النساء الكروموسوم أكس في خلايا الدم.

ويضيف الكاتب أن بعض مجموعات خلايا الدم يمكن أن تشهد طفرات في جين واحد، تؤدي لاختفاء جزء من كروموسوم معين، أو اكتمال تكوين كروموسوم آخر كان ناقصا. وهذه الظواهر تحدث فقط في خلايا الدم البيضاء، باعتبار أن خلايا الدم الحمراء لا تحتوي على الحمض النووي.

لماذا يختفي فقط لدى بعض الرجال؟


ويشير الكاتب إلى أن فريق الأبحاث حاول فهم سبب اختفاء الكروموسوم (واي) لدى بعض الرجال دون غيرهم، فبحث في بعض المتغيرات الجينية في كروموسومات أخرى، واكتشف 156 متغيرة مرتبطة بفقدان هذا الكروموسوم، أغلبها على علاقة بجينات يشتبه في أنها مرتبطة بظهور أمراض سرطان المثانة والبروستات والكلى والدماغ.

وبحسب الباحثين، فإن هذه المعلومات تعني أن فقدان الكروموسوم (واي) قد يكون أحد أبرز التدهورات الصحية التي يعاني منها الرجال دونا عن النساء. والشخص المعرض أكثر من غيره لمتغيرات جينية تؤدي لاختفاء الكروموسوم واي، معرض أيضا بالقدر ذاته للإصابة بمرض السرطان. والنتيجتان لهما السبب ذاته، الذي يعود في الأصل لأخطاء في الحمض النووي.

حيث إن السرطان ينشأ من تكدس لطفرات جينية، تؤدي في النهاية لخروج بعض الجينات عن السيطرة. والسبب وراء ذلك هو عجز الجسم عن إصلاح الحمض النووي من العيوب التي تراكمت وتكررت فيه.

لماذا يختفي الكروموسوم (واي)؟


يختفي الكروموسوم (واي) أكثر من غيره، وهي ظاهرة حيرت العلماء، ويرجح أن السبب وراء ذلك هو أنه واحد من أصغر الكروموسومات وأقلها ضرورة. حيث إنه يحمل عددا قليلا من الجينات، ويمكن للإنسان التعايش مع غيابه، بشكل أسهل من كروموسومات أخرى.