ملفات وتقارير

هل يشكل انسحاب أمريكا من سوريا ورقة قوة أم أزمة لأنقرة؟

محللون قالوا إن الموقف التركي سيتحسن في سوريا بعد توسيع نفوذها- الأناضول

تباينت آراء محللين وباحثين في الشأن التركي، بين مدى الاستفادة التركية من الإنسحاب الأمريكي من سوريا، وحجم أوراق القوة، في مقابل الطرفين الروسي والإيراني، الفاعلين في سوريا.

وتدفع تركيا بقوة من أجل الدخول إلى مناطق محاذية لحدودها في الشمال السوري، لطرد منظمات مسلحة كردية تصنفها أنقرة "إرهابية"، وهي خطوة في حال حدوثها ستوفر لتركيا أوراقا جديدة في سوريا لكن بوجود مخاطر مع نفوذ الروس والإيرانيين، واحتمالية خلق هذه الخطوة لتوترات معهما عقب انسحاب واشنطن.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن قبل أيام رسميا، سحب القوات الأمريكية من سوريا، بعد ساعات من حديث مسؤولين أمريكيين عن أن الولايات المتحدة، "تبحث سحبا كاملا لقواتها من سوريا".

وقال ترامب في تسجيل فيديو بث على حسابه في تويتر: " الوقت قد حان لعودة الجنود الأمريكيين من سوريا، بعد سنوات على قتالهم تنظيم داعش".

 

أفضلية لمحور روسيا

ورأى المحلل السياسي والمختص في الشأن التركي علي باكير، أن المستفيد الأكبر من هذه الخطوة الأمريكية هو محور "الأسد وإيران وروسيا"، لافتا إلى أن استقالة وزير الدفاع الأمريكي جميس ماتيس تؤكد صحة هذا التقييم.

وقال باكير في منشور على صفحته بموقع "فيسبوك": إن "الإيرانيين يمتلكون القدرة البشرية للسيطرة على الأرض، من خلال نظام الأسد وميليشياتهم العابرة للحدود والتشكيلات التي يسيطرون عليها. في المقابل، تمتلك موسكو القوّة النارية الكبرى في سوريا، ومع انسحاب واشنطن ستمتلك الحرية الكاملة للتحرك عسكريا كما تشاء".

ورأى أن انسحاب أمريكا من المشهد "قد ينقل الصراع أيضا الى داخل محور تركيا إيران روسيا بعد أن كانت هذه الدول تحاول تحجيم التناقص الموجود بين أجنداتها المختلفة بالتصويب على الأجندة الأميركية".

وأشار إلى أن طهران وموسكو "تمتلك حوافز قوية لتمكين الأسد من السيطرة التامة على كامل مساحة سوريا، ومع انسحاب الولايات المتّحدة طوعاً، سيصبح من الأسهل لهما الضغط على تركيا، بعد أنّ كان التركيز يطال الجانب الأميركي".

 

توسع رقعة النفوذ

في المقابل قال المحلل السياسي السوري أحمد كامل، إننا سنشهد خلال الفترة المقبلة "تسابقا تركيا من جهة وروسيا إيرانيا ومن النظام من جهة أخرى، على الفراغ الذي ستتركه أمريكا خلفها شمال سوريا"، لكنه أكد "أن تفاهمات أنقرة مع واشنطن، ستمنحها الأفضلية لشغل تلك المنطقة.

وقال كامل لـ"عربي21": إن "تركيا ستحصل على أوراق قوة متعددة بسوريا بعد رحيل الأمريكان، أبرزها التخلص من كيانات إرهابية مرتبطة بمشروع كردي تركي انفصالي، وهو حزب العمال الكردستاني الذي يشكل تهديدا لأمنها، فضلا عن السيطرة على مساحات كبيرة جديدة، تضاف لمناطق المعارضة".

وأشار إلى أن "توسع رقعة المناطق التي تشرف عليها تركيا، وتسليمها للمعارضة والجيش الحر الذي أشرفت على تدريبه، سيمنحها قوة في أي مباحثات مقبلة للحل بسوريا، ويوفر مساحة كبيرة لشروطها على الطاولة بشأن المعارضة".

وأضاف كامل: "في حال سيطرة تركيا على المناطق التي ستغادرها أمريكا، وتنتزعها من يد الوحدات الانفصالية الكردية، فنحن نتحدث عن مساحة تقارب 13 ألف كيلومتر مربع تشمل كامل إدلب وأجزاء من حماة وحمص ونصف حلب، وجزءا من اللاذقية".

 

إقرأ أيضا: مسؤول روسي: لا نشكك بمصداقية أنقرة في الملف السوري

وأكد أن التنسيق الأمريكي التركي، يظهر أن الأخير في "موقع قوة" مشددا على أن "المعارضة السورية بالمقابل مع تخليص مناطقها من الفصائل الكردية الانفصالية والروس والإيرانيين، وتوسيع مساحة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام".

ولفت كامل إلى أن هناك 30 ألف مقاتل من الجيش الحر، الذي قامت تركيا بتدريبه وإعداده طيلة الفترة الماضية، وهذه التشكيلات بالتأكيدة نقطة قوة مشتركة لتركيا وللمعارضة السورية بالمجمل، في ظل اختلال موازين القوى ومشاركة دول عظمى في الملف السوري، وما لحق بالسوريين من مجازر وتشريد خلال السنوات الماضية.

 

حليف معقول

من جانبه قال الباحث والمختص بالشأن التركي معين نعيم، إن الأمريكان "وبسبب حسابات دبلوماسية واقتصادية، فضلوا الانسحاب الآن لصالح حليف معقول في سوريا".

وأوضح نعيم لـ"عربي21" أن الوحدات الانفصالية شمال سوريا، لم يكن بمقدورها "وضع حد للقوة التركية في الميدان بعد تدريب عشرات الآلاف من عناصر الجيش الحر، وتجهيزهم لتسلم تلك المناطق".

وأضاف: "الولايات المتحدة لا تريد الانسحاب بشكل سريع، بدون توافق يفتح الساحة لقوى وأطراف غير محسوبة النتائج، مثل داعش ومجموعات مسلحة لا يمكن ضبطها، وبالتالي كان الأفضل تسليم ذلك الملف لتركيا وما يوفره لها من أفضلية على الطاولة، أمام الروس والإيرانيين".

ورأى أن الحضور التركي "سيتعزز في الملف السوري، وسيكون لديها أوراق قوية بشأن المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، عبر قوات المعارضة التي دربتها وشاركت في عمليات سابقة، مثل درع الفرات وغصن الزيتون بمدينة عفرين".

 

إقرأ أيضا: "لن يفيدها".. أول رد تركي على إعلان فرنسا دعمها للأكراد

وقال نعيم إن التوافقات الأمريكية التركية، "ستتعدى الملف السوري أمام الإيرانيين أيضا إلى شمال العراق، بعد حديث عن إنهاء غرفة العمليات المشتركة، مع فصائل تابعة لحزب العمال الكردستاني شمالي العراق".

وأشار إلى أن تركيا "ستملك ورقة قوة داخلية سورية ودولية بشأن المعارضة، عبر حمل مطالبها في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام والتي تنادي بوحدة الأراضي السورية، ولا تطلب الانفصال وهي مطالب مشروعة ومنطقية وقانونية ومقبولة دوليا".