صحافة دولية

"واشنطن بوست" تكشف عن أجواء الرعب والتعذيب في صنعاء

واشنطن بوست: في صنعاء رعب وتعذيب وتغييب- جيتي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا لمراسلها سودارسان راغفان، يكشف فيه عن مناخ الخوف والرعب الذي يعيشه سكان صنعاء، في ظل الحركة الحوثية، مشيرة إلى أساليب الاعتقال والتعذيب والتغييب القسري. 

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المحامي محمد بامفتاح، ذهب في عام 2015 إلى مكتب البريد لتلقي راتبه، فأوقفه مقاتل حوثي وطلب هويته، التي أظهرت أن الرجل البالغ من العمر 55 عاما من عدن، حيث تعمل فيها الحكومة المعترف بها دوليا، وكان هذا سببا كافيا لاعتقاله، لافتا إلى أنه خرج بعد ثلاثة أعوام سجن، عانى فيها من الصعقات بالعصي الكهربائية. 

 

وينقل الكاتب عن بامفتاح، قوله إنه علق من السقف من يديه لمدة ثلاث ساعات، وتم ضربه باستخدام أسلاك كهربائية مغلفة بالمطاط، وتذكر بامفتاح، وهو أب لثلاثة أولاد، وأفرج عنه الصيف الماضي في عملية تبادل سجناء، أيامه في السجن، قائلا: "عانيت من ألم شديد لدرجة أغمي فيها علي". 

 

وتلفت الصحيفة إلى أن التحالف الذي تقوده السعودية والمدعوم من الولايات المتحدة تعرض لانتقادات شديدة؛ بسبب الغارات الجوية التي قتلت المدنيين، والحصار الاقتصادي الذي دفع الملايين إلى حافة الجوع، والتعذيب للنقاد في السجون.

 

وينوه التقرير إلى أن حدة النقد زادت بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر 2018، مشيرا إلى أنه تم التسليط على الحرب اليمنية ومعاناة المدنيين فيها، خاصة أن الصحافي طالب بلاده بوقفها. 

 

ويستدرك راغفان بأن الانتهاكات في الحرب اليمنية ليست وقفا على السعوديين وحلفائهم فقط، بل إن المتمردين الحوثيين قاموا بتعذيب نقادهم واعتقالهم، مع حالات عدة من الاختفاء القسري، مشيرا إلى أن وثائق ومقابلات مع سجناء سابقين وناشطين التقاهم الصحافي في صنعاء كشفت عن حجم انتهاكات الحوثيين. 

 

وتعلق الصحيفة قائلة إن الانتهاكات تغذي مناخا للخوف والاستفزاز في العاصمة والمناطق التي يسيطر عليها المتمردون، مشيرة إلى أن الصحافي التقى مع 10 سجناء سابقين، وافق 3 منهم على الحديث بصراحة؛ لأن عائلاتهم فرت من الشمال، حيث يعد الحوثيون أقوياء هناك، أما من بقوا في العاصمة فيشكون في أنهم لا يزالون تحت رقابة الأجهزة الأمنية التابعة للحركة، فيما تردد بعض ضحايا القمع الحوثي في الحديث حتى من خلال الهاتف؛ خشية من تنصت الأمن على المكالمات. 

 

وبحسب التقرير، فإن الحوثيين استهدفوا الناشطين، والصحافيين والمحامين، وأبناء الأقليات الدينية، ورجال الأعمال، وأي شخص اعتبروه تهديدا على حكمهم وأيديولوجيتهم، مشيرا إلى أن الحوثيين شنوا مداهمات ليلية على بيوت من عبروا عن نقد بسيط لحركتهم وضربوهم.

 

ويذكر الكاتب أنه لم توجه تهم إلا لعدد قليل من المعتقلين، فيما لم يسمح لهم بالتواصل مع محاميهم، فالمحاكم كما يقول الناشطون والمدافعون عن حقوق الإنسان غير موجودة، وإن وجدت فهي لإصدار أحكام. 

 

وتنقل الصحيفة عن الباحثة في شؤون اليمن في منظمة "هيومان رايتس ووتش" كريستين بيكلر، قولها: "لاحق الحوثيون طيفا واسعا من الناس الذين يرونهم تهديدا، أو معارضين سياسيين لهم"، وحذرت من مخاطر ملاحقتهم المجتمع المدني. 

 

ويورد التقرير نقلا عن الناشطين ومحامي الحقوق المدنية، قولهم إن الأوضاع زادت سوءا في عام 2017، بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي كان حليفهم الرئيسي، وقد عززت الحركة اليوم قبضتها على معظم مناطق اليمن الشمالية، وتتحكم بملامح المجتمع كلها. 

 

وينقل راغفان عن عبد الماجد صبرة، المحامي الذي دافع عن عدد من المعتقلين، بمن فيهم صحافيون، قوله: "هناك خوف ينتشر في المدينة.. لا أحد يتجرأ للتعبير عن موقفه من الحوثيين في الأماكن العامة، وهذا هو الواقع". 

 

وعندما وجه الكاتب سؤالا إلى رئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، فإنه وعد بفتح تحقيق، وتقديم أي مقاتل للمحاكمة، إلا أنه عبر عن شكه في التقارير التي وصفها بأنها أساليب مضللة من الأعداء، وقال: "يحاول التحالف تقديم معلومات زائفة.. لهذا يستطيعون التغطية على جرائمهم". 

 

وتشير الصحيفة إلى أن الناشط هشام العميسي وصف قادة الحوثيين بأنهم يقودون سيارات فارهة، ويعيشون في القصور في العاصمة، لافتة إلى أن الحوثيين فرضوا الضريبة على التجار، واقتطعوا منها نسبة عالية لأنفسهم، وزعموا في الوقت ذاته أنه لا يمكنهم دفع الرواتب للموظفين المدنيين أو مساعدة ملايين الجوعى من اليمنيين. 

 

وينقل التقرير عن العميسي، قوله: "الناس محبطون"، وأضاف العميسي، الذي يعيش الآن في مصر: "يقولون: نحن جوعى وموتى ولا رواتب لدينا، لكنهم يقودون سيارات (بورتش) بـ200 ألف دولار، و(رينج روفر)". 

 

ويفيد الكاتب بأن العميسي غرد في آب/ أغسطس 2017 عدة تغريدات، عن التوتر، واتهم فيها الحوثيين بالفسادـ، فاعتقل في غضون ساعات، واتهم بالتجسس لصالح الأمريكيين و"غسل دماغ اليمنيين بالأفكار الأمريكية"، وتم اعتقاله في زنزانة انفرادية لمدة ثلاثة أسابيع معصوب العينين، ثم بدأ التعذيب، مشيرا إلى أنه العميسي نقل عدة مرات إلى غرفة يطلق عليها السجناء "الورشة"، حيث تستخدم السكاكين وأدوات أخرى "لتقطيعك إلى قطع، فيعلقونك من الجدار ويضربونك".  

 

وتنقل الصحيفة عن العميسي، قوله: "لقد استخدموا السلاسل الحديدية وضربوا ظهري وفخذي ورأسي"، ولم يسمح له بالذهاب إلى الحمام إلا مرة أو مرتين لدقيقتين كل أسبوع أو ثلاثة أسابيع، وأجبر على الاعتراف على شاشة قناتهم الرسمية بأنه جاسوس، لكنه رفض. 

 

ويكشف التقرير عن أن ثلاثة معتقلين سابقين وصفوا أساليب أخرى للتعذيب، مثل تقييد المعتقل من يديه ورجليه على عمود حديدي، ثم تعريضه للنار كمن يشوى، وفي أحيان كان يرمى في الزنزانة ثعبان حي، مشيرا إلى أن الحوثيين استخدموا التعذيب النفسي. 

 

ويورد راغفان نقلا عن القاضي السابق عبده عبدالله الزبيدي، الذي اتهمه الحوثيون بالتعاون مع قوات التحالف، قوله إنهم ذهبوا إلى بيته، وهددوا عائلته وأولاده، وبعد اعتقاله كان الحرس، كما يقول، يعصبون عينيه ويهددونه تحت تهديد الرصاص بقتله. 

 

وتبين الصحيفة أن الحوثيين سيطروا بعد عام على مقتل صالح على العاصمة، حيث ينتشر الجواسيس في كل مكان، وعينت وزارة الإعلام شخصا يتحدث اللغة الإنجليزية لمراقبة الصحافيين الغربيين الذين يزورون العاصمة، وأمر قادة الحوثيين وكالات الأنباء الأجنبية والمنظمات غير الحكومية الدولية بتعيين ممثلين أو موالين لهم، كجزء من الموظفين المحليين، بحسب ما قاله ناشطون وعمال إغاثة. 

 

ويفيد التقرير بأن المتمردين منعوا وكالات الأمم المتحدة من التحرك بحرية، بحسب ما قاله عدة مسؤولين في الأمم المتحدة، وبناء على هذا وسع الحوثيون من قائمة أهدافهم، واعتقلوا أشخاصا لمجرد أنهم محوا شعارات للحوثيين، أو كتبوا شعارات معادية لهم على الجدران.

 

وتختم "واشنطن بوست" تقريرها بالإشارة إلى قول العميسي: "يريدون إسكات أي شكل من أشكال المعارضة داخل صنعاء". 

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)