صحافة إسرائيلية

إسرائيل تستعد لخوض "الحرب المختلطة" بعد "المعركة بين الحروب"

تحدث الكاتب عن سيناريو الحرب الشاملة حين تجد إسرائيل نفسها تذهب باتجاهها أمام دولة معادية- جيتي

قال خبير عسكري إسرائيلي إن "التطورات الإقليمية والدولية الحاصلة حول إسرائيل تتطلب من جيشها إجراء تغييرات جوهرية في طبيعة بنائه الهيكلي وعملياته القتالية وعقيدته العسكرية، لا سيما مع وجود قيود على الأداء الميداني لقواته المسلحة؛ بسبب الواقع الجيو-سياسي، وكل ذلك من شأنه العمل على أقلمته مع هذه التغيرات".


وأضاف عامي روحكس دومبا بمقال تحليلي بمجلة يسرائيل ديفينس، ترجمته "عربي21"، أن "السنة الجارية شهدت أحداثا أمنية ليست سهلة على الجيش الإسرائيلي، فالتهديدات غير النظامية على حدودها من المنظمات المسلحة المدعومة من دول معادية متنامية، والصراعات المسلحة في المنطقة، تلقي بتأثيراتها السلبية على سكانها، ما يضع قيودا على أي عملية عسكرية للجيش في الفترة القادمة؛ خشية أضرار متوقعة".

 

وأوضح أنه "في ظل الحرب الدائرة على تنظيم الدولة في سوريا وسيناء والعراق، وبسبب التعقيدات السياسية والعسكرية التي تجد إسرائيل فيها نفسها، فإن الجيش مطالب بالبحث عن طرق عمل جديدة، وإمكانيات تجعله يتأقلم مع هذا الواقع المستجد".

 

وأكد أن "إحدى هذه الطرق هي "الحرب المختلطة"، مع أن الجيش الإسرائيلي يخوض منذ فترة "المعركة بين الحروب"، وهي صيغة من حروب الاستنزاف التي تحصل بين حالات الطوارئ والأحوال العادية، وقد تعدّ إحدى صيغ الحروب المختلطة".

 

وأشار إلى أن "إحدى الدول المشهورة بهذه الحروب هي روسيا، التي استخدمتها خلال ضم جزيرة القرم، ولاحقا اتبعتها في أوكرانيا، مع أن إسرائيل وهي في طريقها لانتهاج هذه الحرب المختلطة التي تحدث عنها معهد "راند" الأمريكي مؤخرا، قد تدمج سلسلة أنواع وأشكال مختلفة، بدءا بحروب السايبر ومعارك الاستخبارات والقوات الخاصة، على أن يتواصل القتال دون توقف، ولكن بمستويات متباينة، بجانب التأثير على السكان المدنيين".

 

وأكد أن "إسرائيل لديها جهاز الموساد للعمليات الخارجية وجهاز الأمن العام الشاباك والجيش الإسرائيلي من خلال وحدة 504، التي تنفذ المهام الخاصة خارج حدود إسرائيل، مع أن جميع هذه الأجهزة تعمل بصورة سرية، وتجند عملاءها للعمل بين السكان المحليين، بهدف التأثير عليهم اجتماعيا وثقافيا وسياسيا في الدولة المستهدفة".

 

وأشار إلى أنه "من خلال بحث بسيط على محرك غوغل سنكتشف كم أن الأجهزة الأمنية حول العالم متورطة في محاولات لزعزعة استقرار أنظمة سياسية معادية، وهنا تفترض إسرائيل حصول تطورات في الشرق الأوسط تشمل صعود قوى معادية لها، وسيطرتها على الحكم، وفي حال حاول الجيش الإسرائيلي التدخل، فإنه سيعني انتهاك سيادة تلك الدول، وبالتالي يوصف ذلك بأنه إعلان حرب".

 

وذكر أن "هذا النموذج يتمثل بسوريا وعلى الحدود المختلفة لإسرائيل، حيث تتواجد المليشيات الإيرانية للعمل ضد إسرائيل، في ظل تقديرها بوجود مخاوف إسرائيلية من الدخول في حرب مع الجيش السوري، وكذلك الحال على الحدود مع الأردن، قد ينشأ وضع مشابه إذا شهد النظام الملكي حالة من عدم الاستقرار بسبب ضغوط داخلية، أو توجيه خارجي من العراق أو إيران".

 

وأشار إلى أن "هذه التطورات تتطلب من الجيش الإسرائيلي الدخول في صيغة الحروب المختلطة التي لا تترك بالضرورة آثارا خلفها، "حروب تجعلك هناك، دون أن تكون هناك فعليا"".

 

يتحدث الكاتب عن سيناريو آخر، يتمثل "بتغيير نظام عربي مجاور لإسرائيل، سواء كان مؤيدا أو معاديا لها، وهو ما شهده الربيع العربي منذ 2011، ففي مصر سقط نظام مبارك وصعد الإخوان المسلمون، ما جعل إسرائيل تواجه تهديدات أمنية في سيناء دون الدخول في حرب شاملة مع مصر، لا سيما أن العلاقات معها تمثلت بحدود هادئة وتعاون أمني وعلاقات دبلوماسية دافئة، ما تطلب من الجيش إعادة التأقلم من جديد".

 

وأضاف أن "هذا الحال ينطبق على سقوط نظام معاد لإسرائيل، كما شهدته إيران ضمن الثورة الخضراء عام 2009، المنسوبة لأجهزة الأمن الإسرائيلية والأمريكية، وفي هذا العام 2018 وعقب الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي، أعلنت واشنطن رغبتها بتغيير نظام إيران، ورغم أنها أمنية، لكن فرص فشلها كبيرة، وهناك صعوبة لتنفيذها، لكنها تبقى توجها خاصا بالإدارة الأمريكية التي قد تطلب من قواتها المسلحة تنفيذها".

 

وختم بالقول إن "هناك سيناريو آخر هو الحرب الشاملة، حين تجد إسرائيل نفسها تذهب باتجاهها أمام دولة معادية، وفي هذه الحالة يتم مساعدة الجيش الإسرائيلي في زعزعة استقرار نظامها، لوضع صعوبات أمام جيشها، من خلال دعم عناصر المعارضة الداخلية للعمل ضد النظام خلال أوقات الحرب، والتأثير على الرأي العام داخل الدولة المعادية، والتشويش على بناها التحتية، دون أن تترك تل أبيب خلفها آي آثار تشير إليها".