نشر موقع "أويل برايس" مقالا للصحافي سايمون واتكينز، يتحدث فيه عن احتمالات تفكير إيران بالقيام بهجمات جديدة ضد أهداف في السعودية.
ويبدأ واتكينز مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول إنه "لا يوجد شك بأن قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني والمسؤول عن العمليات السرية، قاسم سليماني، رجل ذكي، وأدى دورا فعالا في عدد من الحملات الناجحة ضد العراق وتنظيم الدولة وفي سوريا، بالإضافة إلى أنه أدى دورا مهما في بسط النفوذ الإيراني خلال الهلال الشيعي".
ويقول الكاتب إنه "حتى لو كان الرجل المسؤول عن القرارات العسكرية والجيوسياسية الرئيسية ليس بذكاء سليماني، بأي شكل من الأشكال، أفلا يكون قد استنتج الآن بأنه لا توجد جوانب سلبية لمهاجمة البنية التحتية للنفط والغاز في السعودية، بل على العكس كلها إيجابية، فماذا عن إطلاق بعض الهجمات الجديدة؟".
ويشير واتكينز إلى أنه بحسب مصادر إيرانية رفيعة، تحدث معهم موقع "اويل برايس" الأسبوع الماضي، فإن هذا السؤال كان محل نقاش عسكري على مستوى رفيع في إيران منذ الهجمات الجوية على بقيق وخريص الشهر الماضي، لافتا إلى أن هذه الهجمات، التي قام بها الحوثيون في اليمن أو بمساعدة من إيران، "بناء على أي رواية تصدقها"، أدت مباشرة إلى التعليق المؤقت لإنتاج 5.7 مليون برميل يوميا من النفط، وهو ما يساوي حوالي نصف إنتاج السعودية من النفط الخام، وأدى ذلك إلى ارتفاع سعر النفط بأعلى نسبة في يوم واحد في التاريخ، و"شكل هذا أخبارا جيدة لإيران دون شك".
ويرى الكاتب أن النتائج على المدى الطويلة كانت أيضا لصالح إيران بشكل مباشر أو غير مباشر، مشيرا إلى قول مصدر رفيع المستوى في إيران يعمل عن كثب مع وزارة النفط الايرانية: "بسبب بيانات ترامب حول موضوع العزلة.. وأمريكا أولا ثم إقالة بولتون، أصبح واضحا لدى سليماني أن أمريكا لا ترغب في التورط في حرب أخرى في الشرق الأوسط، ناهيك عن حرب مع بلد مثل إيران".
ويلفت واتكينز إلى أن موقع "أويل برايس" قال في وقتها عندما تمت مهاجمة ناقلات النفط بأن هناك انشقاقا في الفريق الرئاسي في إدارة ترامب حول رد الفعل الأمريكي.
ويبين الكاتب أنه من ناحية عندما كان بولتون لا يزال مستشارا للأمن القومي، فإن أمريكا كانت "جاهزة بنسبة 98% للحرب مع إيران"، وهو ما يعني، بحسب المصدر النفطي الإيراني، نقل 120 ألف جندي لدعم حاملة الطائرات إبراهام لنكولن، مشيرا إلى أن نائب الرئيس مايك بنس كان يقف مع القيام بعمل عسكري، بعد أن قال: "لقد فقد العالم الفرصة في المرة الماضية لمواجهة النظام، لكن ليس هذه المرة".
ويستدرك واتكينز بأنه "من ناحية أخرى كان هناك من يعتقد بأنه بسبب حجم جيش إيران، وطبيعة تضاريسها، وموقعها القيادي بين شيعة العرب، وسيطرتها على العديد من الوكلاء العسكريين، فإن غزو إيران سيكون محكوما عليه بالفشل (أو على الأقل سيؤدي إلى حرب لا نهاية لها)، لكن أيضا سيكون سببا في موجة لا متناهية من الإرهاب حول العالم".
وينوه الكاتب إلى أن من بين ممن كان له هذا الرأي، وهو ما ذكره موقع "أويل برايس" حينها، دان كوتس، الذي ترك عمله مديرا للمخابرات الوطنية، بعد أن أدلى بشهادته أمام لجنة مجلس الشيوخ قبل انسحاب أمريكا من الاتفاقية النووية مع إيران، فشهد أنه ليس هناك أي مؤشر على أن إيران تحاول تطوير أسلحة نووية، وأن طهران بقيت ملتزمة بالاتفاقية، مشيرا إلى أنه كان هناك شخص آخر له الموقف ذاته، وكان مسؤول فريق إيران وفي وكالة الاستخبارات المركزية مايكل ديأندريا.
ويورد الموقع نقلا عن المصدر النفطي الإيراني، قوله: "بسبب الاختلاف في الرأي، فتحت العديد من الخيارات أمام سليماني، وعلى رأس القائمة تقويض السعودية من أي جانب ممكن".
ويجد واتكينز أن "سليماني غالبا ما سيستفيد في مساعيه مما أصبح الآن غباء أسطوريا في التعامل مع مجتمع صناعة النفط، وكانت البيانات السعودية بعد الهجمات على بقيق وخريص محل سخرية، خاصة الحديث عن حجم الاحتياطي لديها، وعن الوقت اللازم لإعادة المرافق للعمل".
ويفيد الكاتب بأن موقع "أويل برايس" قام بدراسة تلك التصريحات، مشيرا إلى أنه يمكن اختصار النتيجة بقول خبير في صناعة النفط عادة ما يكون دبلوماسيا: "لقد كان الحديث عن (القدرة الإنتاجية) ثم عن (إمدادات السوق) فاضحا؛ لأن السعودية عادة ما تتحدث مستخدمة هذه المصطلحات لتجنب الحديث عن الإنتاج الحقيقي؛ لأن القدرة الإنتاجية والإمداد ليسا الإنتاج الحقيقي من الآبار.. وقد لا يحتوي البيان السعودي أي كذب، لكنهم أيضا لا يقولون الحقيقة كاملة".
ويشير واتكينز إلى أن "الإمكانات الإنتاجية للنفط لم تكن فقط قد تأثرت إلى درجة أكثر، وعلى مدى أطول بكثير مما اعترفت به السعودية، لكن الكثير من الخبراء النفطيين يعلمون أنها كانت تكذب، وليس هذا فحسب، بل إنها خلقت فجوة أكبر في الاتفاقية طويلة الأمد بينها وبين أمريكا، التي تعود إلى 14 شباط/ فبراير 1945 بين الرئيس الأمريكي روزفيلت والملك السعودي عبد العزيز، على متن السفينة الحربية كوينسي في البحيرات المرة الكبرى في السويس، وما اتفقا عليه حينها، وهو ما استمر منذ ذلك الحين هو: أن تحصل أمريكا على النفط الذي تحتاجه من السعودية كله، ومقابل ذلك تضمن أمريكا أمن كل من السعودية والعائلة الحاكمة".
ويستدرك الكاتب بأن "هذه الاتفاقية واجهت في السنوات الأخيرة اختبارات كثيرة، ابتداء من عام 2014، عندما قررت السعودية القضاء على صناعة الصخر الزيتي الناشئة في أمريكا، من خلال زيادة الإنتاج، ما تسبب بانخفاض أسعار النفط إلى درجة تسببت بإفلاس شركات الصخر الزيتي، ولأن السعودية كانت تقود تلك الاستراتيجية فلم يكن غريبا أنها انتهت بكارثة لها ولأعضاء أوبك الآخرين الذين تبعوها، لكن أمريكا لم تنس أنها حاولت فعل ذلك".
ويقول واتكينز إن "السعودية أصبحت في السنوات الأخيرة أكثر (سما) لأمريكا، إذا ما أخذنا في عين الاعتبار مجموعة من الأفعال الشريرة والغبية، بما في ذلك وليس فقط: تورط 15 سعوديا من بين 19 في الهجمات الإرهابية في 11 أيلول/ سبتمبر، والحرب في اليمن، وعزل قطر، واختطاف رئيس وزراء لبنان، سعد الحريري، وإجباره على الاستقالة، وقتل الصحافي جمال خاشقجي".
ويورد الكاتب نقلا عن المصدر النفطي الإيراني، قوله: "إن إيران تعلم بأن ما يجعل أمريكا تستمر في دعمها للسعودية وعدم انسحابها، كما فعلت من سوريا، هو أن العراق ليس جاهزا بعد ليوفر بديلا كاملا عن النفط السعودي، ولا إنتاج النفط من الصخر الزيتي في أمريكا".
ويرى واتكينز أن "هناك فوائد أخرى يمكن لإيران جنيها من مهاجمة السعودية، إحداها هي أن الهجمات تتسبب بزيادة في توتر العلاقات بين أمريكا وشركائها في الناتو، وقال العديد من السياسيين الأوروبيين بأن على أمريكا ألا تتسرع وتحكم بأن إيران تقف خلف الهجمات، وقام أردوغان بفعل الشيء ذاته، وتبع ذلك بسرعة دخول الجيش التركي الى الشمال السوري، وهو ما يهدد الوجود الكردي، بالرغم من أن أمريكا وعدت الأكراد (في العراق وفي إيران وسوريا) بدولة مستقلة مقابل أن تحارب قوات البشمركة تنظيم الدولة على الأرض".
ويلفت الكاتب إلى أن "هناك فائدة أخرى جنتها إيران من الهجمات، وهي أن السعودية بدأت في شراء بعض النفط من المستوى ذاته من بلدان أخرى، بما في ذلك من العراق، وأحد الطرق التي تستخدمها إيران للتحايل على العقوبات الأمريكية هي أن تهرب نفطها من خلال العراق وتبيعه على أنه نفط عراقي، فقد تكون السعودية اشترت نفطا إيرانيا دون علمها".
ويختم واتكينز مقاله بالقول إنه "مع هذه الاعتبارات كلها، فإن المصدر الإيراني قال لموقع (أويل برايس) الأسبوع الماضي، بأن الحرس الثوري يعمل جاهدا منذ الهجمات على تعديل تكنولوجيا صواريخ روسية تعود لعام 1969، لإنتاج صواريخ أبعد مدى من كثير من الصواريخ متوسطة المدى، وتتميز بأنها سهلة النقل، حيث يمكن إطلاقها من شاحنات معدلة لذلك، ولها نظام سيطرة عن بعد، يجعل من الصعب التصدي لها، ودقيقة للغاية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)
وول ستريت: دلائل تؤكد انطلاق هجمات أرامكو من قاعدة إيرانية
NYT: ماذا تعني رسائل ترامب المتناقضة حول هجوم أرامكو؟
الغارديان: هل تزيد هجمات بقيق مخاطر اشتعال حرب بالمنطقة؟