صحافة دولية

MEE: توجه إسرائيلي متصاعد نحو فصل عنصري في الأماكن العامة

ميدل يست آي: اتهامات لإسرائيل بالتمييز العنصري لمنع العرب من دخول حديقة عامة- بلدية العفولة

نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا لمراسله من مدينة العفولة جوناثون كوك، يقول فيه إن منع محامية وطفلها من دخول حديقة عامة في الجليل الأسبوع الماضي أثار معركة قانونية حول ما إذا كانت السلطات المحلية لها الحق في فصل المواطنين بناء على أساس عنصري.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن منظمات حقوق الإنسان حذرت من أن هذا يشكل توجها متصاعدا من السلطات المحلية في المدن ذات الغالبية اليهودية نحو فصل حقيقي في المساحات العامة، بشكل يذكر بجنوب أقريقيا عندما كان يسودها نظام الأبارتايد.

 

ويلفت كوك إلى أن محكمة إسرائيلية ستقرر إن كان مناسبا للعفولة أن تحرم أناسا من غير سكانها من دخول الحديقة العامة، التي تتضمن ساحة لعب وحديقة حيوان صغيرة، وملعب كرة سلة ومسارا للركض، مشيرا إلى أن التقييد يصل إلى حد منع للمواطنين الفلسطينيين من المجتمعات المجاورة من استخدام الموارد العامة، بحسب منظمة عدالة، وهي مؤسسة حقوقية تمثل الأقلية الفلسطينية في إسرائيل، التي تشكل خمس السكان تقريبا.

 

ويقول الموقع إن هؤلاء الفلسطينيين، الذين يبلغ عددهم 1.8 مليون نسمة، هم من تبقى من شعب البلد الأصلي، الذين تم طردهم من أراضيهم عام 1948 خلال إقامة إسرائيل، وهو ما يسميه الفلسطينيون النكبة.

 

"غزو" الحديقة

 

وينوه التقرير إلى أن عمدة العفولة، آفي الكابتز، لم يفعل الكثير ليخفي أسباب إغلاق الحديقة أمام غير سكان المدينة، مشيرا إإلى أنه فاز في الانتخابات العام الماضي، بعد أن وعد بإنهاء ما أسماه "غزو الحديقة" من المواطنين الفلسطينيين، وطلب من المواطنين اليهود "رفع الأعلام الإسرائيلية بافتخار في أنحاء الحديقة كلها، وتشغيل الموسيقى العبرية".

 

ويفيد الكاتب بأن منظمة عدالة أشارت إلى أن الكابتز وغيره من مسؤولي العفولة شنوا حملة على مدى الأعوام الثلاثة الماضية تمنع المواطنين الفلسطينيين من الانتقال إلى العفولة من المجتمعات المجاورة المكتظة مثل الناصرة، مشيرا إلى أن العمدة شارك في سلسلة من المظاهرات ضد العائلات الفلسطينية، التي كانت تحاول شراء بيوت في العفولة، بما في ذلك مظاهرة الشهر الماضي نظمها اليمين المتطرف المناوئ للعرب.

 

وتشير الصحيفة إلى أنه بعد الانتخابات العام الماضي طلب من أعضاء المجلس حلف اليمين الدستورية، بعد مراجعته، حيث أنهم يحلفون على "إبقاء المدينة مدينة يهودية"، وبالرغم من الاحتجاجات قررت وزارة الداخلية عدم تغيير النص.

 

طفل وأمه يحرمان الدخول

 

وينقل التقرير عن المحامي مع منظمة عدالة فادي خوري، الذي يشرف على قضية مقدمة أمام محكمة منطقة الناصرة، قوله إن من المهم أن نعلم أن تلك لم تكن حالة استثنائية.

 

وقال خوري لـ"ميدل إيست آي": "كان هناك دائما كثير من الفصل العنصري في إسرائيل، لكنه كان يتم بصمت، وفي الغالب بعيدا عن الأبصار في المجتمعات النائية، وتخفيه لغة محايدة لئلا تثير مثل تلك السياسات التمحيص أو الانتقاد".

 

وأضاف خوري: "لكن التمييز الآن انتقل إلى وسط المسرح، الى المدن الكبيرة، ويتم فعله علنا وبفخر، إنها علامة على ثقة اليمن المتزايدة".

 

ويلفت كوك إلى أن منظمة عدالة قامت برفع القضية بعد أن تم منع محامية تعمل مع المنظمة من الدخول إلى الحديقة الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أن نريمان شحادة الزعبي، من سكان الناصرة، كانت تريد أخذ ابنها البالغ من العمر عاما إلى الحديقة ليلعب هناك، فمنعهما الحارس من الدخول بعد أن سألها أين تسكن، حيث لا تبعد الناصرة، أكبر المدن التي فيها مجتمع فلسطيني في إسرائيل، إلا مسافة قصيرة عن العفولة.

 

ويذكر الموقع إلى أنها أشارت إلى أن النقص في الأراضي بسبب مصادرة الحكومة للأراضي قبل عقود، أدى إلى كون الناصرة والمدن الفلسطينية الأخرى مكتظة، وتفتقر إلى المساحات الخضراء والحدائق العامة.

 

وقالت شحادة الزعبي لـ"ميدل إيست آي": "كان صادما ومؤلما أن يطلب منا المغادرة، خاصة أنه كان يسمح لليهود بدخول الحديقة دون اضطرار أن يظهروا أي هويات، وواضح أن السياسة مصممة لمنع العرب فقط من الدخول"، وأضافت: "تبدأ بالمنع من دخول الحدائق، لكن إن لم نواجه سياسة الفصل القائمة على الاثنية سيتم تصعيدها لتشمل أمورا أخرى".

 

المحاكم تخشى التدخل

 

وبحسب التقرير، فإن بلدية العفولة رفضت التعليق على الموضوع، وقال المتحدث كفير بازاك للموقع بأنهم لا يتحدثون للصحافيين؛ لأن الصحافة الإسرائيلية في الماضي حرفت سياسات البلدية.

 

ويفيد الكاتب بأن منظمة عدالة تأمل بأن تلغي منع دخول الحديقة باستخدام قانونين: الأول يمنع البلديات من جمع الرسوم لدخول الحدائق العامة، والثاني يمنعها من حظر الخدمات بناء على مقاييس محددة، بما في ذلك مكان الإقامة.

 

وينقل الموقع عن خوري، قوله إن المفارقة هي أن فقرة عدم التمييز بناء على مكان الإقامة تمت إضافتها في تعديل أدخله الكنيست على القانون عام 2017، كان بهدف منع الشركات من حرمان الخدمات للمستوطنين، وأضاف أن الكثير من المجتمعات اليهودية وضعت قيودا بحسب مكان الإقامة على الخدمات، مثل المسابح والمراكز الرياضية بهدف استثناء الفلسطينيين، وعادة ما تتردد المحاكم في التدخل.

 

وقال خوري للموقع: "في تلك الحالات، هناك حيز محدود وهناك حجة في تقديم السكان المحليين، لكن الحدائق لا يمكن التعامل معها على أنها مساحة خاصة (بالسكان المحليين فقط).. الأرض تمنحها الدول للبلديات، ثم تحدد في خطط المدينة على أنها مساحات مفتوحة، مثل الشوارع العامة، لا يمكن التعامل معها كأنها ملكية خاصة"، وأضاف: "إن دعمت المحكمة حجة منظمة عدالة، فإن من يمنع من دخلوا الحديقة يمكنه رفع قضية على البلدية".

 

مدينة من "مبغضي العرب"

 

ويشير التقرير إلى أنه في زيارة للحديقة خلال عطلة نهاية الأسبوع كان سكان العفولة في الغالب مؤيدين لخطوة رئيس البلدية، وقال تل كوفمان (41 عاما) إنه يأخذ ابنه الصغير إلى الحديقة بشكل مستمر خلال الصيف.

 

وأضاف كوفمان: "إنه أفضل هكذا، هذه المدينة معروفة بأنها مليئة بمبغضي العرب، أنا لست ضد العيش معا، لكن الحقيقة هنا أن الاختلاط سيؤدي إلى التوتر والاقتتال.. يجب أن نعرف كيف نشأ الناس هنا – على كراهية العرب، يجب علينا التمييز بين مثاليات السياسية والحياة الحقيقية".

 

ويستدرك كوك بأن معظم الآخرين كانوا مترددين في عزو السياسة مباشرة للعنصرية، مشيرا إلى أن تل كوهين البالغ من العمر 30 عاما، الذي نشأ في العفولة، لكنه يعيش الآن في تل أبيب، كان في زيارة والديه هو وزوجته وأطفاله، ويعتقد أن القيود ضرورية لأن هناك "اشخاصا سيئين".

 

وقال كوهين للموقع: "ان ذلك لا علاقة له بالعرب واليهود، إنما هو مرتبط بمنع المشاكسين من القدوم إلى هنا واستخدام الحديقة، وهناك مشكلة في الكحول والقمامة".

 

"غير مناسبين اجتماعيا"

 

ويقول الموقع إن آدي افيرام (34 عاما)، كانت تراقب أطفالها الثلاثة يلعبون، وقالت إنها لا تظن أنه يجب منع من هم ليسوا من سكان البلد من استخدام الحديقة، لكن عليهم دفع رسم لاستخدامها.

 

وفي إشارة للفصل في السكن بين الأكثرية اليهودية والأقلية الفلسطينية، قالت من المفيد أن يلتقي الأطفال من إثنيات مختلفة في الحديقة، وأضافت: "في الحقيقة إنهم إن لم يختلطوا هنا، فإنهم لن يلتقوا إلا عندما يكبرون، وبعد أن يكون التمييز قد تطور لديهم، من الجيد للأطفال أن يلعبوا معا ويلتقوا ويسمعوا لغات مختلفة".

 

ويلفت التقرير إلى أن 90% من التجمعات اليهودية يعيشون منفصلين على أساس عرقي، كما أشار العضو الفلسطيني السابق في الكنيست، حنا سويد، الذي يرأس الآن المركز العربي للتخطيط البديل، وقال إن مئات التجمعات اليهودية توظف لجان قبول لمنع الفلسطينيين من العيش معهم بحجة أنهم "غير مناسبين اجتماعيا".

 

وأضاف سويد للموقع: "حتى البقية الذين يعيشون في المدن الكبيرة المختلطة، مثل القدس وحيفا وعكا واللد ويافا، فإنهم يعيشون في ظل نظام فصل جزئي حيث يعيش اليهود والفلسطينيون في احياء منفصلة".

 

الخوف من الاختلاط

 

وينوه كوك إلى أن الفلسطينيون يشكلون أقل من 1% من سكان العفولة، بحسب مكتب الإحصاء المركزي، مستدركا بأن الاعداد القليلة التي تسربت من التجمعات الفلسطينية القريبة على مدى الثلاث سنوات الماضية أثارت ردة فعل، واستغل رئيس البلدية خوف سكان العفولة من أن مدينتهم ستصبح مدينة مختلطة.

 

ويقول الموقع إن "هذا ما حصل في نتسرات عيليت (الناصرة العليا)، وهي مدينة يهودية بنيت في الخمسينيات على أراضي مدينة الناصرة القريبة، والمشهور عنها أن المسيح قضى فيها طفولته، وهي المدينة الفلسطينية الوحيدة التي بقيت كما هي بعد النكبة".

 

ويقول سويد للموقع إن نسبة الفلسطينيين في نتسرات عيليت قد تصل الآن إلى 25%، لكن السلطات الإسرائيلية تتردد في نشر الأرقام الرسمية.

 

ويذكر التقرير أن السكان صوتوا الشهر الماضي على تغيير اسم ناصرة عيليت إلى نوف هجليل، في محاولة وصفها رئيس البلدية لتمييز المدينة اليهودية عن جارتها، مشيرا إلى أن عدة رؤساء بلدية في نتسرات عيليت رفضوا بناء مدرسة تدرس اللغة العربية، منتهكين قانون التعليم الإسرائيلي -مضطرين الأهالي الفلسطينيين لأن يرسلوا أبناءهم لمدارس الناصرة، فيما التعليم تقريبا منفصل تماما في إسرائيل.

 

مقارنة مع المهاجرين

 

ويورد الكاتب نقلا عن أب كان يجلس مع أطفاله في حديقة العفولة، وقدم نفسه بالاسم "نك" فقط، قوله إنه عاش في نتسرات عيليت لفترة قصيرة، عندما وصل من روسيا عام 1992 قبل أن ينتقل للعفولة، وحذر من أن العفولة ستواجه تدفقا فلسطينيا مشابها لو لم يتصرفوا بسرعة، وشبه الفلسطينيين الأصليين بالمهاجرين، وقال: "هنا مثل أي مكان آخر، الناس في لندن لا يريدون المهاجرين أن يأتوا إلى مدينتهم، ونحن نشعر بالشيء ذاته".

 

وبحسب الموقع، فإن مجلس العفولة رفض العام الماضي أن يضم الى حدوده البلدية قرية الدحي الفلسطينية؛ بحجة الحفاظ على صفة المدينة "اليهودية".

 

تهويد الجليل

 

وينقل التقرير عن سويد، قوله إن العفولة وغيرها من المدن اليهودية القريبة كان ينظر إليها في إطار "تهويد" الجليل، الذي هو منطقة بقيت ذات أغلبية فلسطينية منذ 1948.

 

وأضاف سويد: "المشكلة هي أنه بعد عقود من تمييز الحكومة ضد الفلسطينيين، فإن التجمعات الفلسطينية مثل الناصرة تفتقر إلى الأرض لتمدد السكن.. وليس أمام السكان من سبيل إلا أن يبحثوا عن حل في مكان آخر، فابتداء بدأوا بالانتقال إلى نتسرات عيليت، والآن إلى العفولة، وخلق ذلك رد فعل". 

 

ويفيد كوك بأن كلا من سويد وخوري أشارا إلى أن مسؤولي العفولة شعروا بثقة أكبر في استثنائهم للفلسطينيين بعد أن مرر الكنيسيت قانون الدولة القومية الأساسي العام الماضي، الذي يتمتع بصفة شبه دستورية، مشيرا إلى أنه بحسب المادة السابعة من القانون، فإن "الدولة تعد تطوير المستوطنات اليهودية قيمة قومية، وستعمل على تشجيع ودعم إقامتها وتقويتها.. والفكرة من القانون هي تمكين المدن، مثل العفولة، لتطبق سياسة الفصل".

 

ينزعجون من اللغة العربية

 

ويورد الموقع نقلا عن المؤرخ الإسرائيلي ومحرر كتاب يقارن إسرائيل بجنوب أفريقيا العنصرية، إيلان ببي، قوله إن هناك تأييدا كبيرا بين الإسرائيليين اليهود للفصل العنصري على غرار نظام الأبارثايد.

 

ويلفت التقرير إلى أن استطلاعا عاما أظهر أن 74% ينزعجون من سماع محادثة باللغة العربية، وهي اللغة الأم لخمس السكان، وأن 88% سيقلقون إن أحب ابنهم فتاة عربية.

 

وقال ببي لـ"ميدل إيست آي": "الواقع اليوم هو أنك لن تجد وزيرا في الحكومة مستعد لأن يشجب ما تقوم به بلدية العفولة.. وليس ذلك فقط، بل إن جميعهم سيتفهم أو يؤيد أفعالها".

 

وينوه الكاتب إلى أن افتتاحية لصحيفة "هآرتس" الصيف الماضي خلال مظاهرات العفولة ضد بيع البيوت للفلسطينيين، أشارت إلى أنه حتى أحزاب يسار الوسط لم تنتقد مشاركة رئيس البلدية ومسؤوليها في المظاهرات، وقالت الافتتاحية: "في إسرائيل.. يواجه التعبير عن كراهية العرب باللامبالاة التامة في أفضل الأحوال والتأييد في أسوأها". 

 

قالب للمستقبل

 

وقال ببي للموقع إنه كان من المحتم أنه في الوقت الذي توقف فيه السياسيون الإسرائيليون حتى عن مجرد الحديث عن حل الدولتين، أن تتوجه السياسيات داخل اسرائيل أقرب إلى تلك في الأراضي المحتلة.

 

وأضاف المؤرخ الإسرائيلي لـ"ميدل إيست آي": "حجة اليمين هي أنه لا فرق بين الأجزاء من فلسطين التي تم احتلالها عام 1948، التي تشكل إسرائيل اليوم، وتلك التي احتلت عام 1967.. بالنسبة لهم كلها إسرائيل الكبرى.. والنتيجة هي أن السياسات تجاه المواطنين الفلسطينيين تشبه تلك التي يواجها الفلسطينيون تحت الاحتلال، فكلهم سيواجهون النوع ذاته من الأبارثايد، لقد كان قانون الدولة القومية نموذجا للمستقبل". 

 

ويشير الموقع إلى أن التجمع اليهودي في الجليل أوقف العام الماضي مزادا لبيع الأراضي للبناء في كفار فراديم، بعد أن قام عدة فلسطينيين بشراء قطع أرض، لافتا إلى أن 50 حاخام بلدية قاموا بإصدار فتوى عام 2010 ضد اليهود الذين يؤجرون أو يبيعون البيوت للفلسطينيين.

 

وبحسب التقرير، فإنه في حوالي الوقت ذاته تم الاشتباه بأن نائب رئيس بلدية كرمئيل قام بتخصيص رقم هاتف يتصل به المواطنون للإخبار عن جيرانهم الذي يشكون بأنهم باعوا بيوتهم لفلسطينيين.  

 

ويختم "ميدل إيست آي" بالقول إنه بالعودة إلى حديقة العفولة، فإن رجلا هناك اعترف بأنه مواطن فلسطيني، من قرية دبورية القريبة، ولم يقدم نفسه إلا باسم عبدالله، وقال إنه موظف من بلدية العفولة لرعاية الحديقة على مدى الأربع سنوات الماضية، ورفض أن يعلق على سياسة رئيس البلدية الجديدة.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)