قضايا وآراء

أنواع الطائفيّة

1300x600

الطائفيّة ببساطة تعني في معانيها اللغويّة والاصطلاحيّة تعصّب، أو تجمّع طائفة مُعينَة من الناس على أمر ما. ونحن حينما نذكر مصطلح الطائفيّة يتبادر إلى الذهن مباشرة الطائفيّة الدينيّة، أو المذهبيّة، لأنّها هي السائدة والظاهرة في حياتنا.

وسبق أن شاركت في مؤتمر حول الطائفيّة، ولاحظت وجود العديد من الأنواع الأخرى للطائفيّة، ومن أبرزها: 

1 ـ الطائفيّة الدينيّة: ويقصد بها التعصّب والولاء لدين واحد دون غيره، وهذه العصبيّة تكون بين أبناء الديانات المختلفة، وليس بين أبناء الدين الواحد، وفيها نلحظ كلّ جماعة تتمسك بدينها وتحاول ضرب الآخر.

 

وقعت الفتنة الطائفية بين أبناء الديانات المختلفة فضلًا عن أبناء الأمّة الإسلاميّة، وسبق أن وقعت هذه الفتنة بين الشيعة والسنة


2 ـ الطائفيّة المذهبيّة: ويراد بها: التَزَمُّت والنصرة لمذهب واحد دون غيره، وتكون بين أبناء الدين الواحد، وليس بين أبناء الديانات المختلفة.

وقد وقعت هذه الفتنة بين أبناء الديانات المختلفة فضلًا عن أبناء الأمّة الإسلاميّة، وسبق أن وقعت هذه الفتنة بين الشيعة والسنة، في جمادى الأولى سنة 348هـ / 959م وقتل بينهم خلق كثير.

ورغم الدماء والمآسي ما زالت هذه الفتنة حتّى الآن موجودة بدرجات متفاوتة في العديد من بلدان العالم الإسلاميّ، ومنها العراق وسوريا وغيرهما.

3 ـ الطائفيّة القوميّة: والمقصود بها: التَشَدَّد والولاء لقوميّة واحدة دون غيرها، كالقوميّة العربيّة، أو الكرديّة، أو الفارسيّة، وتكون بين أبناء القوميّات المختلفة، دون النظر للدين، أو المذهب.

4 ـ الطائفيّة العرقيّة: ويراد بها: التحزّب والميل لعرق معيّن، وهذا يكون بين الأمم التي تتنوّع عروقها كالتركيّ، والأسيوي المستقر في أمريكا وغيرهما، وهكذا، أيّ أنّهم من عروق مختلفة يعيشون في دولة واحدة ويتعصّبون لبعضهم، وقد تكون بين أبناء الدين الواحد، والمذهب الواحد، وربّما بين أبناء الديانات المختلفة.

5 ـ الطائفيّة السياسيّة: وتكون بتوظيف الدين من منطلق طائفيّ لأغراض سياسيّة مصالحيّة، وهو نمط من التحيّزات السياسيّة، ولكن بغطاء مذهبيّ، أو دينيّ يتحصّن خلفها أتباعه لتحقيق مآربهم الخاصّة، ويلجأ إليها الكثير من الفاشلين سياسيًّا في بناء الدولة المدنيّة لتغطية فشلهم باستدعاء عصبيّة الطائفة، أو القبيلة، أو المذهب.

6 ـ الطائفيّة الاجتماعيّة: وتعني التناصر والتعصّب لقبيلة، أو عشيرة، أو عائلة ما، وهذا يكون في بعض العائلات، ويكون بين أبناء المجتمعات المختلفة بغض النظر عن دينهم وعقائدهم.

7 ـ الطائفيّة الاقتصاديّة: وهي التعصّب والولاء لمذهب اقتصاديّ معين كالاشتراكيّة أو الرأسماليّة وغيرهما، ويقصد بها كذلك عدم التعامل التجاريّ مع بلدان معيّنة لغرض ضربها اقتصاديًّا، وهو ما يسمى بالحرب الاقتصاديّة، ويكون بين أبناء الأمم والأديان المختلفة.

8 ـ الطائفيّة الثقافيّة: ويراد بها: الانحياز لفكر، أو لنهج ما، ومحاولات الترويج له في الإعلام والمناهج الدراسيّة الجامعيّة والأوّليّة، وهذا يكون في دول العالم المتقدّمة والمتخلّفة، وينظر له على أنّه نوع من الاعتزاز بالحضارة، أو التاريخ، ويكون بين أبناء الدين الواحد وبين أبناء الديانات المختلفة، وكذلك بين التكتّلات السياسيّة على اختلاف أنواعها.

9 ـ الطائفيّة الإعلاميّة: وتعني الولاء إعلاميًا لجهة ما دون غيرها ومحاولة تلميع صورتها إعلاميّاً لتحقيق أهداف سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة، وهذه تكون بين القنوات الفضائيّة المختلفة التي تنشر أفكارًا تروّج لهذه الدولة أو تلك، أو لهذا الزعيم أو ذاك، أو لهذا الفكر أو ذاك.

 

الطائفية ظاهرة مدمّرة لشعوب أمّتنا وأبنائها، والتي تضرب أسس التعايش السلميّ بين أبناء الأمّة.


10 ـ الطائفيّة السلميّة: نوع من التجمّع، أو التعصّب لتحقيق بعض الأهداف سواء أكانت سياسيّة، أو اجتماعيّة بأسلوب سلميّ.

11 ـ الطائفيّة الحربيّة، أو العنفيّة: وهي الطائفيّة التي يكون أتباعها مستعدّون لاستخدام العنف والإرهاب من أجل التغيير، أو الوصول لأهدافهم، وهذا الفكر ربّما مثّله بعض قادة الدول من العسكريّين وغيرهم الذين أدخلوا شعوبهم في حروب ومتاهات وبحور دم، وتمثّله كذلك المليشيات الطائفيّة في العراق وسوريا وغيرهما.

12 ـ الطائفيّة السياحيّة: يقصد بها التَزَمَّت والتكاتف عبر زيارة بعض البلدان دون غيرها، وهي صورة من صور الدعم الاقتصاديّ عبر السياحة سواء كانت الدينيّة، أم الترفيهيّة، وهذا جزء من دعم الدول، أو الشعوب بعضها لبعض.

هذه بعض أنواع الطائفيّة لعلّها تساهم في تقليص هذه الآفة المدمّرة لشعوب أمّتنا وأبنائها، والتي تضرب أسس التعايش السلميّ بين أبناء الأمّة.