ملفات وتقارير

"إتاوات" وابتزاز للمصريين.. هكذا يستعد الأمن لتعديل الدستور

هل يقول المصريون (لا) لتعديل الدستور في أبريل القادم؟ - CC BY-NC-SA 2.0 Leo Laporte

كشف تجار ومقاولون وأصحاب أعمال ومحال تجارية عن حجم ما يتعرضون له من ابتزاز من قبل الأمن الوطني في مصر، مؤكدين أنه يفرض عليهم دفع "إتاوات" بحجة دعم "المشاركة بالاستفتاء على تعديلات الدستور" المقررة منتصف نيسان/ أبريل المقبل.

وأكد مقاول بناء وتاجر أراضٍ، وصاحب محل تجاري، بإحدى المدن الصناعية والسكنية الجديدة بالقرب من العاصمة الإدارية الجديدة، بحديثهما لـ"عربي21"، أنه تم استدعاء أحدهما لمقر الأمن الوطني بالمدينة، بينما زار الآخر أحد عناصر الجهاز الأمني الذي يتخوف من سطوته، مقر عمله.

20 ألف جنيه

وقال المقاول، لـ"عربي21"، إنه "تم استدعائي لمقر الأمن الوطني من قبل أحد الضباط الذي تحدث معي بكل أدب، طالبا من التبرع بمبلغ 20 ألف جنيه (نحو 1150 دولارا) يتم دفعها مساهمة مني في تسهيل إجراءات الاستفتاء على تعديل الدستور، حيث يتم صرفها بدفع مبالغ للمواطنين لحثهم على الإقبال على الاستفتاء، ونقلهم للجان، ودعم اللجان بوجبات الطعام والمشروبات.

وأوضح، رافضا الكشف عن اسمه، أن الضابط طلب المبلغ منه بود مبطن بالتهديد وقال له: "من حقك أن ترفض دفع أية مبالغ، دي محبة لمصر ولصندوق تحيا مصر، لكن لا تسأل عن أي مصلحة لك بأي جهة حكومية بعد الاستفتاء".

وبين المقاول أنه خلال نصف ساعة ذهب لمكتبه وأخذ المبلغ المطلوب وعاد للضابط ليعطيه المبلغ بكل ترحاب ليجد تجارا وأصحاب أعمال آخرين على باب مكتبه بقسم الشرطة..

مشروبات ووجبات

من جانبه، قال صاحب المحل التجاري للمواد الغذائية، إن أحد أفراد الأمن الوطني زار المحل بالمدينة وسبب حالة من الخوف والرعب لدى العاملين وترك قائمة على مكتب صاحب المحل قائلا: "نحتاج هذه الأمور قبل أسبوع من الاستفتاء".

وأوضح، لـ"عربي21"، أنه رد قائلا: "تحت أمرك يا باشا الحاجة جاهزة من الآن"، مشيرا إلى أن القائمة احتوت على كميات كبيرة من المواد الغذائية مثل السكر والشاي والقهوة والنسكافيه والعصائر والمشروبات الغازية بجميع أنواعها.

 

اقرأ أيضا: نائب رئيس لجنة دستور مصر يدعو لتدشين حملات رافضة لتعديله

وأضاف أنه علم أن الأمن الوطني وأعضاء حزب "مستقبل وطن"، المؤيد للنظام والقريب من الأمن الوطني، قاموا بزيارات مماثلة لعدد كبير من التجار وأصحاب المحال والمطاعم لجمع مبالغ مالية وتبرعات عينية منهم من أجل الاستفتاء.

وقال إن أحد أصحاب المطاعم الشهيرة بالمدينة، ألمح له إنهم طلبوا منه وجبات للجان الانتخابية في المدينة، من مطعمه كمساهمة منه، دون أن يكشف عن عدد الوجبات المطلوبة منه ونوعيتها.

وأجمع كل من المقاول والتاجر، على أن الأمن الوطني يجهز تلك المبالغ للصرف على إجراءات الاستفتاء، وأنهم يذهبون لأصحاب الفراشة لأخذ الكراسي والأنوار مجانا، ويجمعون سيارات الأجرة والسرفيس بدون أجر لنقل المواطنين، ويحصلون على الأطعمة والوجبات من المحال التجارية، ومن المكتبات والمحال على اللافتات والدعاية التي سيتم وضعها بالشوارع.

مستقبل وطن

وأكدا أنه يتم جمع البلطجية ومتعاطي المخدرات والعاطلين ومنح كل منهم مبلغ 150 جنيها للتصويت في الاستفتاء، ثم حثهم للقيام بجمع المواطنين مقابل 50 جنيها على الفرد الواحد وإعطاء كل مواطن مبلغ 100 جنيه فقط.

وبينا أن تلك الوقائع قام بها أعضاء حزب "مستقبل وطن"، مستغلين قربهم من الأمن الوطني، وجمع مبالغ من أصحاب الأعمال للقيام بمعظم فاعلياتهم والتي كان آخرها عيد الأم، موضحين أن من يبدي تبرمه أو رفضه يتم تهديده بمصالحه وبنقاط ضعفه.

وختم المقاول، حديثه مع "عربي21"، بالقول إنه يتحسر على دولة مبارك، موضحا أن تلك المبالغ كانت تؤخذ منه كضرائب وكان يدفعها كحق للدولة، ولكن الآن مؤسسات الدولة تراجعت مقابل جمع الأموال لصندوق تحيا مصر بالابتزاز ورغما عن كل أصحاب الأعمال.

المشهد بالبساتين

وكانت صحيفة "المشهد"، المحلية قد كشفت قبل أسبوع، عن ممارسات مماثلة من قبل ضباط قسم شرطة البساتين بالقاهرة، بحق أصحاب المحلات والمصانع وطلبوا تبرعات إجبارية منهم لصندوق "تحيا مصر"، والاستفتاء على الدستور.

وإثر نشر "المشهد"، تقريرها أصدر "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" قرارا بحجبها عن الصدور 6 أشهر وتغريمها مبلغ 50 ألف جنيه، بتهمة "نشر صور إباحية".

يوم الحساب

وحول أسباب انتهاج النظام لهذا الأسلوب، أكد الكاتب المعارض حسن حسين، أن "النظام هش للغاية، وظهيره الشعبي الذي بدأ عملاقا في 30 يونيو 2013، تآكل وضمر، وتقل مساحته يوما بعد يوم، ولا يملك سوى أدواته القمعية ليتمكن من البقاء".

الناشط اليساري، أكد لـ"عربي21"، أن "هذا الوضع يخض النظام الحاكم؛ وورطته التاريخية التي لا مخرج له منها أشبه بفأر في مصيدة، لا هو قادر على الإفلات منها، ولا يمكنه البقاء فيها كثيرا".

وبشأن اعتبار هذ الابتزاز حالة منفردة أم نهج عام لدى النظام، قال حسين: "بشكل عام فإن أغلب أنظمة الحكم التي توالت على مصر، لم تعرف سوى القمع والحكم بيد من حديد، وبالتالي فهذا منهج عام، تستسهله السلطات الحاكمة، وتستسلم له الشعوب المقهورة".

وأشار، إلى أن من يخضعون لابتزاز النظام من أجل مصالحهم ويشاركونه في صناعة القهر والخوف والبطش، سيأتي يوم يحاسبون فيه قائلا: "من أعان ظالما على ظلمه، حاسبه الله والشعب حساب الظالم".