بورتريه

بدوي.. "مخلص النظام" ومسوّق "الجزائر الجديدة" (بورتريه)

بدوي

ينظر إليه باعتباره ابنا "مخلصا للنظام" كما تظهر سيرته المهنية والمناصب التي تولاها.

محل ثقة المؤسسة الحاكمة في الجزائر، بحكم توليه منصب وزير الداخلية، واحتفاظه بهذا المنصب لنحو أربع سنوات، وفي ثلاث حكومات متتالية.

أصبغ عليه الإعلام الجزائري لقب رئيس "حكومة الظل" في حكومة أحمد أويحيى، وممثل الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، إذ قام بزيارات إلى مختلف الولايات نيابة عنه.

ورغم ذلك، فهو يصنف كرجل "تكنوقراطي"، لم يلعب أي دور سياسي، ولا يعرف عنه ارتباطه بأجنحة النظام المختلفة.

نور الدين بدوي المولود في عام 1959، في الجزائر العاصمة، خريج "المدرسة الوطنية الجزائرية للإدارة" في الجزائر العاصمة، شغل مناصب عديدة، منها قاض في مجلس المحاسبة، ونائب مدير التنظيم في ولاية الجزائر، ومدير الإدارة ورئيسا لأكثر من ولاية، وشغل كذلك منصب والي في ولايات عدة.

 

اقرأ أيضا: رئيس وزراء الجزائر يبرر تأجيل الانتخابات.. ودعوات للتظاهر

 

 وتقلد منصب وزير التكوين والتعليم المهنيين في عام 2013، وتقلد منصب وزير الداخلية والجماعات المحلية، في حكومة عبد المالك سلال في عام 2015، واحتفظ بحقيبة الداخلية في حكومة عبد المجيد تبون، وجددت الثقة له في حكومة أحمد أويحي.


وفي عهد أويحيى تحول بدوي إلى ما يشبه رئيس وزراء غير معلن، وأصبح مع نهاية عام 2017، ممثلا لبوتفليقة في زياراته للولايات الجزائر، بشكل جعل منه مبعوثا للرئيس.

ما أثار تساؤلات عن السر وراء بروز نجم بدوي وتحجيم دور أويحيى، وتجلى ذلك في استقباله خلال زياراته للولايات المتحدة، كرئيس للوزراء، وفُرش له السجاد الأحمر.

وترددت في أكثر من مرة شائعات بشأن قرب تعيينه رئيسا للوزراء، حتى جاء إعلان بوتفليقة، سحب ترشحه لولاية رئاسية خامسة، وتأجيل انتخابات الرئاسة، التي كانت مقررة في نيسان/ أبريل المقبل استجابة لحراك شعبي يرفض العهدة الخامسة.

وكان بوتفليقة قال في رسالته بثتها وكالة الأنباء الجزائرية إنه "لا محل لعهدة خامسة، بل إنني لم أنو قط الإقدام على طلبها، حيث أن حالتي الصحية وسني لا يتيحان لي سوى أن أؤدي الواجب الأخير تجاه الشعب الجزائري، ألا وهو العمل على إرساء أسس جمهورية جديدة".

وعقب استقالة حكومة أحمد أويحيى، عين بدوي رئيسا للوزراء.

حكومة بدوي الجديدة، وعقب تنصيبها مباشرة، أعلنت أنها مستعدة للحوار مع المعارضة، وبأنها ستدعو إلى حوار شامل.

من جهتها، رفضت المعارضة قرارات بوتفليقة، بتأجيل الانتخابات وتمديد العهدة الرابعة، وحثّت الجزائريين على مواصلة الحراك الشعبي.

بعض المحللين اعتبر هذه القرارات محاولة لتفويت الفرصة لانتقال "ديمقراطي حقيقي" والذهاب نحو "جمهورية ثانية" يكون الشعب فيها هو "السيد الحقيقي".

وسيظهر بدوي على سطح الأحداث، مستفيدا من صورته الإعلامية التي تحسنت بشكل كبير، بفعل وجود فريق إعلامي نجح في تسويقه، وساعد انتهاجه لسياسات خدمية ولغة بسيطة في تحسين صورته لدى الجزائريين.

 

اقرأ أيضا: هذا هو رئيس وزراء الجزائر الجديد

لكن ذلك لم يمنع من توجيه انتقادات حادة له بفعل مسؤوليته المباشرة على جهاز الشرطة، وعمليات قمع الاحتجاجات والتجمعات المطلبية التي كان ينظمها في وقت سابق المعلمون والأطباء ومصابو الجيش والناشطون الحقوقيون، وكذلك مسؤوليته عن تنظيم الانتخابات في الجزائر منذ عام 2015.

والتصقت في سيرته المهنية الانتخابات النيابية التي جرت في عام 2017، التي شابها "تزوير" و"تلاعب لافت بالنتائج"، بحسب معارضين، ما دفع عددا كبيرا من الأحزاب السياسية المعارضة إلى الطعن في نتائجها.

ويتهم أيضا بـ"التلاعب" بنتائج الانتخابات البلدية التي جرت في عام 2018، التي شهدت أحداث عنف في أكثر من بلدية، إضافة إلى الجدل الذي رافق انتخابات التجديد النصفي لانتخابات "مجلس الأمة" التي جرت في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، التي أفضت إلى مشادات بين كوادر قطبي السلطة  "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي"، ومشاحنات كلامية بين وزير العدل ورئيس الحكومة أحمد أويحيى.

وتعد هذه التفاصيل أبرز الدوافع التي يستند إليها قادة المعارضة السياسية والحراك الشعبي في الاعتراض على تعيين بدوي رئيسا للحكومة.

لكن بدوي يحاول استثمار موقفه الإيجابي من الاحتجاجات الواسعة التي جرت أخيرا، التي ظهر من خلالها بمظهر "ديموقراطي"، ونقل عنه قوله إن "الشعب الجزائري هو قوة اقتراح وسأعمل بمعية الطاقم الحكومي الذي سيرافقني في هذه المهمة الصعبة، على تجسيد كل اقتراحاته ميدانيا".

وأكد أن "الجزائر الجديدة" مقبلة على خارطة طريق وإصلاحات عميقة وكبيرة.

وقال بدوي: "فيما يخص الحكومة نحن بصدد تشكيلها والتشاور فيما يخصها، ونقول بصدق إن هذه التشكيلة سوف تكون تمثل كل الطاقات، خاصة الشبابية من بنات وأبناء وطننا".

بدوي ليس وجها جديدا بالنسبة للجزائريين، فهو من يتولى وزارة الداخلية في ظل الاحتجاجات التى تشهدها البلاد في الوقت الراهن، وعزا إليه المراقبون حسن التعامل الأمني مع التظاهرات الحالية.

والأمر أثار تساؤلات مثل، هل يكون تعيين بدوي وزيرا أول، رغبة من النظام في ضبط الأمور لصالحه خصوصا مع  تسمية، رمطان لعمامرة، نائبا له ووزيرا للخارجية، ورسائل طمأنة للداخل والخارج بحكم سمعته الدبلوماسية ووعيه بأهمية الانتقال الديمقراطي في أفريقيا والعالم العربي؟

وهل ينجح بدوي بوجود دبلوماسي مثل لعمامرة أدار بتكليف من الأمم المتحدة عدة ملفات شائكة في القارة الإفريقية، الذي وصفته  مجلة "جون أفريك" بالدبلوماسي متعدد الكفاءات، في أقناع الشارع الجزائري بجدوى قرار بوتفليقة تأجيل الانتخابات؟

يبدو أن المهمة شبه مستحيلة، فالحكومة لا تزال حتى اللحظة تحاول اقناع الجزائريين أن الرئيس لم يؤجل الانتخابات الرئاسية، "من أجل البقاء في الحكم"، في محاولة واضحة لاستيعاب حركة التظاهرات المتواصلة في الشارع، التي تطرح تساؤلا مفاده هل إعلان بوتفليقة "رغبة حقيقية في تغيير النظام أم مناورة سياسية"؟

قراءة ما بين السطور تقول إن بوتفليقة مدد مدة رئاسته سنة ونصف على الأقل، وقام بتعيين رجال من النظام لتسيير "المرحلة الانتقالية"، التي وصفتها نخب جزائرية معارضة بأنها "نوع من الخدعة" للخروج من المأزق السياسي للنظام.