سياسة دولية

لماذا وافق الأمن المصري على عودة الجماهير للملاعب؟

جماهير النادي الأهلي المصري- أ ف ب

شهد الأسبوع الخامس من مسابقة الدوري العام عودة الجماهير للمدرجات مرة أخرى، وفق ضوابط صارمة وضعتها وزارة الداخلية مع الاتحاد المصري لكرة القدم والأندية المتنافسة بالمسابقة، وذلك بعد ثلاث سنوات ونصف من منعها حضور مباريات الدوري المحلي المصري.


وطبقا لقرار الأمن المصري ووزارة الشباب والرياضة، فقد تم السماح بحضور خمسة آلاف مشجع يتم توزيعهم بواقع 3000 مشجع للنادي المضيف، و500 للنادي الضيف، و1500 من طلاب الجامعات وذوي الاحتياجات الخاصة، بناء على أوامر رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي.

وأكد عدد من النقاد الرياضيين أن وزارة الداخلية اشترطت في الجماهير التي يتم السماح لها بحضور المباريات أن يسجلوا بياناتهم كاملة، مع تقديم صورة من هويات الرقم القومي وجوازات السفر لدى الأندية التي يشجعونها، وهي القوائم التي تم إرسالها لقطاعي الأمن الوطني والأمن العام بوزارة الداخلية لمراجعتها وفحصها، وتمت الموافقة على وجده الأمن موافقا للشروط التي وضعتها الداخلية، وهي ألا يكون عضوا فاعلا بروابط المشجعين "الألتراس"، أو يكون من الذين تم اعتقالهم في المظاهرات المناهضة للانقلاب، أو الذين صدرت بحقهم أحكام في قضايا سياسية.

ويؤكد الناقد الرياضي أحمد عصام لـ"عربي21" أن القوائم التي تم الموافقة عليها من الجهات الأمنية حصل كل اسم فيها على بطاقة خاصة باسم بطاقة المشجع، وهي البطاقة التي تمكن صاحبها من شراء تذكرة المباراة إلكترونيا من النادي الذي يشجعه، ليتم محاسبة النادي فيما بعد في حال ارتكب مشجعوه أي مخالفات.

ويضيف عصام أن الاستمارات التي طلبت الأندية من المشجعين أن يقوموا بملئها، كانت بمثابة "فيش وتشبيه" لكل من يريد أن يحصل على تذكرة لحضور المباريات، كما أنها منحت إدارات الأندية الحق في تحديد من يتم السماح لهم بحضور المباريات، مؤكدا أن ذلك منحهم فرصة لتصفية الحسابات مع الجماهير، خاصة في الأندية التي تشهد أزمات مع الجماهير بشكل مستمر، كما هو حال نادي الزمالك.

ويوضح عصام أن الخطوة في حد ذاتها جيدة، لكنها تخضع لتوجهات الأمن الذي يتحكم في الموضوع من بدايته لنهايته، وهو ما سيكون له تأثير سلبي على مشاركة الجماهير في المباريات، كما حدث بمعظم مباريات الأسبوع الخامس، الذي شهد إقبالا جماهيريا محدودا، باستثناء مباراة الأهلي والإنتاج الحربي التي جرت الأحد 2 أيلول/ سبتمبر الجاري.

ويشير الناقد الرياضي أن هناك اتفاقا سيتم تنفيذه من منتصف الشهر الجاري، بأن يشارك قرابة 5 آلاف مجند في المدرجات كمشجعين يرتدون ملابس غير عسكرية، خاصة في المباريات التي يكون أحد أطرافها أندية القوات المسلحة أو الشرطة، وهم حرس الحدود وطلائع الجيش والإنتاج الحربي والداخلية، بالإضافة للمباريات التي لا يوجد مشجعون لأنديتها، وهو ما تمثله كل الأندية باستثناء الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري والاتحاد والمقاولون العرب.

من جانبه، اعتبر المحلل الرياضي ولاعب المنتخب المصري السابق أحمد ميدو، في تصريحات صحفية، أن عودة الجماهير خطوة جيدة، خاصة أنها ستكون سببا في عودة السياحة لمصر مرة أخرى، بعد تأكيد الجهات الأمنية استطاعتها ضبط الأمور في الملاعب.

بينما حذر الإعلامي كريم حسن شحاته، من خلال برنامجه الذي يقدمه بإذاعة الشباب والرياضة الشهيرة، من استغلال الموافقات الأمنية في تصفية حسابات بين مسؤولي الأندية وبعض الجماهير، خاصة أن الأمور ليس لها ضوابط محددة.

وفي تصريح صحفي وصل "عربي21" نسخة منه، أكد وكيل لجنة الشباب والرياضة بالبرلمان المصري سمير البطيخي على ضرورة إطلاع الجماهير الذين سيحضرون المباريات على باب العقوبات في قانون الرياضة الجديد، الذي أقره مجلس النواب مؤخرا، مشيرا إلى أن أي تصرف غير مسؤول من جانب المشجعين في المدرجات، سيُعاقب عليه في ضوء النصوص القانونية والعقوبات الجديدة.

ويشير الباحث في العلوم السياسية أسامة أمجد، لـ "عربي21"، أن قرار عودة الجماهير للملاعب مرة أخرى كان قرارا سياسيا أكثر منه رياضيا، مستدلا بالإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية لضمان السيطرة على المدرجات، خاصة أن النظام الحاكم لديه توجس كبير من أي تجمعات جماهيرية.

ويؤكد أمجد أن السياسة الأمنية الحالية تعتمد على إحداث أمر واقع جديد، وهو قدرتها على ضبط الشارع، وبالتالي كان سماحها بعودة الجماهير لتأكيد قدرتها على فرض الأمن وسيطرتها على الشارع، ورسالة أخرى بأنها قضت على روابط الألتراس التي مثلت صداعا لها قبل ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، وبعدها، كما كان لروابط الألتراس نهضاوي دور كبير في استمرار سخونة الشارع ضد الانقلاب العسكري الذي جرى ضد الدكتور محمد مرسي في تموز/ يوليو 2013.

وتوقع الباحث السياسي أن يكون رد فعل الأجهزة الأمنية عنيفا إذا ارتكبت الجماهير أي مخالفات في المدرجات، حتى تكون رسالة بأنها لن تسمح لأي تجاوزات يمكن أن تتنقص من هيبتها، أو تكون سببا في عودة عقارب الساعة للوراء، من وجهة نظرها.