ملفات وتقارير

تسابق روسي إيراني لضم "فصائل المصالحة" جنوب سوريا

مركز المصالحة الروسي قال إن "المئات من أهالي درعا يلجأون إلينا لحل مشاكلهم"- جيتي

عمدت قيادة القوات الروسية عقب إتمام السيطرة جنوب سوريا؛ إلى ضم فصائل المصالحة للفيلق الخامس لتكون ذراعها في المنطقة، في ظل تواجد المليشيات التابعة لإيران والقوات الحكومية التي لم تلق ترحيبا من قبل السكان المحليين، بينما سعت المليشيات إلى تجنيد أكبر عدد ممكن من أبناء المنطقة في صفوفها مقابل رواتب شهرية، وبطاقات خاصة تمكن حامليها من التحرك دون ملاحقة أمنية.

وتجلت ملامح المنافسة بين الطرفين عبر إرسال أبرز قيادات النظام العسكرية والأمنية في النظام السوري لكسب تأييد أهالي المنطقة كل إلى صفه، ففي أواخر العام الماضي وتحديدا يوم العاشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، زار رئيس فرع المخابرات الجوية بسوريا اللواء جميل الحسن (المقرب من إيران) عددا من مدن وبلدات ريف درعا الشرقي، واجتمع حينها مع عدد كبير من وجهاء المحافظة، في محاولة لحثهم على إرسال أبنائهم لأداء الخدمة الإلزامية والاحتياطية، أو التطوع في صفوف فرع المخابرات الجوية الذي يترأسه كخطوة استباقية لتعطيل انضمام عناصر فصائل المصالحة إلى الفيلق الخامس.

وقدم الحسن حينها ضمانات للمنشقين والمتخلفين عن الخدمة الاحتياطية والإلزامية بعدم ملاحقتهم أو اعتقالهم في حال عودتهم إلى قطعهم العسكرية قبل نهاية مدة العفو الرئاسي الذي صدر بحقهم، فالتحق حينها مئات العناصر بشكل جماعي، بينما رفض آلاف الشباب الالتحاق خوفا من زجهم بمعارك محتملة في الشمال السوري.

وقبل أيام نقلت وكالة "تاس" الروسية عن المتحدث باسم مركز المصالحة الروسي الجنرال إيغور فيدوروف قوله: "إن المئات من أهالي درعا يلجأون إلينا لمعرفة مصير أبنائهم المعتقلين، واستعادة أملاكهم المصادرة ورواتبهم التي تم تجميد صرفها من قبل الدوائر الحكومية"، مشيرا إلى رفضهم إرسال أبنائهم إلى الخدمة العسكرية قبل عقد تسوية سياسية شاملة وانتهاء الحرب.

وأشار فيدوروف إلى أنهم استقبلوا أكثر من 500 شكوى منذ سيطرة القوات الحكومية على كامل مدن وبلدات المحافظة أواخر الصيف الماضي، ولا يمكنهم حل تلك القضايا بمفردهم.

 

اقرأ أيضا: أكثر من 20 قتيلا بهجمات على مواقع للنظام بريف حماة الشمالي

تلك التصريحات تناغمت مع زيارة رئيس شعبة المخابرات العسكرية العامة اللواء محمد محلا، المعروف بعلاقاته القوية مع قيادة القوات الروسية بسوريا، لمدينة طفس واجتماعه مع وفد من وجهاء ريف درعا الغربي، بحضور عدد كبير من ضباط الأمن العسكري، وانتشار مكثف للقناصات على أسطح المنازل المحيطة بمكان الاجتماع، إضافةً لحضور بعض قادة المصالحات وفصائل التسوية.

وخلال الاجتماع كشف محلا عن مصير المعتقلين داخل سجون النظام قائلا: "إن غالبية من اعتقلوا قبل عام 2013 قد ماتوا أو يعانون من أوضاع صحية متردية، أمّا من اعتقل بعد عام 2013 فوضع أغلبهم جيد، وتعهد بتحسين أوضاع كل من اعتقل بعد عام 2016، كما أنه شدد على ضرورة التحاق جميع المنشقين المتخلفين بقطعهم العسكرية".

أبو محمود الحوراني المسؤول الإعلامي لـ"تجمع أحرار حوران" نقل لـ"عربي21" أن الاجتماع شهد مناقشة طلبات الأهالي، والإفراج عن 28 معتقلا في مبادرة حسن نية، وأشار إلى رفض محلا طلب خدمة شباب درعا للخدمة العسكرية ضمن القطع المنتشرة جنوب البلاد، بينما نشر مكتب توثيق الشهداء والمعتقلين في درعا قائمة بأسماء المعتقلين المفرج عنهم، موضحا أن نصف هذه الأسماء هم عناصر تابعة لفصائل التسوية، انضموا بشكل رسمي إلى قوات النظام، وتم توقيفهم حديثا.

وفي هذا السياق، أوضح المحامي والباحث القانوني فراس حاج يحيى لـ"عربي21" أن معظم حالات الاعتقال الحالية لا مبرر لها، حيث يتبعها إخلاء سبيل للمعتقلين الجدد خلال مدة قصيرة، على أساس أنها تمت تلبية لطلبات الأهالي .

و تابع، بأن سبب اهتمام الطرفين بدرعا يعكس تخوفهم من انتفاضة جديدة فيها، فضمان ولاء فصائل المصالحة، وتصفية القادة المشكوك بولائهم، سيكون أهم خطوة على طريق إعادة بسط سيطرتهم على المنطقة.

 

اقرأ أيضا: لافروف: بنود اتفاق إدلب مع تركيا لم تنفذ بالكامل

وختم حاج عيسى حديثه لـ"عربي21" قائلا: "المواجهة الروسية الإيرانية المباشرة قد تبدأ قريبا على أرض درعا، نظرا لأهمية موقعها الاستراتيجي، وتنامي دور المقاومة الشعبية فيها، كذلك التصاقها بمحافظة السويداء التي يرفض الآلاف من شبابها فكرة الالتحاق بالخدمة العسكرية والإلزامية في ظل استمرار الحرب، ما يشكل قواسم مشتركة قد يستغلها الروس للتخلص من المليشيات والقيادات الأمنية التابعة لإيران، خاصة في ظل التوافق الروسي الإسرائيلي على تحجيم دورها، وربما طردها نهائيا من الجنوب السوري مستقبلا".