ملفات وتقارير

حصري: قلق مصري من تزايد نفوذ الإمارات في القرن الإفريقي

الإمارات يزداد نفوذها في القرن الأفريقي في حين يتراجع دور دول أخرى مثل مصر- جيتي

علمت "عربي21" أن مصر بدأت تشعر بالقلق من تصاعد النشاط الدبلوماسي والتجاري الإماراتي في القرن الإفريقي، خصوصا بعد تعدد اللقاءات الرسمية الإثيوبية خلال العامين الماضيين.

وقال مصدر دبلوماسي مطلع لـ"عربي21" إن مكتب رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، طلب من مكتب وزير الخارجية تقريرا عاجلا يرصد النشاط الدبلوماسي والتجاري للإمارات في القرن الإفريقي والبحر الأحمر واليمن، وذلك قبيل زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد للقاهرة في السابع من آب/ أغسطس الماضي.

وأضاف المصدر أن هذا الطلب يعبر عن رغبة الرئاسة المصرية لإدراك طبيعة وحجم التحركات الإماراتية في المنطقة، والتأكد من عدم تأثيرها على الدور والمصالح المصرية.

وفي السياق ذاته، علمت "عربي21" أن خلدون المبارك عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي وجهاز الشؤون التنفيذية في الإمارة، اطلع في تموز/ يوليو الماضي على مشروع أعده الجهاز حول الدعم الإماراتي الممكن لأريتيريا. 

واشتمل المشروع على المساهمة في خصخصة هيئة الاتصالات الإثيوبية، ودراسة الشراكة مع الخطوط الجوية الإثيوبية ونظيرتها الإريترية، والاستثمارات الزراعية والتعدين، وتوليد الطاقة، واستثمارات البث والتوزيع الإعلامي، والمساهمة في مشروع سد النهضة، والاستثمار في طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية، والاستثمار في خطوط النقل والخدمات اللوجستية، والاستثمار في الموانئ، وسكك الحديد بين البلدين، وتطور منطقة حرة ذات ملكية مشتركة بين البلدين.

 

اقرأ أيضا: صعود الإمارات بالقرن الأفريقي.. كيف يُغيّب مصر ويؤثر عليها؟


ويأتي ذلك بعد تصريحات مدير مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، فيتسوم أريجا، بوقت سابق، بأن مباحثات بين الإمارات وإثيوبيا تركزت على الاستثمار في قطاعات من بينها "التصنيع والزراعة والعقارات وأنابيب النفط والمنتجعات"، ما يعني أن أبو ظبي يزداد دورها أكثر في هذا البلد.

وسبق أن قال الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، كامل عبد الله، لـ"عربي21" حول هذا الخصوص: "لن تسمح مصر لمصالحها أن تتضرر في أفريقيا، في ظل التنافس الشرس هناك".

وشدد عبد الله على أن صعود الإمارات ودول أخرى مقابل الدور المصري في أفريقيا، يأتي في إطار التنافس هناك.

وأكد أن الإمارات طموحة في منطقة القرن الأفريقي والشرق الأوسط، وأنها "قوة صاعدة"، ولكنه رأى أن مصر سيبقى دورها قويا في هذه المنطقة. 

وقال إن صعود دول وقوى أخرى غير مصر في القرن الأفريقي وبروزها مؤخرا، مثل الإمارات ودول أخرى كإيران وقطر وتركيا، قد يكون له أثر سلبي وقد يكون إيجابيا، وفق قوله.

وأوضح أن طبيعة التفاهمات والعلاقات بين الدول المتواجدة في القرن الأفريقي هي التي تحدد إن كان أثر صعود دور دولة أمام دولة سيكون سلبيا على أحدها، كما الحال بالنسبة للإمارات ومصر.

وقد يعني الأمر أن مصر بدأت تخسر دورها البارز في ظل الصراع الشرس أمام صعود دول أخرى، رغم أن عبد الله أكد أنه من الصعب جدا أن تخسر القاهرة وجودها في أفريقيا، فهي متواجدة سياسيا ودبلوماسيا ولها مصالح واسعة هناك، ودور تاريخي بارز.

وفي إطار الجهود الإماراتية لتوسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي في القرن الإفريقي؛ قامت وزيرة الدولة الإماراتية ريم الهاشمي بزيارة إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في العاشر من آب/ أغسطس الماضي، ووقعت خلال الزيارة اتفاقية بناء خطوط أنابيب للنفط في ميناء عصب ليربط بين ارتيريا واثيوبيا. 

وقالت وكالة "رويترز"، إن المباحثات التي أجرتها الهاشمي ركزت على الاستثمارات في قطاعات التصنيع والزراعة والعقارات وأنابيب النفط والمتجعات، فيما قال مدير مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي، إن معظم هذه المشاريع تخضع للدراسة.

 

مطامع إماراتية في القرن الأفريقي

وفي تعليقها على الزيارة، نشرت وكالة "يورونيوز" التي يملك الملياردير المصري نجيب ساويرس 53 في المئة من أسهمها، تقريرا عن النفوذ الإماراتي في القرن الإفريقي. 

ورأى التقرير أن الإمارات "تسعى من خلال تحركاتها الدبلوماسية واستثماراتها الضخمة إلى تعزيز وجودها في القرن الإفريقي، وتحاول في الوقت ذاته قطع الطريق أمام أي مساع إيرانية أو قطرية للتمدد في تلك المنطقة الواعدة. 

وأضاف أنه في السياق ذاته، من المفيد الإشارة إلى أن قطر وتركيا تؤيدان حكومة الصومال التي توترت العلاقة بينها وبين الإمارات العام الماضي.

ويتصاعد الدور الإماراتي بشكل ملفت في أفريقيا خلال السنوات الماضية، لا سيما في إثيوبيا وإرتيريا مؤخرا، وبدأت أبو ظبي تتغلل في المنطقة الغنية بالموارد، إذ يبدأ الأمر اقتصاديا وينتهي بتواجد عسكري ومشاريع ضخمة، ما يعزز من توغلها إلى عمق أفريقيا، ما أثار تساؤلات إن كان الأمر يؤثر على مصر التي لها تواجد تاريخي في أفريقيا.

وسبق أن دفع الأمر بوكالات الأنباء العالمية من بينها "رويترز"، إلى القول إن الإمارات باتت سياستها الخارجية أكثر حزما وتدخلا، تتجلى آثارها في حوض البحر الأحمر والقرن الأفريقي. 

 

وقالت إن الإمارات تتمتع بنفوذ لا ينازعها فيه أحد تقريبا في إريتريا، منذ ما لا يقل عن عقد.

 

وإريتريا هي أكثر بلد معزول دبلوماسيا في أفريقيا، إذ فرضت الأمم المتحدة عقوبات عليها شملت حظر الأسلحة في 2009 واتهمت الحكومة بدعم إسلاميين متشددين في الصومال، وهو اتهام تنفيه أسمرة.

لكن لأبوظبي قاعدة عسكرية هناك تستخدمها للمشاركة في الحرب باليمن.

أما مصر، فهي تدعم بعض المشروعات التنموية في مجالات الزراعة وتنقية المياه والطاقة والصرف، لإرتيريا، وغداة انتهاء حالة الحرب بين إثيوبيا وإريتريا، بوساطة الإمارات الطموحة في القرن الأفريقي، فإن التكهنات ثارت حول خسارة مصر ورقة ضغط هامة على الجانب الإثيوبي.

وأكد الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، الدكتور السيد أبو الخير، لـ"عربي21"، بوقت سابق أن مصر بالفعل خسرت جراء التوافق الإثيوبي الإرتيري الأخير.

وأشار تقرير موسع لـ"رويترز"، إلى أن من بين أهم أسباب صعود الإمارات في أفريقيا، "الفراغ الناجم عن إضعاف ثقل دول كبرى في العالم العربي"، مثل مصر.


ودخلت الإمارات منذ أكثر من 10 سنوات، مدفوعة من جهة برغبتها في الاضطلاع بدور في اقتصاد إثيوبيا الذي يحقق نموا قويا، ومن جهة أخرى بخشيتها من أن يكتسب خصوم مثل إيران وقطر موطئ قدم لهم في المنطقة.

وكانت الإمارات شهدت قمة ثلاثية مع إرتيريا وإثيوبيا بعد التوصل إلى سلام بين أديس أبابا وأسمرة.

ووقع رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد ورئيس إريتريا اتفاقا تاريخيا في أسمرة في  التاسع من تموز/ يوليو الماضي، لإعلان نهاية "حالة الحرب" بين البلدين، التي كانت واحدة من أطول الأزمات العسكرية في أفريقيا.

وما يلقي بالضوء أكثر على الدور الإماراتي في إرتيريا وأثيوبيا، ما كشفه محققون دوليون عن أن الجيش الإريتري تلقى مساعدة من الإمارات، وربما من شركات روسية وتشيكية وإيطالية خلال العام الماضي، ما يشكل انتهاكا للحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على الأسلحة في هذا البلد الواقع في القرن الإفريقي.

 

اقرأ أيضا: بلومبيرغ: الإمارات تخرق الحظر العسكري على أرتيريا وتدعمها

 

من جانبه، قال الأكاديمي السوداني المتخصص في شؤون القرن الأفريقي عبد المهدي إسماعيل، لـ "عربي21" إن الإمارات توسعت في منطقة القرن الأفريقي منذ عام 2015 بشكل لافت للنظر، وقدمت العديد من الإغراءات المالية لدول إفريقية فقيرة من أجل أن يكون لها أكثر من مكان على سواحل البحر الأحمر. 

وأضاف أن "هيئة موانئ دبي لها عقود احتكارية لموانئ في مصر واليمن وجيبوتي وأرض الصومال وأريتريا، ما يعني أن أربع دول فقط تقع على البحر الأحمر لم تدخل إليها الإمارات وهي السعودية والأردن والسودان وإسرائيل، وهو ما يشير إلى أن اهتمام الإمارات بمنطقة شرق وجنوب البحر الأحمر الهدف منه التحكم في حركة المرور، وما يدل على ذلك القواعد العسكرية التي أنشأتها في معظم الدول التي استأجرت منها الموانئ".