سياسة دولية

تساؤلات حول انتكاسات قوات هادي المستمرة وسط وجنوب اليمن

تمكن المقاتلون الحوثيون من السيطرة على مديرية الحشاء غربي محافظة الضالع- جيتي

تتواصل الانتكاسات الميدانية للقوات الموالية لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، في محافظتي الضالع والبيضاء (جنوب ووسط)، وسط تساؤلات حائرة عن أسباب ذلك.


كما يتساءل الكثير عن غياب دور التحالف العسكري الذي تقوده السعودية عن دعم القوات الحكومية، رغم طلبها المساعدة، علما أن هذه المناطق توصف بأنها يتيمة من دعم التحالف منذ أربع سنوات،

وظلت تقاتل بإمكانياتها المحدودة. وفقا لمراقبين

 

ويوم الأربعاء، تمكن المقاتلون الحوثيون من السيطرة على مديرية الحشاء غربي محافظة الضالع، بعد أيام قليلة من المواجهات مع القوات الحكومية التي تعاني من شحة الإمكانيات لصد الهجوم على منطقتهم. وفقا لمصادر يمنية

 

ومديرية الحشاء الاستراتيجية التي تربط ثلاث محافظات الضالع وتعز وإب، هي ثاني منطقة تسقط بيد الحوثيين، بعد سيطرتهم على أجزاء كبيرة من مديرية قعطبة، التي تتبع الضالع أيضا.

 

وفي محافظة البيضاء، يواصل الحوثيون زحفهم نحو أولى مناطق محافظة لحج "يافع" (جنوبا)، بعد أيام من سيطرتهم على مديرية ذي ناعم، والتقدم نحو مديرية الزاهر التي يخوضون فيها معارك ضارية مع أبناء البلدة، التي تقطنها قبيلة آل حميقان، جنوبي المحافظة التي تتوسط البلاد.

 

وبذلك، عزز مقاتلو جماعة الحوثي تواجدهم على الشريط الحدودي بين الجنوب والشمال، وهو ما دفع البعض إلى القول: إن هناك اتفاقا خفيا بين الجماعة وتيارات جنوبية تنادي بالانفصال وتدعمها الإمارات، بتمكينها من السيطرة على البلدات المحسوبة على الشمال، في سياق إعادة رسم حدود ما قبل عام 1990، تاريخ تحقيق الوحدة بين شمال وجنوب البلاد.

 

فرص وغياب الدعم

 

وفي هذا السياق، أكد الصحفي والمحلل السياسي اليمني، فؤاد مسعد، أن المواجهات الأخيرة أظهرت تقدما ملحوظا لصالح الحوثيين في عدد من جبهات الضالع وإب والبيضاء، بعد نحو شهر من بدء الحوثيين الهجوم في هذه المناطق.

 

وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن الحوثيين وجدوا فرصة مواتية لتحقيق اختراقات في مناطق الوسط، ثم إرباك المناطق المحررة جنوبا من ناحية ثانية.

 

وأرجع ذلك لأسباب عدة، منها أن الجماعة أدركت أن سيطرتها على منطقة حجور في محافظة حجة (شمال غرب البلاد)، في وقت بات مسلحوها مطمئنين إلى تجميد معركة الحديدة (غربا) عبر اتفاق ستوكهولم، رغم عدم تنفيذه.

 

فضلا عن الخلافات والصراعات الظاهرة والخفية بين مكونات الشرعية، كواحد من أهم الأسباب، على ما يبدو.

 

وحول دور التحالف، أوضح مسعد أن حضور التحالف بدا شبه غائب إلا من بعض الغارات، بالتوازي مع حضور ضعيف للحكومة الشرعية.

 

وقال إنه بالنظر إلى أهمية المناطق التي تشهد المواجهات في الوقت الراهن، فلا يمكن الجزم هنا أن التحالف تخلى عن الدعم، لأن هذه المناطق ظلت محرومة من دعمه.

 

وتابع الصحفي اليمني: خلال أكثر من أربع سنوات وهي تقاتل الحوثيين بإمكانات ذاتية ودعم حكومي قليل جدا.

 

لكنه ذكر أنه في حال حصلت المقاومة على دعم يشمل سلاحا ثقيلا لتراجع الحوثيين إلى أبعد مما كانوا عليه قبل شهرين. مشيرا إلى أن الحوثيين دفعوا ثمنا غاليا للتقدم في هذه المناطق، فقد قتل المئات منهم في هذه المواجهات.

 

واستبعد السياسي مسعد وجود أي اتفاقيات خفية سهلت هذا التقدم للحوثيين. لافتا إلى أن مثل هذه الأنباء تسربها مليشيا الحوثي.

 

تهديد للتحالف

 

من جانبه، قال رئيس تحرير صحيفة الوسط (محلية أسبوعية)، جمال عامر: تبدو المفارقة أن هذه الانتصارات تأتي بعد أربعة أعوام من حرب مستمرة وحصار بري وبحري وجوي شبه تام.

 

وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن أهمية هذه الانتصارات تكمن في نقل المعركة من داخل المحافظات الشمالية إلى محافظات الجنوب التي تعتبرها الرياض وأبو ظبي تحديدا تحت سيطرتها بتواجد قواتها أو من خلال المليشيات المحلية المدعومة منها.

 

وأشار عامر إلى أن قرار الحوثي عدم تقدم قواته نحو قعطبة أو الحشاء أو حتى يافع جنوبا كان قرارا سياسيا، حتى لا يكرس الانفصال على الأرض، إلى أن بدأ التحالف بفتحها كجبهات، ولم يكن للحوثيين أي تواجد عسكري فعلي.

 

وبحسب المتحدث ذاته، فإن هذا الأمر ربما دفع الحوثيين نحو هذا التحرك العسكري والسيطرة عليها، ومن بينها مديرية الحشاء التي تعد استراتيجية كون حدودها مع منطقة ماوية في تعز، وينتهي امتدادها إلى الشريجة في لحج (شمال عدن).

 

وأكد الصحفي عامر أن هذا التقدم سيهدد بلا شك تواجد التحالف، وبالذات بعدما تزايدت الأصوات المطالبة برحيل الأمارات واعتباره تواجدها احتلالا، بل والتهديد بمواجهته عسكريا، كما في  مدينة المهرة (شرقا)، الذي أخرج الرياض عن طورها لاستخدام طائرات الأباتشي لضرب نقطة عسكرية نظامية.

 

وأوضح رئيس تحرير صحيفة الوسط اليمنية أن تقدم الحوثيين قد يدفع بعودة الأولوية التي تجنيدها من الجنوبيين لمواجهة الجماعة في صعدة والحديدة (شمالا وغربا)، للقتال في مناطقهم. لافتا إلى أن قيادات عسكرية صرحت بمخاوفها من اجتياح قادم في ظل تفكك المتعاونين مع التحالف، واختلاف أجنداتهم في ظل ممارسات القمع وإذلال التحالف السعودي الإماراتي لأبناء محافظات الجنوب.

 

وحول عوامل القوة التي تمكن الحوثيين من التقدم نحو الجنوب، ذكر أن امتلاك "أنصار الله" مشروعا وقائدا واحدا يعد واحدا منها.

 

ومن العوامل أيضا، وفق الصحفي اليمني، "سياسة أبوظبي والرياض الاحتلالية"، بالإضافة إلى تحويلها الجنوب إلى جزر متنافرة متعددة الجيوش، ومنع أبناء الجنوب من استثمار ثرواته، ونهبها؛ لتعود على شكل هبات ومساعدات، وفوق كل ذلك، منع من يدعون القتال لاستعادة شرعيتها من ممارسة سلطتهم. وفق تعبيره