ملفات وتقارير

ماذا وراء طرح "الكونفدرالية" بهذا التوقيت؟.. مختصون يجيبون

مختصون: تسويق الفكرة بهذا الشكل يستهدف عدم إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة- جيتي

بدأت تظهر تخوفات جدية منذ الحديث الذي كشفه رئيس السلطة محمود عباس، أمام وفد إسرائيلي، حول العرض الأمريكي بإعادة طرح "الكونفدرالية" بين الفلسطينيين والأردن.

 

وتثار التساؤلات حول حقيقة الطرح، إن كان هو ذاته ما يشاع عنه بـ"صفقة القرن"، ومدى جدية الأمر، وتوقيت الكشف عنه.

 

لماذا لآن؟


وفي هذا الصدد، قال رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد، إن إعادة الطرح جاء في سياق جدال بين جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس السلطة محمود عباس، في اجتماع مغلق غير معلومة تفاصيله.


ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن الكونفدرالية بحسب الرؤية الإسرائيلية مطروحة منذ زمن طويل، وكان هناك طرح لرئيس الوزراء الأسبق شمعون بيريز بهدف القفز على إقامة دولة فلسطينية، إلا أن الفلسطينيين والأردنيين أكدوا أن أي بحث لموضوع الكونفدرالية أو الفدرالية أو الدولة الواحدة أو المملكة المتحدة كما ذكر الملك حسين، يكون بعد إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

 

اقرأ أيضا: كاتبة: أمريكا مع الكونفدرالية وعباس لا يرفضها.. لصالح إسرائيل

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي، إن الفكرة تم تداولها منذ أشهر، وتأتي في سياق الطرح الأمريكي لتفكيك القضية الفلسطينية إلى مجموعات أزمات يمكن حلها انفراديا، بإحالة كل أزمة إلى أقرب إقليم عربي.


وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "في غزة، يتم الحديث عن ترتيبات في معظمها تعني تحسين الحياة اليومية مع إعطاء مصر دورا أكبر ونفوذا أعمق من الناحية الأمنية، وفي الضفة الغربية التي لا تستوعب قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة يتم إحالة ملفها الأمني للمملكة الأردنية".

 

وأد حل الدولتين


وأوضح الشوبكي أن ذلك يعني أن "عملية ضم التجمعات الفلسطينية في الضفة للمملكة الأردنية، والدلالة الوحيدة التي يحملها هذا الطرح، أن الولايات المتحدة وإسرائيل وضعتا خيار حل الدولتين خلفهما، وباتتا تروجان لحلول راديكالية، مفادها وأد فكرة الدولة الفلسطينية".

 

وفي السياق ذاته، نوه الحمد، إلى أن الفلسطينيين والأردنيين يرفضون طرح هذا الموضوع، كبديل عن الانسحاب الإسرائيلي من حدود الـ67، أو على حساب اللاجئين، وقيام دولة فلسطينية.

 

اقرأ أيضا: ملك الأردن: "كونفدرالية مع مين؟".. ويتحدث عن خط أحمر

 

تقويض الملفات الكبرى


من جهته، شدد الشوبكي على أن الفكرة تستهدف في أساسها الكيان الفلسطيني المستقل، وبذلك تصبح ملفات القدس واللاجئين والمستوطنات أمرا تابعا ومتأثرا بشكل تلقائي.

 

وأضاف، أنه بحسب الطرح، تكون القدس الموحدة عاصمة دولة الاحتلال حسبما تسرب حول موضوع الكونفدرالية في الإعلام الأمريكي، الذي أكد أن هذا الطرح إسرائيلي في الأساس وتبنّاه البيت الأبيض، وكذلك الأمر بالنسبة لقضية اللاجئين، حيث ستصبح الضفة الغربية المحتلة بيئة طاردة، والقبلة هي الضفة الشرقية (الأردن).


أما الحمد، فرأى أن الفكرة التي قد تكون مطروحة، هي ذاتها التي طرحها حزب العمل الإسرائيلي سابقا، أن يكون السكان الفلسطينيون تابعين لتلك الكونفدرالية وليس للأرض الفلسطينية، وعليه، فإن الأملاك الخاصة تبقى للفلسطينيين، والأملاك العامة تحال لإسرائيل، وتبقى المستوطنات على ما هي عليه، والقدس عاصمة لإسرائيل، ولا عودة للاجئين الفلسطينيين.


وأوضح أن تسويق الفكرة بهذا الشكل، يستهدف عدم إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، وعدم الانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 على الإطلاق، ويبقى الواقع كما هو، ويتحول الأمر لمفاوضات أمريكية فلسطينية أردنية بعيدا عن إسرائيل، وكأنها لا علاقة لها.

 

اقرأ أيضا: هآرتس: هذه تفاصيل الكونفدرالية مع الأردن

صفقة القرن؟

 
ورأى الشوبكي، أن ما تفوه به رئيس السلطة عباس، جزء مما تم التعارف عليه بصفقة القرن، وما يمكن استنتاجه على الرغم من شح المعلومات حولها، أنها قائمة على إعادة القضية الفلسطينية إلى كونها أزمة إنسانية لا سياسية وطنية.


ولفت إلى أن الإدارة الأمريكية تسعى لتقويض الأونروا، حتى يتم الدفع بالفلسطينيين إلى تمني الارتباط بالدول المجاورة للتخفيف من ضنك العيش.


وأضاف الشوبكي أن الفكرة تبدو يسيرة في التنفيذ بالضفة الغربية المحتلة، بسبب الارتباط الشعبي بين الأردنيين والفلسطينيين اجتماعيا، وستكون يسيرة سياسيا، إذا لم تبادر القوى الفلسطينية لاجتراح خيارات وطنية، خصوصا أنّ قوى إقليمية من الممكن أن تضغط على المملكة الأردنية، لتغيير موقفها الراهن الرافض لفكرة الكونفدرالية قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة.


من جانبه أوضح الحمد، أن المعارضة الفلسطينية والأردنية في الفترة الأخيرة للأفكار الأمريكية، حالت أمام إدارة ترامب المضي في مخططاتها، وخاصة في موضوع القدس ونقل السفارة، بحيث بقي القرار أمريكيا إسرائيليا فقط، ولا علاقة له بالمجتمع الدولي الذي رفض الإجراء الأمريكي.