سياسة عربية

بيوم حقوق الإنسان.. مصريات أنهكهن الأسر وقهرهن الانقلاب

مصريات يعانين اعتقال أزواجهن وتحمل مسؤولية إعالة الأطفال- أرشيفية

يحل الاثنين، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، بينما يعيش مصريون أوضاعا إنسانية وحقوقية صعبة بين اعتقالات شبه يومية لرجال ونساء على حد سواء بجانب الإخفاء القسري لعشرات المعتقلين، واتهامات سياسية وصفتها المنظمات الحقوقية بـ"المسيسة"، بأحكام قضائية يغلب عليها المؤبد (25 عاما) والإعدام.


"أم لؤي" (35 عاما)، قالت: "زوجي المعتقل (محمد) كان داعية بالأوقاف ويُنتدب كل عام للدعوة بمساجد إسبانيا بشهر رمضان، وحاصل على دكتوراه بالشريعة الإسلامية وخرج من فض رابعة -14 آب/أغسطس 2013- مصابا بطلق ناري تحت إبطه، وظل مطاردا أكثر من عامين، ينام بالحقول والمزارع، حتى تم اعتقاله من أحد مساجد منيا القمح بالشرقية عام 2016، بمؤامرة من وكيل الأوقاف بالشرقية الذي استدعاه للمسجد وسلمه للأمن".


وأضافت: "أزمتنا كأسرة زادت بعد اعتقال أخيه الداعية الشيخ فيصل، وتمت محاكمتهما بقضايا تظاهر وتخريب منشآت، وأصبح الحمل ثقيلا بعدما قطعت وزارة الأوقاف راتبهما، وأصبحت و(سلفتي) مسؤولتين عن 6 أطفال بينهم (لؤي) ابني المعوق -7سنوات- الذي يحتاج إلى وسيلة مواصلات خاصة يوميا توصله للمدرسة".

 

اقرأ أيضاحقوقي مصري يدعو لاعتبار فض رابعة جريمة إبادة جماعية

وتذكر "أم لؤي" كيف أن سائق التوكتوك رفض توصيله للمدرسة وطلب مبلغ 200 جنيه شهريا، مضيفة: "ما كنت لأتعرض لهذا الموقف وغيره الكثير في وجود زوجي، الذي كان يأتيه الناس فيساعدهم على نفقات الزواج والعلاج وغيرها".


وأشارت إلى أنه "بعدما كان الجيران يحسدوننا؛ لم يعد يعرف بيتنا طعما للفرحة، فالشيخان (محمد) و(فيصل) كانا دائما ملاذا للناس يلجأون إليهما، فقيرهم يساعداه ومشاحنهم يحلان أزمته، ولكن عندما تم اعتقالهما لم يقف جنبنا أحد بل شمت بنا أقرب الناس".


وأكدت أن "أزمتنا تضاعفت أكثر وأكثر بعد وفاة والد زوجي (الحاج عبد المنعم) الذي كان يجمعنا حوله ويُعلم أبناءنا كيف يكونوا رجالا كآبائهم، فانطفأ النور من بيتنا ونحلم أن يعود يوما بعودة الشيخين محمد وفيصل".


وختمت قائلة: "بأول زيارة بعد وفاة والد زوجي، قال لي الشيخ محمد، إنه اليوم الأصعب في حياتي تمنيت أني كنت مت في رابعة ولا أن يفارق أبي الدنيا دون أن أودعه وأصلي عليه وأدعو له على قبره ويعزيني فيه الناس".


وبعد اعتقال رموز وقيادات وأنصار جماعة الإخوان المسلمين، طالت آلة الاعتقالات بعض رموز الحركة الوطنية مثل السفير معصوم مرزوق، وقبل أيام اعتقال المستشار أحمد سليمان وزير العدل في حكومة الرئيس محمد مرسي.


ويقبع نحو أكثر من 60 ألف معتقل سياسي في سجون نظام الانقلاب العسكري منذ منتصف 2013، حسب تقرير "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" في 2016.


ومع بداية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، اعتقلت قوات أمن الانقلاب 7 نساء هن "عائشة الشاطر، وهدى عبد المنعم، وسمية ناصف، وسحر حتحوت، وراوية الشافعي، وعلياء إسماعيل، وإيمان القاضي، ومروة مدبولي".


وأصبح في كل بيت من بيوت أولئك المعتقلين يعيش ذووهم واقعا إنسانيا صعبا ومؤلما ما بين أسر تعيش بلا عائل وأمهات صرن هن الأم والأب، وأخريات يعتصرهن الألم على أبنائهن وأزواجهن المعتقلين والشهداء، وأبناء وبنات خطف الأمن آباءهن أمام أعينهن، وبين أب توفي دون أن يشيعه أبناؤه.


عشرينية ترعى 6 أطفال 


وتحكي منسقة التحالف الثوري لنساء مصر منال خضر، لـ"عربي21"، عن مأساة شابة مصرية بين يوم وليلة تحملت مسؤولية أسرة كاملة، فتقول: "عندما تكون فتاة عمرها 22 عاما أما وأبا لستة أطفال هم أبناؤها وإخوتها فما عساها أن تفعل؟".


وأضافت خضر: "فبين استشهاد أخ لها بمجزرة فض (النهضة) بالجيزة، واعتقال أخيها الثاني برغم أنه صبي عمره 17 عاما إلا أنه تم تسجيله أكبر من عمره ليتم الحكم عليه بالإعدام، وحتى اعتقال أبيها، لفترة ثم إخلاء سبيله على ذمة عدة قضايا ثم يعيش مطاردا من الأمن متنقلا بين المحافظات حتى وافته المنية بحادث سير تاركا 4 أطفال صغار بلا عائل".


وأشارت إلى أن "تلك الشابة المسكينة تحملت مسؤولية أمها المريضة وإخوتها الصغار حتى قام زوجها بتخييرها بين أن تترك إخوتها الأربعة وزيارة من هو رهن الاعتقال أو تترك بيتها ويطلقها وتأخذ طفليها؛ فاختارت حمل الأمانة وطلقها زوجها وأصبحت أما لستة أطفال ترعاهم وتربيهم وتدرسهم وتنفق عليهم وترعى أمها المريضة وتزور أخاها المحكوم بالإعدام وهي ابنة العشرينيات".

 

اقرأ أيضا: مسؤول الجماعة الإسلامية بمصر: لهذا انسحبنا من تحالف الشرعية

وتساءلت خضر: "من لهؤلاء الحرائر يقوم برعايتهن والحفاظ عليهن وعلى صغار ينشأون بلا أب أو عائل؟".


مريم وفاطمة


وفي مأساة ثالثة، تحدثت منظمة "دعم للدفاع عن حقوق المرأة المصرية"، قبل أيام عن اعتقال الأختين "مريم" و"فاطمة" للمرة الثانية والحكم بحبسهما 3 سنوات، قائلة عبر "فيسبوك": "مريم عماد ترك (30 سنة)، أم لطفلين (رغد وعادل)، وأختها فاطمة (23 سنة)، طالبة بكلية التربية وبعد أن فصلت منها، تقدمت لكلية الحقوق التي فصلتها أيضا، ليرفضها معهد خاص كونها فصلت من كليتين".


وأضافت المنظمة: "تم اعتقالهما من قرية البصارطة بدمياط، 5 أيار/ مايو 2015، وظلتا قيد الإخفاء القسري لمدة أسبوع تحت التعذيب والضرب، ثم ظهرتا بالنيابة على ذمة قضية حيازة أسلحة والشروع بالقتل واستعراض القوة، وتم إخلاء سبيلهما على ذمة القضية 21 آذار/ مارس 2016، ثم حرقت قوات الأمن منزل مريم، وقاموا بتصفية زوجها (محمد عادل بلبولة)".


وأكدت المنظمة أنه تم التحفظ على (مريم وفاطمة) أثناء حضورهما جلسة المحاكمة، وحكم عليهما بالسجن 3 سنوات، في ظل اعتقال والدهما وأخيهما منذ أكثر من 3 سنوات، فيما يعيش طفلا مريم في غياب أمهما ومقتل أبيهما وحيدين.