سياسة عربية

كيف وضع اعتراف الرياض بقتل خاشقجي الإعلام المصري بمأزق؟

إعلام السيسي نسج قصصا واتهامات تبين زيفها بشأن قتلة خاشقجي- جيتي
كشف إعلاميون وصحفيون مصريون عن "مأزق كبير" وقع فيه الإعلام المحسوب على النظام المصري على خلفية قضية مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، بعد أن دأب على نسج قصص من الخيال حول تورط تركيا وقطر وجماعة الإخوان في القضية قبل أن تعترف السعودية بمسؤوليتها عن قتله قبل أيام.

وأكدوا في تصريحات لـ"عربي21" أن قضية خاشقجي كانت بمثابة الكاشفة لحقيقة الإعلام المصري، الذي انخرط بقوة في اختلاق الأكاذيب، وتلفيق التهم بعيدا عن القاتل الحقيقي وتبرئته دون وجود أي قرائن أو دلائل تدعم اتهاماتهم.

وذهبوا بالقول إلى أن جزءا من حملة الدفاع عن النظام السعودي هو في حقيقته دفاع عن نظام السيسي المتورط حتى أخمص قدميه في عمليات خطف وقتل الآلاف من المعارضين في الداخل وأنها قطعت عليه الطريق لملاحقتهم في الخارج، ومحاسبتهم كما توعدهم في تصريحات سابقة.


سقوط الإعلام

وعلق الكاتب الصحفي، أبو المعاطي السندوبي، بالقول إن "النظام المصري استشعر الخطر عندما تفجرت قضية خاشقجي؛ بسبب سجله الأسود في هذا الأمر، لذلك فإن دفاعه عن النظام السعودي كان في الحقيقة هو دفاع عن نظام السيسي"، مشيرا إلى أن "مصر من أكثر دول العالم ممارسة للإخفاء القسري والقتل خارج القانون، وحادثة خاشقجي تعكس الحالتين الإخفاء القسري، والقتل خارج القانون".

وأضاف لـ"عربي21" أن "مقتل خاشقجي كان بمثابة الكاشفة للإعلام المصري، حيث كشف إنه إعلام زائف مضلل، وحاول التغطية على جريمة قتل في الخارج ارتكبتها دولة أخرى، فما بالك بالأكاذيب التي يمارسها على مواطنيه في الداخل؟".

وكشف أن "محاولة الإعلام المصري اتهام قطر وتركيا والإخوان بالوقوف وراء اختفاء خاشقجي كان محاولة لإخفاء جرائم السيسي بحق المعارضين؛ لأنه لو تم فتح الباب أمام مثل هذه القضايا فلن ينجو نظام السيسي مما وقع فيه النظام السعودي، لكن اعتراف الرياض بالمسؤولية أوقعه في ورطة".

وأكد أن "نجاح قضية خاشقجي والسكوت عنها وتغطيتها كان سيفتح الباب أمام النظام المصري لممارسة القتل ضد معارضيه، وهذا واضح من حديث الصحفي محمد الباز مقدم برنامج على إحدى الفضائيات عندما دعا إلى تصفية أيمن نور ومعتز مطر ومحمد ناصر وغيرهم، وأُذكر بحديث السيسي عن المعارضة في الخارج وقوله للمعارضين في الخارج (سنحاسبكم)  ثلاث مرات، وليس مستغربا أن تكون إحدى الطائرات الخاصة التي نقلت فريق القتل السعودي أقلعت من مصر وعادت إلى مصر".




فيما رأى الخبير الإعلامي، حازم غراب، أن الإعلام المصري يعيش إحدى أكبر "فضائحه المتعددة"، قائلا: "إن الأذرع والمطايا يوقعون أنفسهم بأنفسهم في شر أعمالهم. وهذا ما يحدث عندما يبيع الصحفي والإعلامي شرفه المهني لمن يسخرونهم أويغوونهم أو يخوفونهم".

وأضاف لـ"عربي21": "لقد اندفعوا ينفذون تعليمات الأسياد بلا روية ولا مهنية، ولم يطبقوا ألف باء ما تعلّموه في مقاعد الدراسة، ولم يتعظوا بمن سبقوهم ممن فضحوا عبر تاريخ المهنة مع الطغاة أمثال أحمد سعيد في صوت العرب ومحمد حسنين هيكل في الأهرام كمجرد مثالين".

وأرجع ذلك إلى الرغبة في الارتزاق والمتاجرة بالكلمة، قائلا: "كل من ضللوا ودلسوا صحفيا وإعلاميا في تاريخ المهنة في بلادنا اعتادوا التبرير الساذج بمقولة (ناقل الكفر ليس بكافر) جلهم يوقنون أن معظم ما ينقلونه من تعليمات هو كذب وتضليل لكن ارتزاقهم من وراء ذلك أهم لديهم من خسرانهم الشرف المهني".

واختتم حديثه بالقول "هم (الإعلاميون) كبائعات الهوى والداعرات يبيعون شرفهم لمن يدفع سواء كان من يهتك شرفهم حاكما وبطاناته من أجهزة أمنه، أو رجل أعمال أو حتى دبلوماسيا كبيرا في سفارة أجنبية أو عربية بعاصمة بلادهم".

سَحَرة السيسي

بدوره؛ قال مدير عام قناة مكملين الفضائية، أحمد الشناف، لـ"عربي21": "عندما يفقد الإعلامي بوصلته الأساسية في كشف الحقائق للجمهور، يفقد مصداقيته، وينفضح أمره كما حدث مع إعلاميي نظام السيسي"، مشيرا إلى "أن على الإعلام الحقيقي تقديم المعلومات والأرقام، لا الخيالات والأوهام حتى يحظى باحترام جمهوره ومتابعتهم".

وتابع: "عندما يتجاهل الإعلامي العقل والمنطق والحجة والدليل، وينفذ التعليمات الأمنية، وتعليمات الشؤون المعنوية (الخاصة بالجيش) التي تلقي بكل الأدلة في سلة المهملات حرصا على مصالح النظام المزعومة، يتحول الإعلامي إلى ساحر ومشعوذ قليل الحيلة، إلا أن المشاهد قادر على إبطال هذا السحر عندما تتكشف الحقائق، وتتضح الأمور".

ورأى أن أحد أهم أسباب اندفاع الإعلام المصري لتبرئة ساحة السعودية لا يخرج عن أمرين "أولهما، محاولة إبعاد الشبهة عن نظام السيسي المتورط في عمليات خطف وقتل، وثانيهما، هو تقديم خدمة مقابل الحصول على (الرز) السعودي لتبيض وجه ابن سلمان، والحفاظ على المصالح بين البلدين".