ملفات وتقارير

ما دلالة ارتفاع وتيرة حجب المواقع تزامنا مع تعديلات دستور مصر؟

صحفي: حجب المواقع "إصرار على سد منافذ حرية التعبير والاختيار في كافة المجالات المرئية والمسموعة والمقروءة"

حجبت السلطات المصرية العديد من المواقع الإلكترونية، ما بين إخبارية وحقوقية وتوعوية، بالتزامن مع استعدادات السلطات للاستفتاء على تعديلات الدستور.

 

وكشفت مؤسسة حرية الفكر والتعبير (منظمة أهلية مستقلة)، الثلاثاء، ارتفاع عدد المواقع المحجوبة إلى 513 موقعا على الأقل.

وانتقد حقوقيون وسياسيون وصحفيون مصريون سياسة حجب المواقع، مؤكدين لـ"عربي21" أنها واحدة من أدوات النظام القمعية التي تُمارس بحق المصريين، وقللوا من تأثيرها مع وجود بدائل أخرى.

وحجبت السلطات المصرية، الثلاثاء، موقع الاستفتاء الذي أطلقته حملة باطل، بعد 13 ساعة من تدشينه، تمكن خلالها من استقطاب أكثر من 60 ألفا من المصريين الذين أدلوا بأصواتهم في الحملة، وأعلنوا رفضهم للتعديلات الدستورية التي بات إقرارها وشيكا في مصر.

وأعلنت حملة "باطل"، بعد حجب موقعها الرسمي في مصر، عن تدشين عدد من المنصات البديلة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتسهيل عملية تصويت المصريين برفض التعديلات الدستورية، المزمع الاستفتاء عليها نهاية الشهر الجاري. 

لا حرية.. لا اختيار

واعتبر نقيب الصحفيين الأسبق بالإسكندرية، عامر عيد، سياسة حجب المواقع الإلكترونية قبيل الاستفتاء أنه "إصرار على سد منافذ حرية التعبير والاختيار في كافة المجالات المرئية والمسموعة والمقروءة"، مشيرا إلى أن "دلالة غلق هذا الكم الكبير من المواقع هو أن النظام الحالي لا يمكن أن يسمح بالحرية الإنسانية التي تبتغيها الشعوب، والتي يجب أن تكون المعول الأول بين الحاكم والمحكوم".

وأضاف لـ"عربي21": "لا يمكن لأي نظام أن يستمر في منعه لمواقع الويب بمختلف مشاربها وألوانها لمدة كبيرة؛ والدليل على ذلك إمكانية توالد الكثير من هذه المواقع بشكل مطرد، فلا يمكن أن يلاحقها النظام بأي صورة من الصور". 

وبشأن مسؤولية وزارة الاتصالات أو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام عن عمليات الحجب، أكد أنه "في الدول الديكتاتورية والعسكرية والأوتوقراطية، فإن أمر المنع والحجب يأتي من رأس النظام، ولا علاقة لأي من المؤسسات السابق ذكرها، فهي مؤسسات تعمل على السمع والطاعة".

عالم ضد الحجب

القيادي في تيار أقباط 25 يناير، كمال صباغ، رأى أنه "من الصعب على النظام أن يغلق الأثير الإلكتروني؛ نظرا لوجود بدائل كثيرة جدا لتجاوز الحجب، لكن الحقيقة أن إغلاق المجال العام لا يتم فقط بإغلاق المواقع الإلكترونية، بل يمتد إلى إصدار قوائم بواسطة المخابرات وتحديثها؛ لمنع أشخاص معينين من الظهور في المجال العام الذي أصبحت الدولة تمتلكه تماما".

ودلل على حديثه بالقول لـ"عربي21": "لم يظهر حتى الآن على أي برنامج تلفزيوني في مصر صوت واحد معارض لهذه التعديلات الدستورية، صاحبه أيضا التضييق والاعتقالات والتهديد لبعض رجال الأعمال للإنفاق على الدعاية للتعديلات".

وفيما يتعلق بالمصرين بالخارج، أكد أنه "للمرة الأولى انحصر دور الكنيسة في الحشد لاستقبال السيسي، واستبدلت به مجموعات تابعة لأمن الدولة، وبعض أعضاء من مجلس الشعب التابعين للنظام، على رأسهم حزب مستقبل وطن، ينفقون مبالغ فلكية على حفلات واستئجار قاعات فخمة لاستقطاب فئات بعينها لاصطناع حوار مجتمعي لتمرير التعديلات الدستورية؛ لرسم صورة مغايرة للواقع".

سياسة "أنا" فقط

انتقدت مسؤولة الملف المصري في منظمة "هيومن رايتس مونيتور"، سلمى أشرف، زيادة حجب المواقع بالتزامن مع الاستعدادات للاستفتاء على تعديلات الدستور المصري، قائلة: "النظام المصري يحاول منع أي معلومة من أي طرف غيره، وأكثر ما يخشاه هو صورته والحفاظ عليها".

وأضافت لـ"عربي21": "يعتقد النظام المصري أن وجهة نظره الوحيدة هي السائدة والرائجة أمام العالم، ولا يريد أي كيان معارض أو مؤسسة أو صحيفة أو قناة تعرض آراء أخرى، أو حتى أن تناقش قراراته"، لافتة إلى أن "المصريين يعيشون تحت ظل نظام عسكري لا يرى إلا نفسه".

وأكدت أن "النظام يعتقل الصحفيين ويحجب المواقع، وعليه فإن أكثر المعتقلين هم من الصحفيين والمحامين والنشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان، وهو يحاول إغلاق كافة الوسائل التي يمكن من خلالها التعبير عن آراء مختلفة أو مناهضة لرؤيته".