ملفات وتقارير

بعد أمر توقيفه.. هل باتت محاكمة خالد نزار مستحيلة بالجزائر؟

واصل خالد نزار انتقاداته لقائد الجيش الجزائري الحالي رغم صدور أمر باعتقاله- تويتر

احتدم جدل قانوني في الجزائر، بخصوص إمكانية ترحيل وزير الدفاع السابق خالد نزار إلى البلاد بعد إصدار أمر دولي بتوقيفه بتهمتي "التآمر على الجيش" و"المساس بالنظام العام".


ويلاحق نزار ونجله وأحد مقربيه من المحكمة العسكرية بالبليدة، وفق المادتين 77 و78 من قانون العقوبات والمادة 284 من قانون القضاء العسكري، وهي المواد التي تصل عقوبتها القصوى إلى الإعدام.


ويقيم نزار، الرجل القوي في النظام الجزائري سنوات التسعينات، بإسبانيا التي سافر إليها في الشهرين الماضيين، ومنها انطلق في توجيه انتقادات لاذعة لرئيس أركان الجيش الحالي الفريق أحمد قايد صالح  والدعوة حتى للتمرد عليه.


وترتبط الجزائر مع إسبانيا، باتفاقية لتسليم المطلوبين، إلا أنها مقيدة بشروط يمكن أن يستغلها نزار في وقف قرار ترحيله إلى الجزائر، وهو ما جعل الآراء تتضارب في إمكانية تسليمه.


وتنص هذه الاتفاقية المؤرخة في 12 آذار/مارس 2008، على أنه يُرفض التسليم إذا كانت الجريمة سياسية  أو عسكرية محضة أو إذا كانت التهمة الملاحق بها الشخص عقوبتها الإعدام.


الموانع الأوربية

 

 وفي هذا الصدد، يقول المحامي ورئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، نور الدين بن يسعد إن "ثمة عوائق كثيرة تمنع تسليم خالد نزار، في الشق القانوني والحقوقي والسياسي للمسألة".


ويضيف بن يسعد في حديثه لـ"عربي21" أن "الدول الأوربية موقعة على الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان، والتي تحوي على بنود صارمة فيما يخص احترام حق الدفاع وقرينة البراءة ورفض عقوبة الإعدام".


ويشير إلى أن "المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان التي يُمكن لنزار أن يلجأ إليها في حال صدر قرار بترحيله، تشدد أيضا على شرط استقلالية القضاء في الدول التي يتم ترحيل المتهمين إليها وعلى توفر شروط المحاكمة العادلة".


ويوضح أن المحكمة العسكرية في الدول الأوربية "تُعتبر محاكم استثنائية وخاصة تتنافى مع مبدأ استقلال القضاء، وهو ما يُرجح عدم اعتراف الدول الأوربية بأمر التسليم كون الأمر بالقبض الدولي يأتي من محكمة عسكرية في الجزائر".


ويلفت أيضا إلى أن "عدة عوامل سيستعملها دفاع نزار في دعم بقائه في الخارج لأن أمر تسليمه مرتبط بقرار قضائي وليس سياسي، منها الوضع السياسي في الجزائر واستمرار الحكم بعقوبة الإعدام".


إمكانية التسليم

 

 في المقابل، يرى المحامي والقانوني عمار خبابة، أن "ثمة إمكانية لتسليم خالد نزار، كون الاتفاقية الموقعة بين الجزائر وإسبانيا، تحتمل عدة قراءات".


ويذكر خبابة في حديثه لـ"عربي21" أن "الاتفاقية حينما تستبعد المطلوبين المتهمين بجرائم سياسية، فهذا  التكييف مطاط وشامل ومن الصعب تحديده بدقة".


ويشير إلى أن تهمة التآمر على الجيش الواردة في حق نزار، لا يمكن اعتبارها على الإطلاق تهمة سياسية، فالتآمر قد يكون بناء على وقائع محددة بعيدة عن السياسة".


أما عن عدم تسليم المتهمين في قضايا يصل الحكم فيها إلى الإعدام، فيقول خبابة إنه "لا بد من الإشارة إلى أن القضية هي قيد التحقيق الذي سيتواصل ويمكنه أن يسقط الظرف المشدد الذي يعاقب بموجبه بالإعدام".


ويتابع: "لا ننسى أن التسليم يتم عبر الطرق الدبلوماسية، وهذه الطرق فيها من الأخذ والعطاء وتخضع لسقف المصالح المشتركة والمعاملة بالمثل"، مضيفا: "أن نزار يمكنه أن يغادر إسبانيا إلى دولة أخرى، وهنا سيتدخل جهاز الإنتربول الذي وصله الأمر بالقبض الدولي وتعد الجزائر عضوا فيه يحق لها أن تستفيد من خدماته".


"التغريدات المورطة"

 

 ويأتي صدور أمر دولي بالقبض على نزار، عقب تغريداته المعادية لقائد الجيش الحالي على حسابه بموقع "تويتر" منذ منتصف شهر تموز/يوليو الماضي والتي اعتبره فيها "خطرا على مستقبل البلاد".


ولم يأبه وزير الدفاع السابق، بأمر القبض عليه، حيث واصل نشر تغريداته الثلاثاء وكتب بشكل ساخر ضد قايد صالح، مشيرا إلى أنه يعتبر مجرد انتقاده تآمرا على الجيش والبلاد.


وكتب نزار في أولى تغريداته يقول إن "الجزائر حاليا رهينة شخص فظ فرض العهدة الرابعة وكان وراء العهدة الخامسة، ينبغي أن يوضع له حد لأن البلاد في خطر".


وكان خالد نزار وزير الدفاع وقتها، وراء قرار الفض العنيف لاعتصام نشطاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ في حزيران/يونيو سنة 1991 بالعاصمة احتجاجا على قانون الانتخابات، كما كانت له مساهمة أيضا في إجهاض "انتفاضة أكتوبر" في العام 1988 عندما كان رئيسا لأركان الجيش.


ويتهم نزار كذلك بالوقوف وراء إلغاء الانتخابات التشريعية التي فازت في دورها الأول الجبهة الإسلامية للإنقاذ بأغلبية كاسحة في نهاية العام 1991، وهو الحدث المفصلي الذي أدى إلى دخول البلاد دوامة من العنف.


ويعد خالد نزار من رجال النظام الأقوياء الذين دفعوا بالرئيس الشاذلي بن جديد إلى الاستقالة سنة 1992، كما كان وراء جلب الرئيس محمد بوضياف الذي اغتيل في نفس السنة، ولا يزال نجله ناصر إلى اليوم يتهم نزار بالتورط بذلك.