طرحت اللقاءات المتتالية التي يعقدها رئيس حكومة الوفاق الليبية
فائز
السراج بالساسة والعسكريين مزيدا من التساؤلات عن أهداف ذلك خاصة بعد مطالبة السراج
العسكريين بالتأهب لمعركة أكبر من معركة صد العدوان عن العاصمة "
طرابلس".
وعقد السراج لقاءات مطولة مع قادة محاور عملية "بركان الغضب"
المكلفة بمواجهة قوات
حفتر ومنعها من دخول العاصمة، مؤكدا أن أولوية حكومته الآن هي
توفير متطلبات الحرب وتعزيز الوحدات المقاتلة، مستدركا: "لكن هذه المهام لا يجب
أن تنسينا التأهب لمعركة أخرى ليست هينة، هي المعركة السياسية"، وفق قوله.
"دولة مدنية وفقط"
وأكد رئيس حكومة الوفاق أنه "يسعى بموازاة الاهتمام بالحرب،
لإيجاد مخرج من الأزمة دون تفريط في المبادئ، وفقا للمبادرة التي طرحها في حزيران/
يونيو الماضي، وتقوم على عقد ملتقى ليبي يجمع دعاة الدولة المدنية، الرافضين للاستبداد،
يمهد لانتخابات يختار من خلالها الشعب حكامه، في إطار دولة مدنية تعددية".
كما أشار السراج خلال اللقاء إلى ضرورة "توحيد المؤسسة
العسكرية، ليكون للبلاد جيش واحد، عقيدته حماية الوطن، والمحافظة على استقلاله، مبني
على معايير الاحترافية الدولية، بحيث تخضع المنظومة العسكرية للقرار السياسي وفق اتفاق
الصخيرات الموقع في 2015".
وطرحت تصريحات السراج ولقاءاته تساؤلات عن
مغزاها والهدف منها.
"أوراق السراج"
من جهته، أشار الكاتب والناشط الليبي عبدالرزاق مشيرب أن السراج
"يحاول جاهدا مع كل الأطراف الداخلية لحشد الدعم له عسكريا ومدنيا، وقوة السراج
تكمن في أنه لازال يملك ورقة لم يحسن استعمالها بالشكل المطلوب وهو الجناح المدني والعسكري
لثورة 17 شباط/فبراير".
وأضاف في تصريحه لـ"
عربي21" أنه "في حالة استجاب
رئيس حكومة الوفاق إلى بعض مطالب هؤلاء العسكريين فستكون لديه القوة لهزيمة كل من يقف
أمامه سياسيا أو عسكريا"، وفق تقديراته.
"ميليشيات وهمية"
لكن عضو البرلمان الليبي والمؤيد لحفتر، جبريل أوحيدة قال من
جانبه، إن "من يجتمع معهم السراج ما هم إلا ميليشيات وهمية تمارس سلطة الأمر الواقع،
السراج مجبر على تسخير إمكانيات حكومته للمقاتلين هناك وليس بإرادته".
وأوضح لـ"
عربي21" أن "المعركة السياسية التي
جاءت في كلام السراج هي المؤتمر الدولي الذي تعد له ألمانيا أملا أن يجد فيها مخرجا
له".
"الحسم والانتخابات"
بدورها رأت الناشطة الليبية حنان خليفة أن "رئيس حكومة
الوفاق اتخذ مسارا آخر بعيدا عن سياسة التفاوض والتهدئة، ووجد أن الدعم الأكبر يجب
أن يكون للمقاتلين في الجبهات كون حفتر لم يترك مجالا للتفاوض وأنه أنهى أي عملية سياسية
ولم يبق الآن سوى الميدان ومن يحسم هذه المعركة".
وحول طبيعة "المعركة السياسية" التي ذكرها السراج،
قالت لـ"
عربي21": "المعركة الآن هي الانتخابات كونها تحتاج إلى معركة
أخرى كي تتم في ظروف آمنة ومستقرة لتكون انتخابات نزيهة".
المدون والناشط الليبي مصطفى شقلوف أشار إلى أن "السياسة
والسيطرة العسكرية أمران لا ينفصلان في
ليبيا، فمن يسيطر على الأرض يفرض شروطه ويدعم
موقفه التفاوضي، واجتماع السراج يؤكد تأييد المجلس الرئاسي لمؤسسته العسكرية التي تقوم
بالدفاع عن العاصمة التي تحوي جميع المؤسسات السيادية".
وتابع: "المعركة السياسية حاليا تكمن في الانتصار العسكري،
أما الانتخابات في ظل فوضى السلاح ما هي إلا مسرحية هزلية".
"تشاور وخطوة صحيحة"
من جهته، أوضح الكاتب والمحلل الليبي فرج فركاش أن مثل هذه الاجتماعات
"تأتي في إطار التشاور وهي لاتقتصر على العسكرين فقط بل شملت بعض من المحسوبين
على النخبة الثقافية والاجتماعية والدينية ومن بينهم بعض المعارضين لحكومته، وهي خطوة
في الاتجاه الصحيح".
وأضاف: "نأمل أن تستمر هذه الاجتماعات وتمتد للمعارضين
في الطرف الآخر، وأن يتم مد اليد لغير الشخصيات الجدلية للقدوم والتشاور حتى لو كانت
خارج طرابلس، أو خارج ليبيا، كما يحب ان يدرك السراج أن شرعية حكومته كممثل لليبيا
تأتي فعليا من الداخل وليس من الخارج".
وتابع لـ"
عربي21": "إنهاء الحرب الخاسرة والوصول
إلى حل سياسي يوصلنا لمرحلة مستقرة تحت حكومة موحدة يتطلب توسعة قاعدة المشاركة والتشاور
مع كل الأطراف الليبية في الداخل وفتح قنوات معهم بغض النظر عن موقفهم الحالي من الحرب
أو من السراج ومجلسه أو حتى الاتفاق السياسي الليبي".
لكن الناشطة الليبية، سمية محمود ترى أن "هدف السراج من
هذه الاجتماعات هو "مجرد "بروباغندا ليظهر أنه القائد الفعلي في المعركة
الحالية بينما الحقيقة عكس ذلك"، مضيفة لـ"عربي21": "بعض الكتائب
التابعة للسراج تقوم بعملية عكسية وتختطف الثوار وتقوم بحملة اعتقالات وهو يحاول فقط
الظهور بأنه رجل وفاق".