صحافة دولية

ميدل إيست آي: هذه خطط السعودية لاستعمار المهرة

ميدل إيست آي: الاستعمار العسكري السعودي يثير حركة الاحتجاج في شرق اليمن- تويتر

نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا لمراسله في اليمن، يقول فيه إنه وعلى مدى الثلاثة أشهر الماضية انهمرت الأمطار الموسمية على محافظة المهرة شرقي اليمن، فحولت تلك المياه تلال المهرة وهضابها إلى مرتفعات خضراء، وشكلت ضبابا على الخط الساحلي.

 

ويستدرك التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه مع تراجع العواصف الموسمية في المهرة، فإنه كانت هناك عاصفة أكثر خطورة تختمر، فشهدت الأسابيع الماضية احتجاجات ضد الوجود العسكري السعودي، الذي يصفه الناقدون بأنه يصل إلى حد الابتزاز والاستعمار. 

 

ويشير الموقع إلى أن السعوديين، الذين تدخلوا في اليمن لصالح الحكومة المعترف بها دوليا ضد الحوثيين عام 2015، بدأوا بإنشاء القواعد العسكرية في المحافظة في أواخر العام الماضي، لافتا إلى أنه منذ أن بدأ السعوديون في إقامة القواعد في المحافظة، فإن سكانها بدأوا بالمقاومة، وقاموا باحتجاجات، وتساءلوا عن حاجة الرياض لقواعد عسكرية في محافظة مسالمة، تجنبت معظم الوقت التورط في الصراع على مدى الثلاث سنوات الماضية.

 

ويفيد التقرير بأن حدة الاحتقان زادت منذ شهر آب/ أغسطس، عندما زار الرئيس اليمني المحافظة، وأيد الوجود العسكري السعودي، فيما يريد سكان المهرة من خلال رفع وتيرة الاحتجاجات أن يقولوا للعالم إن محافظتهم آمنة ولا تحتاج لوجود عسكري أجنبي فيها.

 

وينقل الموقع عن أسامة، وهو أحد السكان المحليين، ويبلغ من العمر 35 عاما، وشارك في عدة احتجاجات ضد الوجود السعودي، أقربها كان في 17 أيلول/ سبتمبر، قوله إنه لن يتوقف عن الاحتجاج حتى يعود السعوديون إلى بلدهم، وأضاف أسامة: "منذ أن حصلوا على الضوء الأخضر من الرئيس هادي، كان السعوديون هم المسيطرون الرئيسيون على المحافظة.. ووجودهم يهدد مستقبل المهرة؛ لأنهم غزاة، وقاموا بإنشاء قواعدهم العسكرية في المحافظة".

 

وبحسب أسامة، فإن السعوديين يسيطرون تماما على المعبر الحدودي بين المهرة وسلطنة عُمان، وعلى ميناء نشطون ومطار الغيضة، وقامت قواتهم بنشر الحواجز العسكرية في أنحاء المحافظة، ونشروا عددا كبيرا من القوات في مدينة سيحوت الساحلية.

 

ويلفت التقرير إلى أن حجم القواعد العسكرية التي يصفها السكان يختلف، من قواعد صغيرة ليس فيها سوى حوالي 12 جنديا، بإقامة سياج يحيط بالقاعدة، في حين أن غيرها من القواعد أكبر بكثير، مشيرا إلى أنه تم استبدال الجنود اليمنيين كلهم بجنود سعوديين في ميناء نشطون ومطار الغيضة.

ويقول أسامة للموقع: "إن السعوديين أقاموا قواعدهم العسكرية في عدة مناطق، لكن ليست هناك حاجة لذلك؛ لأن الحوثيين لم يأتوا إلى المهرة، بالإضافة إلى أننا لم نطلب منهم المساعدة لحمايتنا".

 

وينوه الموقع إلى أن زيارة هادي للمهرة كانت هي الأولى منذ عام 2012، في بدايات رئاسته، حيث كانت الزيارة ظاهريا للترويج لإطلاق مشاريع إعادة البناء بشراكة سعودية، بما في ذلك بناء محطة تنقية مياه ومستشفيات، مستدركا بأن تلك الزيارة ورؤيته يضع أحجار أساس لم تنجح إلا في إثارة غضب الكثير من سكان المحافظة، وتشجيعهم على تصعيد حركة الاحتجاج.

 

ويقول أسامة للموقع: "رحب هادي بالتدخل السعودي، وقام السعوديون بعد زيارته بمحاولة إنشاء أربع قواعد عسكرية في سيحوت، لكن السكان منعوهم من فعل ذلك.. وكانت تلك رسالة واضحة بأن هادي لا يمثل سكان المهرة".

 

ويذكر التقرير أنه في محاولة للتخفيف من الغضب في المحافظة، فإن السعودية وعدت في حزيران/ يونيو، بأنها ستقوم بعد شهرين بتسليم القواعد الموجودة تحت سيطرتها كلها للجيش اليمني، وستغادر المهرة خلال شهرين، فهدأت الاحتجاجات لمدة شهرين، لكن مع دخول شهر أيلول/ سبتمبر كان واضحا للسكان بأن السعودية لم تنكث بوعودها فقط، بل إن الوجود العسكري السعودي في المحافظة تضخم.

 

ويقول أسامة: "سيستمر السكان في الاحتجاج حتى يغادر آخر جندي سعودي المحافظة".

 

ويقول الموقع إن السعوديين لم يحتجوا فقط بإعادة الإعمار، لكنهم قالوا أيضا بأنهم يريدون منع الحوثيين من تهريب الأسلحة من عُمان، إلا أن حميد بن علي، وهو ناشط سياسي من المهرة، يقول إن موضوع التهريب هو مجرد حجة، مرجحا أن تكون المصالح السياسية هي ما يقف وراء هذا الاحتلال.

 

ويقول ابن علي للموقع: "أكد المحافظ أنه لا يوجد تهريب في المهرة، ولذلك ليس هناك مبرر (رسمي) للوجود السعودي.. والأمر الآخر هو أن القواعد العسكرية يتم بناؤها في المناطق المأهولة، وليس في مناطق قد يقع فيها تهريب".

 

ويشير التقرير إلى أن الحوثيين بدأوا عام 2014 بالتحرك في عرض اليمن، وسيطروا على العاصمة صنعاء، حتى وصلوا عدن، إلا أنه تم تقليص نفوذهم على يد قوات الحكومة اليمنية، مستدركا بأن المهرة لم تقع في أيديهم من قبل، والقوات اليمنية المتمركزة في تلك المحافظة تدعم هادي وحكومته.

 

ويقول ابن علي للموقع: "القوات اليمنية في المهرة لا تتبع الحوثيين، وبإمكانها حماية المحافظة من التهريب ومن أي تهديدات محلية، لكنها لا تستطيع حمايتنا من السعوديين".

 

ويستدرك الموقع بأنه ليس الجميع في المهرة ضد الوجود السعودي، فقال سرور، وهو أحد سكان المهرة: "السعوديون هم جيراننا، وليست هناك مشكلة في مساعدتهم اليمن ضد التهريب؛ لأنهم يعملون سوية مع السلطات اليمنية"، إلا أن السكان الآخرين، مثل أسامة، وهم الأكثرية، يعتقدون أن السعوديين يخفون خططهم الحقيقية، فيقول أسامة: "لم يفعل السعوديون هذا فقط لحمايتنا من التهريب؛ إنهم يفعلون تلك الخطوة لأهداف اقتصادية".

 

ويلفت التقرير إلى أن موقع "عربي21" الإخباري نشر في آب/ أغسطس وثائق تفصل خطة سعودية لبناء ميناء تصدير نفط في المحافظة، مشيرا إلى أن محافظة المهرة تتمتع بساحل طوله 560 كم، وهو أطول ساحل لأي محافظة يمنية.

 

ويعلق الموقع قائلا إنه في الوقت الذي قد يشكل فيه ذلك إمكانية جذابة للحكومة السعودية، التي تحاول أن تجد منافذ جديدة لتصديرها للنفط، إلا أن ذلك الساحل يشكل مصدر رزق بالنسبة لمئات صيادي الأسماك اليمنيين.

 

ويكشف التقرير عن أن السعوديين قاموا تحت ذريعة منع التهريب، بتحديد المساحات التي يمكن لصائدي الأسماك استخدامها، والمسافات التي يسمح لهم بالخروج فيها في البحر، ومنعتهم من الصيد حول ميناء نشطون تماما.

 

وبحسب الموقع، فإن التذمر من الوجود العسكري السعودي تجاوز الشارع إلى صالات السلطة أيضا، فقال أحد المسؤولين، بشرط عدم ذكر اسمه؛ بسبب مخاوف أمنية: "لا أحد سعيدا بالوجود السعودي في المحافظة، ولا حتى الرئيس نفسه، لكن لا أحد يستطيع الوقوف في وجههم"، وإضاف: "إن التهريب مجرد ذريعة، ولا نعرف ما هو سبب اهتمام السعودية بالمنطقة.. السعوديون غزاة بإذن من الرئاسة". 

 

ويجد التقرير أن "الوجود السعودي في المهرة هو شيء يتفق عليه مؤيدو الحكومة ومؤيدو الحوثيين، وللمفارقة أيضا فإنه قد يظهر تصدعا في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، حيث تتنافس الرياض مع الإمارات على بسط النفوذ في اليمن".

 

وينقل الموقع عن الصحافي اليمني المؤيد لهادي، عباس الضالعي، قوله على "تويتر": "الحرب الحالية في اليمن ليست لها علاقة باستعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب، لكنها حرب لتحقيق أهداف الغزو السعودي الإماراتي، حيث تستولي السعودية على المهرة وحضرموت، والإمارات تأخذ الجزر والموانئ والمطارات والشواطئ، إنه غزو شامل"، وبحسب الضالعي، فإن اليمنيين بحاجة لأن يستفيقوا، ويرفضوا خداع السعودية والإمارات.

 

وينوه التقرير إلى أن المحلل السياسي الحوثي محمد الديلمي يتفق مع الضالعي، حيث قال إنه يعتقد أن السعودية قد تستخدم المهرة للاستثمار أو لأهداف اقتصادية مستقبلية، وأضاف الديلمي: "الانقسام بين الإمارات والسعودية وقع فعلا، والهدف منه اقتصادي، في الوقت الذي يمتص كلاهما ثروة اليمن"، أما بالنسبة لهادي فقال الديلمي إنه مجرد تابع ولا يستطيع معارضتهم.

 

وكان موقع "ميدل إيست آي" قال في حزيران/ يونيو، إن هادي، الذي شبه سابقا الوجود الإماراتي في بلده بالاحتلال، أرغِمَ من السعودية والإمارات على دعم هجوم على مدينة الحديدة ضد رغبته.

 

ويذكر التقرير أن المهرة تعرف بأنها بوابة شرق اليمن، في محاذاة الحدود العمانية، مشيرا إلى أن السلطنة عضوة في مجلس التعاون الخليجي، وعلى علاقة طيبة بكل من الرياض وأبو ظبي، إلا أنه بالرغم من هذا، فإن عُمان فضلت، كما تفعل عادة في الصراعات الإقليمية، أن تقوم بدور الوسيط النزيه، بدلا من أن تكون مثيرة للحرب، وقامت باستضافة جولات محادثات سلام لم تنجح منذ التدخل السعودي عام 2015.

 

ويستدرك الموقع بأنه مما يغضب الرياض أن تستضيف عُمان عددا من القيادات الحوثية، مثل المتحدث محمد عبد السلام وغيره ممن يزورون عُمان من اليمن.

 

ويورد التقرير نقلا عن الصحافي محمد علي، وهو صحافي يمني مخضرم في تعز، قوله بأن العلاقة بين السعودية وعُمان أصبحت حساسة للغاية؛ بسبب رفض مسقط الانضمام للتحالف ضد الحوثيين، وأضاف علي للموقع: "عُمان بلد مستقل، وتتقبل الأطراف جميعها باستقلالية، ولذلك لم تشارك في الحرب ضد الحوثيين، ولم تؤيد الحوثيين ضد التحالف الذي تقوده السعودية.. بعض الحوثيين يعيشون في عُمان.. وكذلك يزور المسؤولون السعوديون عُمان، لكن السعودية تعد عُمان مؤيدة للحوثيين لأنها لم ترفضهم".

 

ويعتقد علي أن العلاقات بين عُمان والسعودية قد تسوء إن اتهمت الرياض مسقط بتهريب الأسلحة للحوثيين.

 

وبحسب الموقع، فإن الكثير من اليمنيين، مثل علي، يرون أن استيلاء السعودية على المهرة هو تحذير لعُمان، التي سمحت لها ثروتها باتباع سياسة خارجية مستقلة، لتقول لمسقط إنها لن تسمح بتنقل الناس أو البضائع أو الأسلحة عبر الحدود.

 

ويجد التقريرأنه لو تم وضع الاعتبارات الاقليمية جانبا، فإن سكان المهرة، مثل أسامة، يرون أن سلطة تحرير المحافظة تعود لهم وحدهم، فيقول أسامة: "سنصعد حتى تعود محافظتنا إلى سابق عهدها، وسنقيم معسكرات احتجاج بالقرب من القواعد العسكرية السعودية في أكثر من منطقة في المهرة".

 

ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول أسامة: "نحن أناس مسالمون، ولا نستخدم الأسلحة، ويستغل السعوديون مسالمتنا ليغزو محافظتنا، لكن هذا لا يعني أننا لا نملك طرقا للتصعيد، لدينا خطوات تصعيدية، وسيسمع العالم جميعا بقضيتنا".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا