سياسة عربية

معارضون مصريون ينتقدون مواقف ألمانيا الداعمة للسيسي

سياسيون وحقوقيون أكدوا أن ألمانيا تتعامل مع دولة تنتهك أبسط قواعد حقوق الإنسان مقابل التبادل التجاري وصفقات الأسلحة- أرشيفية

انتقد سياسيون معارضون وحقوقيون مصريون ما وصفوه بدعم برلين المطلق لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، الذي يزرو حاليا ألمانيا للمرة الثانية خلال العام الجاري، حيث كانت آخر زيارة له في شباط/ فبراير الماضي للمشاركة في "مؤتمر ميونخ للسياسات الأمنية".

ومن المقرر أن يلتقي السيسي بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، على هامش اجتماعات مجموعة العشرين وإفريقيا؛ بهدف دعم التعاون الاقتصادي والعسكري والسياسي، وسط تجاهل "أوضاع حقوق الإنسان المتردية في مصر، وسياسة الحكم المطلق".

وفي حديثهم لـ"عربي21"، أكد السياسيون والحقوقيون أن "الزيادة المطردة في حجم التبادل التجاري، وحجم صفقات السلاح بين البلدين في عام 2019، تعكس أولويات القيادة السياسية في ألمانيا في التعامل مع دولة تنتهك أبسط قواعد حقوق الإنسان مثل مصر".

وبلغ حجم الصادرات من السلاح في النصف الأول من العام 2019 نحو 5.3 مليار يورو. وهي قيمة العقود التي وافقت عليها الحكومة الاتحادية الألمانية.

واحتلت مصر المرتبة الأولى في قائمة أكثر الدول العربية شراء أسلحة من ألمانيا بقيمة 801.8 مليون يورو خلال النصف الأول من العام 2019 من إجمالي صفقات بقيمة 5.3 مليار يورو، أي نحو 15.1% من إجمالي مبيعات ألمانيا.

وعلى المستوى الاقتصادي، ارتفع معدل التبادل التجارى إلى 3 مليارات و622 مليون دولار، خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجاري، وفق تقرير وزارة التجارة والصناعة.

وتأتى مصر فى المرتبة الثالثة كأكبر شريك تجارى لألمانيا في الشرق الأوسط، حيث تبلغ قيمة الاستثمارات الألمانية في مصر نحو 7.4 مليار دولار، وتوجد أكثر من 1200 شركة ألمانية تعمل في العديد من القطاعات.

"الحاكم الوظيفي"

من جهته، قال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي السابق بمجلس الشورى المصري رضا فهمي، "في العلاقات الدولية يستخدمون المصطلح الشهير الدول الوظيفية، هناك أيضا من وجهة نظري الحاكم الوظيفي؛ الذي يقوم بجملة من الوظائف لصالح الغرب مقابل غض الطرف عن أي انتهاكات"، مشيرا إلى أن من جملة هؤلاء الحكام "السيسي، وبن سلمان، وبن زايد".

واعتبر، في تصريحات لـ"عربي21": أن "الحديث عن إزداواجية المعايير للغرب لا يصف بدقة سياسة الحكومات الغربية، بل يجب وصفها باضطراب المعايير للغرب، وهناك خلط كبير بين أراء الشعوب الغربية، وسياسات حكوماتهم، وهو ما يفسر الدعم المستمر للسيسي".

وأضاف: "في المقابل يعتبر ملف الهجرة غير الشرعية، خاصة للحكومات اليمنية، ملف مؤرق ومزعج، ولذلك نجده أداة في يد الحكام المستبدين كالسيسي؛ بهدف ابتزاز الدول الغربية للحصول على دعم معنوي وسياسي وتوظيفهما في تقوية حكمه خارجيا وداخليا".

وحذر فهمي من أن "الكثير من صفقات السلاح ليس لتثبيت أركان السيسي، أو تحقيق أي شكل من أشكال الردع فيما يتعلق بالأمن القومي المصري، إنما لتوظيفها في مناطق أخرى، فبعض الأسلحة يتم تجهيزها مثلا في منطقة جديدة من الصراع في شرق المتوسط باتجاه تركيا لصالح الغير كإسرائيل، ما يمثل ليس هدرا فقط للموارد إنما لاستقلال مصر".

"مواءمات سياسية"

واتهم مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان، محمود جابر، الحكومات الغربية بتقديم المصالح الاقتصادية على حقوق الإنسان، قائلا: "أصبحت حقيقة واقعية لا لبس فيها ولا غموض، وحقوق الإنسان في مصر هي ضحية المواءمات السياسية، والمصالح الاقتصادية".

 

اقرأ أيضا: نظام السيسي يرفض تقرير الأمم المتحدة حول وفاة مرسي

وأوضح في حديثه لـ"عربي21"،: "أن الدول الغربية ذات المصالح الاقتصادية المشتركة مع مصر مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا على يقين وعلم بانتهاكات حقوق الإنسان في مصر، ولذلك وجهت هذه الدول انتقادات داخل مجلس حقوق الإنسان لمصر أثناء المراجعة الدورية الشاملة لملف مصر".

وبشأن دور المنظمات الحقوقية في اطلاع الحكومات الغربية على سجل مصر في مجال حقوق الإنسان، أضاف: "نحن نعمل على مخاطبة الحكومات الغربية والبرلمانات لأجل إيجاد حالة من الضغط لوقف التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري حتى تتحسن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، خاصة الحقوق المدنية والسياسية".

"إزدواجية الغرب"

ورأى الصحفي المصري المُقيم بإيطاليا، سعيد محمد، أن "صفقات الأسلحة مع مصر، والتعهد بمحاربة الهجرة غير الشرعية، وما يسمى بإرهاب المتطرفين الإسلاميين كانت كفيلة بتحول دفة الدول الغربية لدعم نظام السيسي، الذي أتقن استخدامها في التستر علي جرائمه، فعقد عدة صفقات مع شركة إيني الإيطالية للتنقيب عن الغاز والنفط مقابل الصمت عن قضية الطالب الإيطالي ريجيني".

وأضاف لـ"عربي21"، أن "زيارات السيسي المتكررة لألمانيا شملت جميعها عقد صفقات أسلحة تارة وتجارية تارة أخرى بمليارات اليوروهات، كصفقته الكبرى في عام 2015 مع مجموعة سيمنس الصناعية الألمانية بقيمة ثمانية مليارات يورو في أكبر طلبية منفردة على الإطلاق تتلقاها سيمنس، ناهيك عن طلبيات السلاح السنوية بأكثر من مليار يورو".

وانتقد بقوة "إزداوجية الحكومات الغربية، بل ومؤسات المجتمع الدولي في تقديم مصالحها في المحافل الدولية، أو على مستوى الحكومات على مبادئ حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بحلفاء لها في منطقة الشرق الأوسط كمصر".