ملفات وتقارير

هل ما زالت زيارة المسجد الأقصى محرمة وتعدّ تطبيعا؟

الدويري: لا يلزم من زيارة المسجد الأقصى الاعتراف بشرعية الاحتلال- جيتي

دعا وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني، الدكتور عبد الناصر أبو البصل، الاثنين الماضي، عامة المسلمين إلى زيارة المسجد الأقصى؛ كي يبقى زاخرا بالمصلين على مدار الساعة، وهو ما سيفضي إلى ملء الفراغ المكاني لمواجهة خطة التقسيم الزماني التي تسعى سلطات الاحتلال لفرضها كأمر واقع.


وقال أبو البصل في مقابلته على تلفزيون المملكة "إن الخطة البديلة الحقيقية هي أن يكون الوجود البشري في المسجد الأقصى بشكل دائم، ومنع زيارة أبناء العالم الإسلامي للأقصى سيحدث فراغا، وهو ما سيسهل عملية التقسيم الزماني".


القيادي في جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، عبد الرحمن الدويري، استحسن ما قاله الوزير أبو البصل، واصفا إياه بـ"الرأي الوجيه"، وداعيا إلى "إعادة النظر في الموقف السابق في ظل معطيات الواقع، وما يتعرض له المسجد الأقصى من إجراءات تهدد وجوده بشكل جدي".

 

وقال الدويري في حديثه لـ"عربي21": "كنت من الذين يتبنون القول بمنع زيارة المسجد الأقصى سابقا، وعده ضربا من ضروب التطبيع، وكان لذلك الرأي قدر كبير من الوجاهة في حشد المسلمين وتعبئتهم لمناصرة القضية الفلسطينية عموما، والمسجد الأقصى على وجه الخصوص".

 

وأضاف: "لكن في ظل ما يقال عن صفقة القرن، وتنامي حالة التهويد وقضم الأراضي، والسعي الجاد لعزل المقاومة وضربها، وتردي الوضع العربي الرسمي، ما الذي يمنع من إعادة النظر في قضية اجتهادية مبنية في أصلها على تقدير المصالح ودرء المفاسد؟".

 

ورأى الدويري أنه "لا يلزم من زيارة المسجد الأقصى الاعتراف بشرعية الاحتلال، بل كل ما في الأمر هو التعامل مع الأمر الواقع من غير أدنى اعتراف بشرعية الاحتلال، لا سيما أن الدافع إليها هو تعزيز صمود المقدسيين، ودعمهم ومؤازرتهم في مواجهة مخططات الاحتلال التهويدية".

 

وأردف: "ما أقوله رأي واجتهاد، أدعو قيادات المقاومة وأهل الرأي فيها وعموم المقدسيين للنظر فيه، وتقدير المصلحة، فهم الأقدر على تحديد الموقف المناسب بناء على معطيات الواقع، ونحن تبع لهم في ذلك".

 

في السياق ذاته، أيّد الداعية الأردني، يحيى العمري، ما قاله وزير الأوقاف، لافتا إلى أنه كان يدعو "إلى زيارة المسجد من قبل، ولا يرى في ذلك تطبيعا أبدا؛ لأنه دعم وتعزيز لصمود المقدسيين".

 

وذكر العمري لـ"عربي21" "أن فتوى منع زيارة المسجد الأقصى وهو تحت الاحتلال فتوى سياسية اجتهادية، وهي قابلة للمناقشة والنظر، وربما تأتي معطيات ووقائع جديدة تدعو لإعادة النظر في تلك الفتوى"، على حد قوله.

 

وتساءل: "لماذا لا يفتى بجواز زيارة المسجد الأقصى في ظل الظروف الحالية الخانقة المفروضة على المقدسيين؟ أليس في توافد عشرات آلاف المسلمين من كافة أنحاء العالم لزيارة الأقصى، وتواجدهم في أكنافه على مدار الساعة، ما يحول بين الاحتلال وتنفيذه لمخططات التقسيم الزماني التي يسعى لإنجازها؟".

 

وتعليقا على ما يقال من أن تلك الزيارات ستصب في مصلحة الاحتلال، استبعد العمري أن يكون الأمر كذلك؛ لأن "الزائرين سيحرصون في تعاملهم على أن يكون مقتصرا على المقدسيين دعما لاقتصادهم، ومؤازرة لهم".

 

من جهته، أشار الأكاديمي الفلسطيني، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بيرزيت، الدكتور أحمد جميل عزم، إلى أن "زيارة العرب والمسلمين للقدس والأقصى تنفي بشكل عملي ما يقال من أنهم لا يهتمون بالأقصى والقضية الفلسطينية، فهي تحقق تواصلهم الفعلي مع إخوانهم المقدسيين، وتدعم صمود المدينة اقتصاديا، وتجعل العالم العربي أكثر اهتماما بالقضية الفلسطينية".

 

وأضاف لـ"عربي21": "أنا على اتصال مع الساحة الدولية عموما، ومع جماعات التضامن خصوصا، ووجدت أن زيارات الناس من عرب وغير عرب، ومسلمين وغير مسلمين، توقفهم على حقيقة الاحتلال وغطرسته، وبالتالي يناصرون الحق الفلسطيني بشكل أكبر".

 

وواصل حديثه بالقول: "لطالما جاء بعض الغربيين محايدا، أو حتى متعاطفا مع الإسرائيليين، وعندما رأى الاحتلال وواقعه تغيرت وجهته".

 

وشدد عزم على "ضرورة وجود سياسة واضحة ومدروسة لمنع أي استفادة للاحتلال اقتصاديا أو إعلاميا أو سياسيا من هذه الزيارات"، مشيرا إلى "وجود جمعيات في أوروبا تنظم زيارات لفلسطين، وفق شروط، منها عدم التعامل اقتصاديا أو سياسيا.. إلخ مع الإسرائيليين، لكن الإسرائيليين هم الذين سيمنعون هذه الزيارات، وهم يمنعونها كل يوم".

 

بدوره، رفض الأكاديمي الفلسطيني، أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بالجامعة الإسلامية في غزة، الدكتور صالح الرقب، كل ما يُقال في تسويغ زيارة القدس والمسجد الأقصى، مبديا تمسكه الشديد بالفتاوى المحرمة لتلك الزيارات.

 

وقال لـ"عربي21": "الفتوى بتحريم زيارة المسجد الأقصى والقدس بتأشيرة إسرائيلية مسألة قديمة أُثيرت منذ أكثر من أربعين سنة، وأفتى بها شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود، حينما رفض أن يكون مع السادات في زياراته للقدس".

 

وأضاف: "وأفتى بها كذلك الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر ومفتي مصر السابق، ومما قاله "إن من يذهب إلى القدس من المسلمين آثم آثم.. والأولى بالمسلمين أن ينأوا عن التوجه إلى القدس حتى تتطهر من دنس المغتصبين اليهود".

 

وواصل حديثه بإيراد ما قاله شيخ الأزهر الحالي، الدكتور أحمد الطيب، "إن زيارة القدس لا تحقق مصلحة للمسلمين؛ لأنها تتم في ظل احتلال صهيوني، وبإذن من سلطات الاحتلال".

 

تجدر الإشارة إلى أن باب إعادة النظر في فتاوى التحريم يبقى مفتوحا، لتقدير الموقف من جديد في ظل معطيات الواقع الحالية، ليقرر أولو الشأن، والقرار ما يرونه أنجع في تحقيق المصلحة، ودرء المفسدة.