حقوق وحريات

أعداد صادمة لـ"معتقلي انتفاضة سبتمبر" في مصر

الاعتقالات طالت أكاديميين ونشطاء وحقوقيين وصحفيين ومحامين ورموز سياسية وأطفال ونساء- أرشيفية

قالت مصادر حقوقية لـ"عربي21"، الأحد، إن أعداد المعتقلين على خلفية ما يُعرف بـ "حملة اعتقالات سبتمبر" تجاوز عددا صادما.

 

وأوضحت أن الأرقام بلغت 2400 معتقلا مصريا حتى الآن، وذلك على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها البلاد منذ يوم 20 أيلول/ سبتمبر الجاري، لافتين إلى أن حملة الاعتقالات تلك هي الأكبر والأوسع خلال نحو 10 أيام فقط، وذلك منذ الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب.

ووثقت غرفة عمليات المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية اعتقال 2038 شخصا، لافتة إلى أنه تم التحقيق، الأحد، مع 181 منهم بمجمع محاكم جنوب القاهرة، ليرتفع بذلك عدد الذين تم التحقيق معهم من بداية الأحداث وحتى اليوم إلى 1198 شخص.

وأشار المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في بيان له، الأحد، إلى أنه "مازال 1024 شخصا لم ترد أي معلومة رسمية بشأنهم وسط تخوفات من عدد من الأسر والمحامين حول أوضاع احتجازهم في ظل عدم الإفصاح عنها حتى الآن، وذلك في مخالفة للدستور والقانون وانتهاك واضح لحقوق المقبوض عليهم".

وأكدت منظمة العفو الدولية أن "موجة الاعتقالات في مصر مستمرة حتى الآن، حيث وصل عدد المعتقلين أكثر من 2200 شخص، كان آخرها اعتقال الناشط والسجين السابق علاء عبد الفتاح صباح الأحد، والذي يقضي أكثر من نصف يوم كل يوم في مركز للشرطة بموجب تدابير مراقبة تعسفية بعد أن تم إطلاق سراحه. ولا تعرف عائلته حتى الآن مكان تواجده أو أسباب احتجازه".

 


وقالت- في بيان لها، الأحد، ووصل "عربي21" نسخة منه- :"يجب أن تبدأ السلطات المصرية فورا بإنهاء موجة الاعتقالات الجماعية التعسفية، والإفراج عن جميع المعتقلين لممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير والتجمع".

وانتقدت العفو الدولية بيان الحكومة المصرية الذي انتقد تغريدة لمنظمة العفو الدولية أشارت إلى أن "إغلاق السلطات للطرق في القاهرة يوم الجمعة الماضي هو انتهاك لحرية الحركة والتجمع السلمي، حيث قارن البيان إجراءات إغلاق الطرق بتلك التي اتخذتها الحكومة الفرنسية في مواجهه ما يُعرف بحراك السترات الصفراء".

وأضافت:" كما أدعى البيان الحكومي بشكل مغلوط بأن العفو الدولية لم تنتقد السلطات الفرنسية في هذا الشأن. في الواقع، قامت منظمتنا مرارا وتكرارا بإدانة القيود المفرطة التي اتخذتها السلطات الفرنسية ضد حرية الحركة والتجمع على المظاهرات في فرنسا".

وشدّدت على أن "الدافع وراء إغلاق السلطات المصرية للطرقات، ومحطات المترو في وسط القاهرة يوم الجمعة كان منع الأشخاص من ممارسة حقهم في المشاركة في المظاهرات السلمية"، مضيفة:" بدلا من انتقاد السلطات المصرية لمنظمات حقوق الإنسان لتسليطهم الضوء على الانتهاكات الحاصلة في مصر، ينبغي على السلطات التركيز على إنهاء حملات القمع، والتي حولت مصر إلى سجن مفتوح للمنتقدين".

 

إلى ذلك، قالت الحقوقية منى سيف، شقيقة الناشط المصري علاء عبدالفتاح، إن قوات الأمن ألقت القبض على المحامي محمد الباقر من داخل نيابة أمن الدولة أثناء تواجده داخل النيابة لحضور التحقيق مع شقيقها علاء عبد الفتاح، وتم ضمه لنفس القضية، مضيفة:" الجنان مستمر بشكل مرعب".

ووثّقت حملة "حريتها حقها" اعتقال أكثر من 59 سيدة وفتاة، وذلك فى إطار سلسلة الانتهاكات التي شنتها السلطات المصرية على المعارضة في الأيام الأخيرة المنصرمة، وهذا خلال تظاهرات ضد النظام، وعشوائيا من الشوارع، ومن داخل بعض الجامعات"، مشيرة إلى أن انتهاكات النظام ضد النساء والفتيات تزداد يوما بعد يوم، وتخطت كل الأعراف والقوانين الدولية.

 

 

وأكدت، في بيان لها، الأحد، أن قوات الأمن استخدمت ترهيب النساء، وقطعت الطرقات والشوارع بالكمائن، وتفتيش الهواتف المحمولة، وتفتيش رسائلهن وصورهن الخاصة، لقمع المتظاهرين ضدهم، بالإضافة لإخفائهن قسريا ومنع العلاج عن المريضات منهن وتعريضهن لأبشع وسائل التعذيب للاعتراف بجرائم لم يرتكبوها".


كما أدانت 4 منظمات ومؤسسات حقوقية ونسوية ونحو 60 شخصية مصرية "ما قامت به قوات الأمن باختطاف الناشطة النسوية أسماء دعبيس، وزوجها المحامي محمد حمدون، وشقيقه أحمد حمدون، أثناء جلوسهم بأحد المقاهي بمدينة دمنهور في محافظة البحيرة"، مؤكدين أن ما حدث بحق مع أسماء دعبيس يعد مخالفة جسيمة للقانون والدستور المصري.

 


وبحسب شهود عيان، قام أفراد الأمن بتعصيب أعينهم، وتقييد أيديهم بأحزمة جلدية، وأصطحابهم إلى مكان غير معلوم، ومازال مكان احتجاز "دعبيس" ومن معها غير معلوم حتى الآن.

وطالب البيان السلطات المصرية بالإفصاح عن مكان أسماء دعبيس ومن معها، والإفراج الفوري عنهم، مُحملين السلطات المسؤولية الكاملة عن أي أضرار أو انتهاكات لسلامتها النفسية والجسدية، داعين الدولة المصرية للالتزام بخطابها حول دعم حقوق النساء والتوقف عن الانتهاكات بحق الناشطات النسويات والمدافعات عن حقوق النساء.

 

وأسماء دعبيس ناشطة نسوية شابة برز اسمها في السنوات الماضية بعد تأسيسها لمبادرة "بنت النيل" في محافظة البحيرة، حيث تعمل على مناصرة حقوق النساء ومناهضة كافة أشكال العنف والتمييز ضدهن، وتقوم بتنفيذ أنشطة متنوعة داخل قرى ومدن محافظة البحيرة لتحقيق تغيير إيجابي في قضايا مثل زواج القاصرات، التحرش الجنسي، ختان الإناث. 

وفي ذات السياق، قالت مصادر لـ"عربي21"، إن قوات الأمن شنت حملات اعتقال في المحافظات التي شهدت تظاهرات احتجاجية خلال الفترة الأخيرة، وخاصة الأقصر، والسويس، وقنا، والجيزة، وأسفرت عن اعتقال العشرات من تلك المحافظات، ولم يتسن تحديد أعداد المعتقلين على وجه الدقة.  

وأشارت المصادر إلى أنه تم اعتقال 7 أشخاص من عائلة واحدة، و5 آخرين، بينهم محام، من قرية الكيمان المطاعنة بمحافظة الأقصر جنوبي القاهرة، على خلفية مظاهرات الجمعة الماضية المُطالبة برحيل السيسي.

 

وفي بيان أصدره أكثر من 120 مثقف وروائي مصري، السبت، طالبوا "الجهات المختصة بالكشف الفوري عن مكان تواجد الروائي محمد علاء الدين، والشاعرة أمينة عبد الله، وتوفير كل الضمانات التي تكفل لهما حريتهما، وحقهما في التعبير عن الرأي"، مطالبين "نقابة اتحاد كتّاب مصر، ووزارة الثقافة بالقيام بالدور المنوط بهما في حماية الكتّاب والمثقفين".

وقالوا:" فوجئنا يوم السبت قبل الماضي، وفي غمرة الأحداث المتلاحقة التي تمر بها البلاد، بذيوع أنباء عن توقيف الشاعرة أمينة عبد الله، أثناء مرورها بجوار منزلها بمنطقة وسط البلد، وبعد ثلاثة أيام فوجئنا بأنباء أخرى تؤكّد اختفاء الكاتب الروائي محمد علاء الدين، بمجرد نزوله من بيته بمنطقة الدقي. ورغم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمعرفة مصير كل منهما، إلا أن الأجهزة المعنية لم تقدّم أية إفادات".

 

وأشاروا إلى أن "الكتّاب والمثقفين وقادة الرأي، هم طليعة الأمم، ومشاعل ضوئها، وعلى الدولة أن تكفُل لهم، كافة السبل للتعبير عن الرأي بحرية تامة، بعيدا عن أي تهديد أو تقييد أو تضييق إعلامي، فإنّ كبت حرية التعبير تحت أي ذريعة، لن يصبّ إلا في مصلحة الجماعات المتطرفة، التي تتحيّن الفرصة للانقضاض على مقدرات الدولة وتقويض مؤسساتها، فالفكر وحده هو القادر على التصدي للتطرف ومحاربة أقطابه".