صحافة إسرائيلية

قراءة في التهديدات الأمنية والعسكرية المحيطة بإسرائيل

تشكل مثل هذه التقديرات قراءة لأبرز التهديدات الأمنية التي تواجهها إسرائيل- الأناضول

جرت العادة مع اقتراب الأعياد اليهودية في كل عام، أن تصدر الجهات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تقديرات موقف لطبيعة التهديدات والمخاطر المحيطة بإسرائيل.


وقد بدا واضحا أن تعدد جهات التهديد في غزة ولبنان وسوريا، وربما الضفة الغربية، لها ما بعدها من تبعات وآثار: داخلية على مستوى إدارة الحكم في إسرائيل من جهة، ومنح الجيش هامشا أوسع في مستويات صنع القرار من جهة ثانية، وخارجية على مستوى تكبيد خصوم إسرائيل اللدودين، دروسا مكلفة وباهظة.


وفي ضوء هذه المعطيات التي تفوح منها رائحة الدماء والعرق، وأمام هذا المشهد الحربي بامتياز، فقد دأبت المؤسسة العسكرية على عقد اجتماعات دورية، سرية وعلنية، يمكن أن يستشف منها كلام كثير ومهم وخطير في آن واحد، لعل من أبرزه:


أ‌- أن السنة اليهودية الحالية ستكون مليئة بالتحديات الأمنية والعسكرية.
ب‌- على الجيش أن يكون على أتم الاستعداد لذلك.
ت‌- عرض خطط العمل للسنة الحالية بالتطرق لاستخلاصات نتائج الحروب السابقة.


علما بأن الجيش الإسرائيلي يجري بين الحين والآخر دراسة مهنية حول الوضع الاستراتيجي للدولة، وعلى انتشار قواته العسكرية، لا سيما وأن الوضع الذي كان عليه الجيش مختلف قبل عشر سنين، عندما كانت إسرائيل في ظرف آخر في ما يتعلق بالفلسطينيين.


ولعل أبرز ما جاء في تلك النقاشات التي تدور بين ضباط هيئة الأركان، وتناولت الخيارات العسكرية المتعددة التي تواجهها في المنطقة، في أكثر من عاصمة، أنها جعلت بعض المحللين العسكريين الأكثر بروزا في إسرائيل يتحدثون أن تزاحم هذه الخيارات قد يجعل حكام تل أبيب يغضون النظر عن خيارات، ويلجؤون لأخرى، على النحو الذي جعل كبار الجنرالات والساسة يقفون أمام واحدة من عمليات المفاضلة بين الخيارات الأكثر إرباكا في التاريخ السياسي العسكري الأمني الإسرائيلي!

 

اقرأ أيضا: مؤتمر إسرائيلي يناقش "التهديدات الأمنية البحرية"


تعتقد إسرائيل أن أي مواجهة حربية تمتد على عدة جبهات معا، أو أي منها، قد لا تتوقف تبعاتها الجيو-سياسية عند حدود خط المواجهات المذكورة، بل قد تصل الضربات هذه المرة لعمق إسرائيل الحيوي، وربما يصل الموقف لفتح جبهة خامسة في الضفة الغربية، قد تكون الأكثر خطورة على أمن إسرائيل بسبب قدرة العناصر المسلحة الموجودة في الضفة على الوصول ضمن فترة وجيزة إلى أي مكان في العمق الإسرائيلي.


مع العلم أن الأنظمة العربية التي ظلت تتعاون حاليا مع إسرائيل ضمن ما يعرف بـ"المعتدلين العرب"، ستتعرض للمزيد من السخط، وربما الانهيار السياسي، وإضافة لكل ذلك قد تتضرر الجهود الأمريكية الإسرائيلية، وقد تزداد عزلتهما في الشرق الأوسط.


وفي الوقت ذاته، ترى الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن الظرف العسكري الأكثر دقة في هذه المنطقة المشتعلة، يحتم على الدولة أن تسعى لوضع جدول أولويات عسكرية يمكنها من تحقيق مطالبها الأمنية.


وبالتالي ففي ضوء طبيعة وإمكانيات مختلف الجبهات الأربع، حماس وحزب الله وسوريا وإيران، فقد أجمع خبراء إسرائيليون جادون على فداحة التهديد الاستراتيجي الذي بات يشكله هذه الجبهات على إسرائيل، بالنظر لضخامة التبعات التي قد تترتب على أي مواجهة مع مختلف الأطراف.


ومع ذلك، فلا يجب أن يفهم مما تقدم أن التقدير يغفل بصورة مطلقة إمكانية أن تخرج الأمور عن النص، وأن يكسر أي من أطراف المواجهة قواعد اللعبة، مع أن تل أبيب بادرت لكسرها عبر عمليات القصف في مختلف الجبهات.


أخيرا، تشكل مثل هذه التقديرات قراءة لأبرز التهديدات الأمنية التي تواجهها إسرائيل، مع ترجيح متوقع لقيام جيشها بخوض مواجهة عسكرية ضارية، سواء في أزقة غزة، أو قلب الضاحية الجنوبية، أو على مرتفعات الجولان، أو عبر ضربة جوية "بسرعة البرق" نحو بوشهر وأصفهان!