مقالات مختارة

مبادرات الأمل.. مَنْ يُنفّذها؟

1300x600

كثيرة هي المبادرات اليوم لإيجاد مخرج للحال الذي وصلت إليه البلاد، أغلبها إنما يُركِّز على ضرورة إقحام أهل الرأي والحكمة في الفصل بين المتخاصمين، سواء اليوم أو غدا. وقد تداول الكثير من الجزائريين أسماء لا يرقى إليها أدنى شك، وهي بحق أسماء لها وزنها في الساحة الوطنية، ولا تتطلع بأي حال من الأحوال إلى ممارسة الحكم، بقدر ما تتطلع إلى العمل من أجل انتصار الجزائر على الجبهات كافة، في إطار مبادئها الوطنية وقيمها التاريخية.


ولعله الوقتُ المناسب اليوم لدعوتها إلى القيام بذلك، باعتبار أن نهاية أي خلاف هي الجلوس إلى طاولة المفاوضات مهما كانت طبيعة هذا الخلاف، عنيفا أو سلميا.


وإلى الآن، مازال خلافُنا سلميا، سواء كشعب أو كسلطة، بل إنه ضَرَبَ أروع الأمثلة في سِلميته وطابعه الحضاري، وهذه مُقدّمة مشجِّعة للانطلاق في عمل سياسي حكيم وراشد، تقوم به نخبة من الشخصيات الوطنية المشهود لها بحب الوطن والغيرة عليه والمعروفة بالنزاهة والانحياز للحق مهما كانت جهته، وللمصالح العليا للشعب الجزائري قبل أي شيء آخر.


وأظن أن تنظيم هذه النخبة من بضع شخصيات في شكل هيئة وطنية أمرٌ يسير، ولا نَعدِم أن نجد من بين الجزائريين مِمَّن لا هَمَّ لهم سوى إصلاح ذات البين، بل ممن لديهم الكفاءة الضرورية والأخلاق اللازمة للقيام بمثل مهمة كهذه. كما أرى أنه بإمكان هؤلاء أن يكونوا ضمانة لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة في أقرب الآجال، يترشح لها كل من رأى نفسه أهلا لقيادة البلاد في المرحلة المقبلة، ويُترك الأمرُ فيها للشعب الجزائري يختار من يريد في شفافية مُطلَقة ودون تدخل للإدارة، أو لأيّ جهة أخرى كانت.


لا أريد أن أطرح أي اسم الآن، ولكني أقول إنّ علينا مراعاة مجموعة من الصفات في هؤلاء، وبالدرجة الأولى أن يكونوا من المتشبعين بالقيم التاريخية والوطنية وممن عرفهم الشعب الجزائري كأهل رأي وحِكمة وعلم، أوكمسؤولين في أعلى درجات المسؤولية وأثبتوا عدم تشبُّثهم بالبقاء في الحكم أو خلق الفتنة من أجل البقاء فيه، أو كمجاهدين أو مجاهدات ضحوا من أجل الوطن ومازالوا مستعدين للتضحية بما لديهم من خبرة ودراية بطبيعة الشعب الجزائري وتطلعه للحرية والكرامة، أو كنساء كان لهنّ دورٌ في بناء الجزائر بإخلاص وتفان في أكثر من حقبة، وهن زاهدات اليوم في المسؤولية لا يتطلعن سوى إلى رقي هذا الشعب وازدهاره.


لنُكرِّر النداء لمن تم الاتصال بهم، ولِنَطرق أبواب مَن لم نُنادهم بعد، وبلا شك سنجد الاستجابة، ونجد الحل، [وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ] (إبراهيم الآية: 20).

 

عن صحيفة الشروق الجزائرية