صحافة إسرائيلية

مؤشرات إخفاق القبة الحديدية في التصدي لصواريخ غزة

استمرار إطلاق المقاومة لقذائفها الصاروخية فضح كذب رواية الجيش بفاعلية منظومة "القبة الحديدية"- جيتي

ضمن جولات التصعيد الجارية في الأسابيع الأخيرة بين المقاومة والاحتلال في قطاع غزة، حاولت منظومة القبة الحديدية التصدي للصواريخ والقذائف قصيرة ومتوسطة المدى، التي يتم إطلاقها من غزة.

 

وقد نشر الجيش الإسرائيلي عددا من بطاريات ومنظومات القبة الحديدية المضادة للصواريخ، وتبلغ تكلفة كل بطارية 50 مليون دولار، بينما تتراوح تكلفة كل صاروخ ينطلق للتصدي لصواريخ المقاومة بين 70-80 ألف دولار.

 

وأوضح الجيش أن المئات من الصواريخ أطلقت من غزة خلال الأسابيع الماضية، تم تحييد بعضها بواسطة القبة، وسقطت أخرى في مناطق مأهولة ومفتوحة، لكن هذه الصواريخ كانت كافية لإغلاق السماء في مستوطنات غلاف غزة، وتم استخدام عشرات الصواريخ لعمليات الاعتراض، كلفتها ملايين الدولارات.

 

ورأى مراقبون أن استمرار إطلاق المقاومة لقذائفها الصاروخية فضح كذب رواية الجيش بفاعلية منظومة "القبة الحديدية"، بعد أن أطلقت صواريخها إلى مستوطنات الغلاف، وسط تكتم بمدى الخسائر التي ألحقتها الصواريخ في المناطق التي أصابتها، في إطار محاولات التكتم على عدم فاعلية نظام القبة التي روجت له في أوساط الرأي العام على أنه المنقذ من صواريخ المقاومة التي تنطلق من غزة.

 

ورغم المساعي الإسرائيلية ومؤسستها العسكرية للتكتم على هذه الفضيحة، إلا أن خبراء إسرائيليين خرجوا في أحاديث علنية ليكشفوا عملية الخداع التي حاول الجيش تمريرها على الإسرائيليين والعالم، ما ساهم بتعميق أزمة المؤسسة العسكرية، ووجه ضربة لصناعتها التسليحية.

 

وقد وصف "موتي شيفر"، الخبير الإسرائيلي في هندسة الطيران والفضاء والحاصل على جائزة "أمن إسرائيل"، القبة الحديدية بأنها أكبر خدعة عرفتها المنطقة، سعى الجيش من خلالها لتسويق هذا النوع من السلاح الوهمي في اعتراض الصورايخ لدول عدة على مستوى العالم، بما يعود عليه بمليارات الدولارات من خلال صفقات بيع السلاح.

 

وأضاف: القبة الحديدية لا تعدو كونها عرضاً صوتياً وضوئياً لا تعترض، ولا تسقط شيئاً غير الرأي العام الإسرائيلي، لأن كافة الانفجارات التي نشاهدها، ونسمعها في الجو، ناتجة عن تدمير ذاتي لصاروخ قبة حديدية يدمر نفسه، أو يعترض صاروخاً آخر من نفس القبة، ولم يتمكن ولو صاروخ واحد أطلقته القبة وبشكل مطلق من إصابة أي صاروخ أو قذيفة صاروخية.

 

ولم تتوقف فضيحة فشل القبة الحديدية عند حدود الرأي العام الإسرائيلي الداخلي، الذي بات يشكك بقدرتها على اعتراض صواريخ المقاومة، بل توقع الجيش إلحاق خسائر مالية كبيرة بالصناعة العسكرية التي تحاول الترويج لها، وبيعها على مستوى العالم، بعد أن أنفقت مليارات الدولارات لتطويرها، وتقديمها للسوق العالمي بأنها الخيار الأفضل في اعتراض الصواريخ.

 

وبحسب متابعين، فإن القبة الحديدية تنطوي على مخاطر حقيقية؛ لأنها تنسج وهما بأنه ليس هناك حرب مع المقاومة في ظل تحييد صواريخها، وأن دولة الاحتلال آمنة منها، ولا مبرر لقلقها من المستقبل، متفقا مع عسكريين في الاحتياط ومسؤولين سياسيين من أنصار فكرة "الهجوم والاجتياح حتى النصر"، بقولهم إن القبة تساهم بارتكاب خطأ إستراتيجي يكمن بالاكتفاء بالدفاع أمام المقاومة دون حسم وانتصار.

 

ويتفق مع هذا الرأي محلل الشؤون الإستراتيجية "يوسي ميلمان"، الذي قال إن الانتصار في الحروب لا يتأتى بالأنظمة الدفاعية فحسب، لأن القبة لم توفر حلا لقذائف الهاون قصيرة المدى التي قتلت ثلث الجنود في الحرب، وأصابت العشرات منهم، كذلك إصابة 83 مدنيا.

 

ويمكن تسجيل ملاحظة تؤكد فشل منظومة القبة الحديدية بالتصدي لصواريخ غزة، وهي:
تحدث الجيش بأن لديه عدة منظومات للقبة الحديدية، كل منظومة تغطي مدينة واحدة، لكن المناطق التي أطلقت عليها المقاومة الصواريخ تزيد على ذلك، وبالتالي تبقى هناك تجمعات استيطانية ومدن لا تحميها القبة.


الرواية الإسرائيلية تخدع بالصور، وتقدمها دليلا على إسقاط صواريخ المقاومة، عبر بثها صور انفجارات في الجو، أو مواقع اعتراض القبة للصواريخ، وتعمل القبة على إطلاق 2-3 صواريخ مع انطلاق كل صاروخ من غزة للتصدي له، وفي حال عدم التصدي يعمل صاروخ القبة بنظام الانفجار الذاتي على مسافة 6 كيلومترات في الجو، حتى لا يكمل سيره، ويسقط على أحد التجمعات الإسرائيلية.

 

فيما حذر "عوزي روبين"، الرئيس السابق لمشروع صواريخ (حيتس)، من النجاح النسبيّ الذي حققته القبة الحديديّة في مواجهة صواريخ غزة؛ لأنّ حالة النشوة التي أصابت المستويين السياسيّ والأمنيّ في تل أبيب في غير محلها.

 

وأضاف أنه رغم تحقيقها نجاحات كبيرة في المستوى العملياتي، وعلى صعيد الرأي العام، لكن القبة أعطت حلا مؤقتا لمعضلة إطلاق الصواريخ، ولم تتمكن من القضاء عليها بشكلٍ كليّ، وتمّ تسجيل خسائر في بعض المدن، وفشلت في منع الخسائر الاقتصاديّة الإسرائيليّة، رغم أن أموالا ضخمة لا حصر لها، وبعيدا عن موازنة الحكومة، صرفت للقبة بشكل مستقل.