اقتصاد عربي

تحليل: إشادة النقد الدولي باقتصاد مصر تتناقض مع فقر الملايين

يتناقض الجانب المشرق الذي تحدث عنه تقرير صندوق النقد الدولي مع الإحصائيات الحكومية المصرية- جيتي

أثار تقرير صندوق النقد الدولي الأخير في نهاية تموز/ يوليو الماضي، الذي أشاد بالإصلاحات الاقتصادية في مصر، حالات استهجان واسعة بين الخبراء والاقتصاديين، في ظل حالة الفقر الكبيرة التي يعيشها أكثر من ثلث سكان مصر.


وتكرر ثناء الصندوق الدولي لمصر مرات عديدة خلال السنوات الأخيرة، نظرا لالتزام القاهرة بشروط صندوق النقد الدولي على مدار السنوات الثلاث الماضية، ما منحها تسهيلات موسعة من الصندوق، إلى جانب شهادات بتحسن الاقتصاد الكلي بالبلاد منذ عام 2016.


وأمام هذه الالتزامات الدولية، تلقت مصر عددا من القروض، لمحاولة خفض التخضم والبطالة والدين العام بالنسبة للناتج المحلي، ولكنها قضت أيضا على دعم الدولة للوقود، ما أثر على ارتفاعه أمام المواطنين مرات عديدة.


ويتناقض الجانب المشرق الذي تحدث عنه تقرير صندوق النقد الدولي، مع الإحصائيات الحكومية المصرية، التي أكدت أن 32 بالمئة من سكان مصر والبالغ عددهم 99 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر، منهم 6.2 بالمئة يعيشون في فقر مدقع، بحسب تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية.


وأوضحت الصحيفة أن "خط الفقر هو دخل يقل عن دولارين في اليوم للشخص الواحد، والفقر المدقع يعرف بأنه دولار في اليوم"، مضيفة أن "أرقام الفقر تشير إلى أن نسبة الفقراء تضاعفت منذ عام 2000، وارتفعت 5 بالمئة منذ عام 2015".

 

اقرأ أيضا: السيسي يحدد "مبلغا خياليا" لموازنة مصر.. ما حقيقته؟


ووفقا لتحليل أجراه الاقتصاديون المصريون، فإن "الزيادة في الفقر لا تعود فقط إلى ارتفاع الأسعار منذ بدء الإصلاحات، ولكن يرجع ذلك أساسا إلى حركة الجنيه المصري مقابل الدولار، ما زاد من ضعف قيمة الدولار، وبالتالي سعر البضائع المستوردة بالجنيه المصري".


وأكد التحليل أن "هذا التقلب الهائل تسبب في انخفاض القوة الشرائية للمصريين بشكل حاد، في حين أن الرواتب حتى بعد التعويضات التي دفعت في الأساس لموظفي الخدمة المدنية، لم تفشل في مواكبة التضخم فحسب، بل تآكلت بنسبة 20 في المئة".


وتابع: "كان هذا الانخفاض في الدخل قاسيا بشكل خاص على عائلات الطبقة الوسطى، التي وجد بعضها أنفسهم محاصرين تحت خط الفقر"، لافتا إلى أنه "من الصعب معرفة الضغوط الاقتصادية من وسائل الإعلام الحكومية، والتي تخضع للتدقيق والرقابة".


واستدرك قائلا: "لكن المصري العادي لا يحتاج إلى الصحف لمعرفة وضعه، لأنه يشعر به كل يوم عندما يصطف في طوابير أمام المخابز الحكومية التي تبيع البيتا بسعر مخفض، أو عندما يدفع الكثير من الجنيهات المصرية لملء خزان الغاز".


وذكر التحليل أن "هناك صعوبة في تطوير القطاع الخاص، لأن الجيش يسيطر على عدد كبير من المشاريع، ولا يسمح للشركات الخاصة بالتنافس بشكل عادل على حصتها في السوق في قطاعي الصناعة أو البناء"، مشيرا إلى أن "الخصخصة عنصر أساسي في برنامج الإصلاح الاقتصادي، إلا أن تنفيذه بطيء، إما لأن الجيش غير مستعد للتخلي عن الشركات التي يمتلكها، أو بسبب الخوف من أن الخصخصة ستجعل الكتل الكبيرة من العمال زائدة عن الحاجة، ما يجعلهم ينضمون إلى الملايين من الباحثين عن عمل".