صحافة دولية

باحث إسرائيلي: المغرب والجزائر خرجا من "الربيع" بأقل الأضرار

قال الباحث الإسرائيلي إن الاضطرابات الأخيرة بالجزائر والمغرب توحي بأن أساليب الحكم القديمة قد لا تكون كافية- جيتي

قال الباحث الإسرائيلي، بروس مادي ويتزمان، إن نظامي الحكم في المغرب والجزائر خرجا من الربيع العربي بأقل الأضرار، "لكن الاضطرابات الأخيرة توحي بأن أساليب الحكم القديمة قد لا تكون كافية".

وأضاف ويتزمان في مقال تحليلي نشره بصحيفة "أمريكان آنترست"، وترجمت "عربي21" بعض فقراته، أنه بعد ثماني سنوات من حادثة البوعزيزي في تونس، التي أشعلت "موجة تسونامي" من الاحتجاجات الشعبية والاضطرابات السياسية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "يبدو أن هناك جولة جديدة من الاضطراب السياسي المتزايد، تتركز هذه المرة في شمال أفريقيا، على الرغم من تجلي هذا الاضطراب في حالة واحدة، أي السودان، إلا أنه لا توجد وجهات واضحة في الأفق".

وأوضح الباحث الإسرائيلي أن المظاهرات الأسبوعية الحاشدة بالجزائر التي خرجت ضد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (82 عاما) منعته من الانتخاب لفترة ولاية أخرى مدتها خمس سنوات، لافتا إلى أنها مازالت مستمرة، متحدية ما وصفها بـ"الأوليغارشية العسكرية البيروقراطية" الحاكمة هناك.

 

اقرأ أيضاحشود كبيرة في جمعة "التأكيد على خيار الشعب" بالجزائر (شاهد)

وسجل ويتزمان أنه "في المغرب المجاور، تظل السلط تحت السيطرة، لكن الصيغة المعتادة –القمع، والخيار المشترك، والحريات المحدودة- لم تعد تضمن استمرار النجاح"، وفق تعبيره. 

وأشار الباحث إلى أن من بين التدابير الأولى التي اتخذها نظام ما بعد بوتفليقة هو اتباع النموذج المصري، من خلال الشروع في تطهير المقربين من بوتفليقة من السلطة، ووضع شقيقه القوي سعد بوتفليقة تحت الإقامة الجبرية، واعتقال رجل الأعمال، علي حداد، المقرب من الرئيس، واستدعاء رئيس الوزارء السابق، أحمد أويحيى، ووزير المالية للاستجواب القضائي.

 

اقرأ أيضااستدعاء أويحيى ووزير المالية بالجزائر للتحقيق بتهم فساد

وأوضح ويتزمان، في مقاله المعنون بـ"الخروج إلى شوارع الجزائر والمغرب"، أن التحولات السياسية بالجزائر "معرضة بشكل سيء للتلاعب والنكسات والانتكاسات وعمليات الاختطاف الصريحة". 

وقال إنه "بالنظر إلى عدم وجود هيئة تنسيق وطنية توحد بين مختلف الفصائل السياسية والتوجهات داخل المجتمع الجزائري ، فإن السعي الناجح للوصول إلى طريق تحويلي نحو نظام سياسي جديد حقيقي يبدو مثل رؤية طوباوية أكثر منه رؤية ذات فرصة حقيقية لتحقيقها في الوقت الحالي".

وأضاف: "وفي الوقت نفسه، يبدو أن السلطة القوية سابقا تبدو أكثر ضعفا من أي وقت مضى، والدليل على ذلك أنه تم الإبلاغ عن رفض العديد من البلديات المحلية للتعاون مع تعليمات وزارة الداخلية للتحضير للانتخابات الرئاسية".

 

اقرأ أيضاعشرات رؤساء البلديات بالجزائر يرفضون الانتخابات الرئاسية

وأكد أنه "في ظل الوضع المتقلب، ستكون هناك حاجة إلى قدر هائل من الذكاء السياسي من كل من الدوائر الرسمية وقطاعات المجتمع المدني إذا كانت مهمة "سيزيف" المتمثلة في تشكيل الجزائر الجديدة قد بدأت".

وأشار ويتزمان إلى أنه منذ أكثر من نصف قرن على تخلص المغرب والجزائر من قيود الاستعمار الفرنسي، ينظر المغرب إلى الجزائر على أنها منافس جسوسياسي حقيقي. "يشتركان نفس اللهجة العربية الدارجة، وعدد كبير من السكان يتحدثون الأمازيغية. فضلا عن التدين بالمذهب المالكي الأشعري والتصوف الجنيدي. والتجارة الداخلية وتأثير الاستعمار الفرنسي". وأكد أن "البلدين أصبحا خصمين إقليميين منذ حرب الرمال عام 1963. واستمر هذا التنافس في التعبير عن نفسه في الصراع الطويل الذي يستمر منذ 45 عاما على امتداد الأراضي المجاورة لـ"الصحراء الإسبانية السابقة"".

علاوة على ذلك، يضيف الباحث، فإن صيغ شرعيتهما وأنواع نظامهما واجها معارضة شديدة لبعضهما البعض. "فبينما يرتكز النظام الجزائري على إرثه الثوري المعادي للاستعمار، فإن شعار المغرب الأساسي هو "الله، الوطن، الملك"، لافتا إلى أن "الحكم الملكي جزء لا يتجزأ من الثقافة السياسية المغربية"، مضيفا: "ومع ذلك، حتى لو كان هذا النوع من الملكية يوفر للنظام المغربي ميزة نسبية، فإنه بالكاد يؤمن الاستقرار الدائم"، وفق تعبيره.

وأوضح الباحث في مركز "موشي دايان" لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا التابع لجامعة "تل أبيب" أن "التحكم في إقرار حريات للحياة السياسية والصحافة، والمصالحة مع المعارضين السياسيين والاعتراف الرمزي (والدستوري لاحقا) باللغة والثقافة الأمازيغية كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية المغربية، والمشاريع التنموية الواسعة النطاق، كل هذا اشترى وقتا من حسن النية، لكنه لم يغير الطبيعة الأساسية للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة".

وقال إن المخزن، وهو المصطلح السياسي المغربي التاريخي للمؤسسة السياسية والعسكرية والاقتصادية والدينية المتشابكة، "واصل في اتخاذ القرارات، مثلما فعلت السلطة بالجزائر".

وسجل الباحث أن ارتفاع وتيرة الاحتجاج بالمغرب ابتداء من حراك 20 فبراير وصولا إلى الحراكات الاجتماعية في الريف وجرادة وغيرها، وآخرها "مسيرة الشعب المغربي" التي نظمت الأحد الماضي بالرباط والتي شارك فيها الآلاف من المغاربة للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي الريف "تشير إلى أن التوازن قد يتغير".

وقال: "بالنظر إلى المشكلات الأساسية للمغرب، وثقافة الاحتجاج المتنامية فيه، وليس أقلها التأثير التوضيحي لتجديد السياسة المتنازع عليها في أماكن أخرى من المنطقة، يشعر المرء أن التدابير الفعالة، وليست التجميلية فقط، مطلوبة حتى يستطيع المغرب أن يجدد بنجاح العملية الاجتماعية المتزايدة. عقد بين النظام والجمهور ككل".

وختم مادي ويتزمان مقاله بالقول إن "السودان وليبيا تعيشان حالة من الفوضى، فيما تواصل الجزائر تصدر عناوين الصحف العالمية. ولن يكون المغرب في منأى عن الإضرابات في المنطقة".