كتاب عربي 21

اشتية لن يصلح ما أفسده أوسلو

1300x600

قال الدكتور محمد اشتية إنه سيزور قطاع غزة وسيعمل على تحقيق مصالحة بين "حماس" و"فتح". شيء جميل والكل الفلسطيني يرجو تحقيق الوحدة الوطنية وليس مصالحة فصيلين فقط. وفي هذا السياق من الضروري الانتباه إلى حقيقة موضوعية وهي أن الخلافات والصراعات الداخلية الفلسطينية مبنية في اتفاق أوسلو، ولم يكن من الممكن تجنب الاقتتال الداخلي الفلسطيني بوجود هكذا اتفاق. 

 

أوسلو سبب الانقسام


وقد حذر أناس، والكاتب من ضمنهم، من السير في الاتفاق لأن النتائج المترتبة على قبوله ستكون وخيمة. والقارئ للاتفاق كان لا بد أن يصل إلى نتيجة أن نوايا الفلسطيني الذي قبل الاتفاق وصادق عليه لم تكن حسنة بتاتا، ومثله مثل اتفاق باريس الاقتصادي.

 

اتفاق أوسلو يحرص على أمن الكيان الصهيوني وينص على أن الأمن الإجمالي بيد الصهاينة


بما أن أوسلو هو السبب الرئيسي في حدوث الانشقاقات الفلسطينية فإن الوحدة الوطنية الفلسطينية تتطلب التخلص منه مهما كانت التكاليف والمعاناة. تحمل النتائج المترتبة على التخلص من الاتفاق أقل تكلفة من التمسك به لأن تطبيقه حاصر الشعب الفلسطيني في الكثير من الأزمات التي يدفع ثمنها المواطن الفلسطيني الكثير من الآلام والأحزان والضياع. ومن يوقع اتفاق ويصفق له ويسير في دربه عليه أن يتحمل تبعات التخلص منه. التشخيص يقول إن الناس في الضفة الغربية وقطاع غزة أصبحوا في ضيق أكبر بعد اتفاق أوسلو وإقامة السلطة الفلسطينية على المستويين الوطني والشخصي، لكن التشخيص لا يكفي لمعالجة التدهور الحاصل، بل لا بد من البحث عن جذور الأزمة لكي نقتلع أسباب المرض. بالضبط كما يفعل الطبيب لمعالجة المرض.

اتفاق أوسلو يحرص على أمن الكيان الصهيوني وينص على أن الأمن الإجمالي بيد الصهاينة، وجاء اتفاق أوسلو2 أو اتفاق طابا ليؤكد بوضوح على دور السلطة الفلسطينية في ملاحقة الإرهابيين الفلسطينيين الذين هم يقاومون الاحتلال أو يفكرون بمقاومته أو يدعون إلى مقاومته، وتجنب مساءلة العملاء والخونة الذين يخدمون الاحتلال. فإذا أراد الدكتور اشتية عمل مصالحة مع "حماس"، فهل لديه تصور كيف سيكون التعامل مع الذين يحملون السلاح ويطلقون الصواريخ على الصهاينة؟ 

الصهاينة لن يسمحوا للسلطة بالتهاون مع المقاومين، وهم يسمحون بحمل السلاح لفئتين فقط، وهما السلطة نفسها والزعران الذين يوجهون رصاصهم إلى صدورنا نحن. هذان صنفان من السلاح لا يخشاهما الكيان الصهيوني. سلاح غزة وهو السلاح الشرعي الوحيد صد جيش الصهاينة أربع مرات متتالية منذ عام 2008 حتى الآن، وقدراته تتطور مع الزمن، ومن المحتمل أن يصل درجة الردع مثلما وصل حزب الله في لبنان. فهل سنطالب المقاومة في غزة بتسليم سلاحها والتخلي عن مواجهة الاحتلال، أم ستنضم الضفة الغربية إلى قطاع غزة في مواجهة الاحتلال؟

مطلوب من الدكتور اشتية الإجابة. طبعا نعي تماما التبعات الاقتصادية والأمنية التي ستترتب على انضمام الضفة الغربية لقطاع غزة. وفي هذا الصدد، لا معنى لاستمرار الحديث عن السلطة الشرعية. سلطة رام الله غير شرعية وفق القوانين الفلسطينية، وإدارة قطاع غزة غير شرعية أيضا، ولا يتوفر شرعية على الساحة الفلسطينية سوى شرعية البندقية التي أكسبت فصائل المقاومة بعد عام 1967 شرعية.

 

سلاح غزة وهو السلاح الشرعي الوحيد صد جيش الصهاينة أربع مرات متتالية منذ عام 2008 حتى الآن، وقدراته تتطور مع الزمن


وبعد ذلك، هناك أمور شخصية متعلقة بالشأن العام من المهم طرحها على الدكتور اشتية. كيف يقبل أكاديمي ترؤس وزارة فلسطينية هو يعرف جيدا أنها غير شرعية. المتوقع أن يتمسك الأكاديمي بالشرعية بسبب أهميتها في استقرار المجتمعات ووحدتها، وبانسيابية انتقال السلطة من يد إلى أخرى، والمؤسف أن الأكاديميين الفلسطينيين لم يحترموا هذا المعيار وتذرعوا بالاحتلال لتبرير أعمالهم. الذي يعين رئيس الوزارة هو رئيس السلطة الفلسطينية غير الشرعي، وكل ما ينبثق عن غير الشرعي غير شرعي. ومن الضروري وفق القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية أن تحصل الحكومة على ثقة المجلس التشريعي، والمجلس التشريعي غير موجود. ولو كان التشريعي موجودا لما كان شرعيا لأن مدة انتداب أعضائه انتهت عام 2010. 

كيف تقبل يا دكتور اشتية بالمنصب المحاط بعدم الشرعية؟ أنت غير شرعي كرئيس وزراء، وكذلك أعضاء حكومتك. ولهذا من المهم البحث عن سبيل لإقامة شرعية في الضفة الغربية وقطاع غزة. ويجب دائما احترام إرادة الناس وآرائهم، وإلا فإننا سنمارس السقوط كما يمارسه غيرنا.

ومن زاوية أخرى، أنت يا دكتور اشتية فئوي، ووزارتك لم تحظ بتوافق وطني. أنت من الداعمين الأقوياء لاتفاق أوسلو. فهل تظن أن فئويتك ستقودك إلى تحقيق وحدة وطنية فلسطينية؟ الفئوية التعصبية والتي أراك تتمسك بها تتناقض تماما مع فكرة الوحدة الوطنية. أم هل لديك نية للتخلص من الفئوية لتتعامل مع الشعب الفلسطيني برحابة صدر وبدون إقصاء لأحد؟ أنت تعلم وأنا أعلم أن فئتك كانت دائما حريصة على السيطرة على المال والقرار الفلسطينيين، فهل ستتخلى عن هذه العقلية أم أنك ستمارسها أيضا؟ الجميع بانتظار أدائك، ولا غاية لي في عرقلة سيرك وأنت في البداية، لكن من الضروري أن نضع الأسئلة الجدلية أمامك لنختبرها عبر ممارساتك والتي لم تكن ناجحة في تشكيل الوزارة.