سياسة دولية

"أسرلة التعليم" خطة إسرائيلية لتحريف المنهاج الفلسطيني بالقدس

يبلغ عدد مدارس الأوقاف التابعة للسلطة 31 مدرسة- جيتي

بدأت بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس بطباعة نسخ محرفة من المنهاج الفلسطيني، للمراحل الدراسية الممتدة من الابتدائية إلى الثانوية، ضمن مساعيها الرامية إلى تعميم الثقافة الإسرائيلية على الطلاب العرب في المدينة، ضمن ما يعرف "بأسرلة التعليم".

 

ومن بين التغيرات في النسخة المحرفة حذف واجهة الكتاب الأساسية، والكوفية والعلم الفلسطيني، وشعار السلطة من واجهة الكتاب، وفي المحتوى شُطب العلم الفلسطيني من أي صورة أو موضوع، وشطب كل ما له علاقة بالنضال الوطني.

 

كما تضمنت التغيرات إضافة مواد جديدة تتحدث عن "التعايش"، ومواضيع أخرى تتحدث عن إجراءات دولة الاحتلال، في محاولة لإظهار أنها "ديمقراطية"، فضلا عن وضع الأسماء العبرية على المدن الفلسطينية.


في القدس، تتنوع المدارس تبعا للجهة التي تديرها، حيث تدير بلدية الاحتلال 63 مدرسة تتلقى تمويلا مباشرا من وزارة المعارف الإسرائيلية، في حين يبلغ عدد مدارس الأوقاف التابعة للسلطة 31 مدرسة، و7 مدارس تتبع للأونروا، و11 مدرسة تعرف بمدارس المقاولات التي تديرها عائلات إسرائيلية، وتتلقى تمويلها من وزارة المعارف، في حين هنالك المدارس الأهلية التي يتلقى جزء منها تمويلا من بلدية الاحتلال وعددها 82 مدرسة، والنوع الأخر من هذه المدارس الأهلية يعتمد على التمويل الذاتي ويبلغ عددها 12 مدرسة.

 

هذه التقسيمات التي فرضتها إسرائيل أفرزت معاناة طويلة لقطاع التعليم في القدس، فالمدارس التي تتبع وزارة المعارف وبلدية الاحتلال لها مناهج خاصة، وإضافات وشروط على الكتب التي يدرسها الطلبة داخل فصولها، إضافة إلى قيامها بتحريف نسخ من المنهاج الفلسطيني، وتعميمه على المدارس العربية بالقوة.

 

أسرلة التعليم

 

إلى ذلك، أكد مدير دائرة التربية والتعليم بالقدس، سمير جبريل، أن "التقسيمات التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي على واقع التعليم في القدس ساهمت في تمرير خططها بأسرلة التعليم في المدينة، سواء من خلال فرض المنهاج الإسرائيلي على المدارس التي تتلقى تمويلا من البلدية أو وزارة المعارف، أو من خلال تمرير نسخ محرفة من المنهاج الفلسطيني إلى المدارس العربية".

 

وأوضح جبريل في حديث لـ"عربي21" أن "عدد الطلاب الفلسطينيين في المدينة يبلغ 75 ألف طالب وطالبة، لكن قلة عدد المدارس الحكومية (الأوقاف) ومدارس الأونروا تدفع بالطلبة للالتحاق بالمدارس الأهلية ومدارس المقاولات بجوار الطلبة الإسرائيليين، كما يقوم الاحتلال الإسرائيلي بإعاقة وصول نسخ المنهاج الفلسطيني من رام الله إلى القدس، وقد يستمر احتجاز منهاج الوزارة لأكثر من شهر، وهو ما يعيق انتظام العملية الدراسية في بعض المدارس ويؤخرها عن الموعد المقرر لها".

 

 وتابع جبريل: "تقوم السلطات الإسرائيلية بإرسال نسخ محرفة من المنهاج الفلسطيني لمدارس الأوقاف والأونروا، وتدعي أنها نسخ أصلية من منهاج وزارة التربية والتعليم، وعند مطابقة هذه النسخ المحرفة مع شروط المنهاج الفلسطيني، يكون الفرق جوهريا بين النسختين، حيث تختفي أي نصوص أو صور أو آيات قرآنية أو ذكريات لتواريخ وشواهد فلسطينية، وفي هذه الحالة تضطر بعض المدارس إلى الالتزام بما هو متوفر من هذه النسخ المحرفة لاستدراك العام الدراسي، نظرا لمنع سلطات الاحتلال وصول النسخ الأصلية للمنهاج الفلسطيني".

 

التضييق على المدارس

 

من جانب آخر، كشف رئيس اتحاد أولياء مدارس القدس، زياد شمالي، أن "بلدية الاحتلال تمارس سياسية أسرلة التعليم منذ احتلالها للقدس في العام 1967، حيث تقوم مدارس الاحتلال بغرس مفاهيم تدعو إلى التعايش السلمي، ونبذ العنف ومحاربة الإرهاب، وطمس كل ما له علاقة بالهوية والتاريخ الفلسطيني، وقد جرى ذلك عبر عدة مراحل، أبرزها إلزام المدارس باستثناء بعض الدروس والقفز عنها، خصوصا في مادة التاريخ واللغة العربية".

 

وأضاف شمالي في حديث لـ"عربي21": "شهدت السنوات العشر الأخيرة بداية المرحلة الثانية من أسرلة التعليم، وهي طباعة نسخ محرفة للمنهاج الفلسطيني"، مشيرا إلى أن" 15 مدرسة عربية باتت تلتزم بتدريس هذه النسخة المحرفة؛ تجنبا للمضايقات الإسرائيلية، سواء بإغلاق المدرسة أو اعتقال أعضاء الهيئة التدريسية في حال لم يلتزموا بتعليمات بلدية الاحتلال".

 

وأوضح شمالي أن "المنهاج سيسبب إرباكا لدى الطلبة، خاصة الأشقاء الذين يتوزعون بين مدارس الاحتلال والأوقاف، من حيث اختلاف مضمون الكتاب مع أن المادة واحدة".

 

وعن طرق مواجهة التزوير الإسرائيلي، لفت إلى أن "اتحاد أولياء الأمور يوزع قبل بداية كل عام دراسي النسخة الأصلية مجانا على الطلبة، وفي هذا العام وزعت "النسخة الأصلية "على نحو 35 ألف طالب، ولكن بلدية الاحتلال بعدما توزع نسختها المحرفة، تقوم بمساومة وتهديد الطلبة بعدم إحضار كتاب المنهاج الذي وزعته التربية والتعليم؛ عبر التهديد باعتقالهم أو طردهم من المدرسة".