ملفات وتقارير

هل مصر بحاجة لأكبر مطار في عاصمة السيسي؟

خبراء يتساءلون: ما الجدوى الاقتصادية من بناء مطار هو الأكبر بالشرق الأوسط على بعد نحو 30 كيلو مترا من مطار القاهرة؟

أثار تكليف رئيس سلطة الانقلاب بمصر عبدالفتاح السيسي، الخميس، وزير الطيران الفريق يونس المصري، بإنشاء مطار بالعاصمة الإدارية الجديدة أكبر من مطار القاهرة الدولي؛ التساؤل حول جدوى إنشاء ذلك المطار وتكلفته المالية في ظل الوضع الاقتصادي للبلاد.

رئيس شركة العاصمة الإدارية، اللواء أحمد زكي عابدين، قال الأحد، لموقع "اليوم السابع": "تم تحديد موقع المطار شرق العاصمة بطريق السويس، لخدمة محور قناة السويس، ومحافظات القناة والبحر الأحمر ومنتجع العين السخنة، وجار إعداد تصميمات طبقا للمواصفات العالمية ليكون بديلا لمطار القاهرة، دون أن يتحدث عن التكلفة ولا التمويل ولا الفوائد المحتملة من المشروع".

مطار قبل عامين

ورغم أن التكلفة المحتملة للمطار هي  من 17 إلى 20 مليار يورو حسب مختصين، إلا أن إعلام النظام تجاهل ما قيل مسبقا عن إتمام بناء مطار العاصمة قبل عامين؛ وواصل الحديث عن الإنجاز الجديد وعالميته ومميزاته.

وكانت الأذرع الإعلامية والسياسية للنظام أعلنت عن إنشاء مطار بالعاصمة الإدارية في 2015، وقال مدير مشروع المطار بالعاصمة حاتم سامي، في تشرين الأول/أكتوبر 2016، إن المطار تم تنفيذه في 12 شهرا بمساحة 4 كيلو مترا، ليخدم العاصمة ومنطقة القناة.

 


وبسؤال الصحفي المهتم بشؤون الإسكان بالعاصمة الجديدة أحمد حسن، عن وضع المطار الذي تم بناؤه مسبقا بالعاصمة، قال لـ"عربي21"، إنه لا يوجد مطار وما تم تنفيذه هو فندق، ولكن بعد عرض مقطع الفيديو السابق عليه، أكد أن ما تم بناؤه شيء وما سيتم بناؤه شيء آخر.

سعة مطار القاهرة

ويعد مطار القاهرة الدولي (أنشئ عام 1942)، ثاني أكبر مطارات إفريقيا من حيث الازدحام وكثافة المسافرين، وحصلت مصر على المركز الأول إفريقيا بإجمالي حركة الشحن الجوي والمركز الثاني بحركة الركاب في 2016.

وقال رئيس الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية محمد سعيد، في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، إن حركة الركاب الكلية بمصر في 2016 بلغت 26 مليون راكب منها 16 مليون راكب نصيب مطار القاهرة، محتلا المركز الثاني بعد مطار جوهانسبرج بجنوب إفريقيا، فيما تبلغ السعة الاستيعابية لمطار القاهرة الدولي 22 مليون راكب سنويا، ما يعني أن مطار القاهرة لم يصل لأقصى سعته الاستيعابية وينقصه نحو 6 ملايين راكب سنويا.

الحل.. مطار غرب

وفي تعليقه، بيَّن الخبير الاقتصادي رضا عيسى، لـ"عربي21"، أن مطار القاهرة ما زال لم يصل إلى قدرته الاستيعابية الكاملة، مشيرا إلى أن ما يقال عن كون المطار المزمع بناؤه بالعاصمة الجديدة هو بديل استراتيجي لمطار القاهرة، غير دقيق، مفجرا مفاجأة بأن هناك البديل منذ عشرات السنين، وهو مطار (قاعدة غرب القاهرة العسكرية).

عيسى، أوضح أن المطار بطريق الإسكندرية الصحراوي بالكيلو 28، وبه بنية أساسية كاملة من ممرات وحظائر وورش فنية تستقبل أكبر الطائرات، ولكنه يحتاج لمبلغ لبناء صالة للوصول والاستقبال لتحويله لمطار مدني، ويكون بديلا لمطار القاهرة.

ووجه عيسى تساؤله للحكومة المصرية، قائلا: "ما الجدوى الاقتصادية من بناء مطار هو الأكبر  بالشرق الأوسط على بعد نحو 30 كيلو مترا من مطار القاهرة، وما الأولوية في ذلك ونحن مقبلون على رقم دين يصل 5 ترليون جنيه؟"، مضيفا: "ولماذا ننفق مليارات في وقت تعاني الدولة اقتصاديا؟"، مؤكدا أنه "لا يصح إعادة مشروعات فاشلة أخرى".

وتعجب قائلا، إن التساؤلات في هذا الموضوع أكثر بكثير من الإجابة عليها في ظل قلة المعلومات، مواصلا تساؤله عما تم بناؤه من مطار بالعاصمة الجديدة قبل عامين بسعة 300 راكب في الساعة، متهكما: "هل لدى الدولة خطة في ذلك لمنافسة أكبر مطارات المنطقة مثل دبي أو بن جوريون".

وقال: إننا "دولة فقيرة ولا بد أن تصرف بحساب، وما هي الجدوى الاقتصادية؟ وما هي توقعات حركة الطيران العالمية وحجمها، وما هو متوقع لمصر منها؟"، واصفا بناء المطار الجديد بـ"حفر قناة السويس الجديدة، وما تسببت فيه من خسارة 64 مليار جنيه وفي النهاية أرباحها أقل".

وعن التكلفة المحتملة والمتوقعة، قال إنها حسب حجم المطار وتخطيطه، موضحا أن إحدى مشاكل مصر هي أن التكلفة معيار الأداء، مضيفا أن المشكلة ليست كم أنفقت بل الجدوى الاقتصادية أو الربحية للمشروع، منتقدا أسلوب وطريقة الأداء الاقتصادي وأولوية تنفيذ المشروعات بمصر.

تكلفة وقروض ودين.. ولا فائدة

فكرة مطار العاصمة أثارت الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وانتقد الطيار بوزارة الطيران المدني أدهم حسن، أمر السيسي ببناء المطار متسائلا عبر "فيسبوك": ماذا يعني مطار أكبر من مطار القاهرة بنطاق نحو 50 كيلو مترا منه يتكلف من 17 إلى 20 مليار يورو، ويحتاج تمويلا وقروضا جديدة؟ موضحا أن مطار القاهرة سعته بعد التوسعات 22 مليون راكب سنويا، لا يحقق أكثر من 65 بالمئة من تلك السعة (15 ونصف مليون راكب سنويا).

وتابع: "هل الحركة بمصر ستصل 60 مليون راكب سنويا بالقاهرة فقط لعمل استثمار بهذا الحجم؟"، مبينا أن الحل أن يصل مطارا القاهرة والإسكندرية لسعتهما القصوى أولا، ثم تشغيل مطار النزهة الذي تم إغلاقه قبل سنوات.

ومن جانبه قال أستاذ العلوم السياسية مصطفي السيد، "حكومتنا تجاهد للتعامل مع المديونية الداخلية والخارجية، وبناء المطار الجديد يقتضي زيادة الإنفاق والواردات"، معلنا تعجبه من أن المسافة بين مطار القاهرة والعاصمة الجديدة لا يتجاوز 29.4 كيلو متر، موضحا أن "مطار القاهرة بمبانيه الثلاثة ومهابطه كافة، ليس مستغلا بالكامل، مشيرا إلى أنه "لا يعرف أحد عدد السكان المتوقع بالعاصمة، التي يعجز غالبية المواطنين عن شراء شقق فيها".