ملفات وتقارير

انتصار فلسطيني في الجنائية الدولية.. هل تستثمره السلطة؟

قرت المحكمة التواصل مع ضحايا الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين- جيتي

في تطور قضائي ضمن حلقات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أصدرت الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية قرارا في 13 من الشهر الجاري، يقضي بالتواصل مع ضحايا الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل بحق الفلسطينيين، كخطوة أولية قبل البدء بالتعامل مع القضايا التي سترفع أمام المحاكم الدولية من قبل الضحايا.


يأتي هذا التطور بعد شهرين على طلب تقدمت به فلسطين، تحديدا في 22 من أيار/ مايو الماضي، بطلب إحالة إلى المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، تطالب فيها بالتحقيق في الجرائم الإسرائيلية التي وقعت في الماضي، والجرائم الجارية والمستقبلية، ضمن نطاق اختصاص المحكمة في مناطق السلطة الفلسطينية.


الاستماع لشهادات الضحايا


في أعقاب صدور القرار من المحكمة الجنائية، بدأت على الفور إجراءات تأسيس نظام للإعلام وأنشطة التوعية، بهدف التواصل الفعال بين المحكمة والضحايا داخل فلسطين، إضافة إلى إنشاء صفحة إلكترونية على المواقع الإلكتروني للمحكمة موجهة للضحايا في فلسطين، وبلغات عدة، من أجل تيسير الوصول إلى المعلومات من قبل الضحايا.


من جانبه، ثمن مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للعلاقات متعددة الأطراف السفير، عمار حجازي، قرار الدائرة التمهيدية، معتبرا إياها "خطوة مهمة وضرورية تلبي طموحات دولة فلسطين بالحد الأدنى للتحقيق في الجرائم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل".


وبين حجازي أن "أهمية القرار تكمن في أن المحكمة ستتواصل بشكل مباشر مع الضحايا وتعرفهم بحقوقهم، منوها بأن المحكمة في فترة المحاكمة قد لا تأخذ بشهادات الضحايا إذا تم التواصل والتحقيق معهم من قبل الجهات الرسمية في الإقليم الذي يعيشون فيه، خشية تشويه الحقائق والمعلومات".


وشدد السفير، في حديث لـ"عربي21"، أن "المحكمة في خطوة لاحقة ستبدأ بدراسة الشكاوى المرفوعة من قبل الضحايا، وتنظر في الجرائم المستوفية لكل الشروط القانونية، والمحاطة بالإثباتات في نطاق اختصاصها، لتقوم بعد ذلك المحكمة باستدعاء المتهمين بارتكاب تلك الجرائم، وفي حال رفضوا المثول أمام المحكمة، فإن الدول الموقعة على بروتوكول المحكمة ومنظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول الدولي) مطالبة بمطاردة المتهمين وجلبهم إلى المحكمة".


تنص المادة رقم 14 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998 على أنه "يجوز لدولة طرف أن تحيل إلى المدعي العام أي حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت، وأن تطلب من المدعي العام التحقيق في الحالة؛ بغرض البت فيما إذا كان يتعين توجيه الاتهام إلى شخص معين أو أكثر بارتكاب تلك الجرائم".


ترحيب فلسطيني


فيما رحبت ثلاث من مؤسسات حقوق الإنسان في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهي: منظمة الحق، ومركز الميزان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بقرار المحكمة، وعبرت في بيان مشترك صادر عنها في 14 تمّوز/ يوليو الجاري، عن أملها في التطبيق الفعال لذلك القرار.


من جانبه، وصف المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في الضفة الغربية، عمار الدويك، أمر الدائرة التمهيدية في محكمة الجنايات بالمهم، معتبرا أن "القرار يعطي إشارة إلى أن الخطوات الفلسطينية في اتجاه محاكمة القادة الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تسير في الاتجاه الصحيح".


وأضاف المحامي الدويك، في حديث لـ"عربي21"، أن "النجاح الذي حققته السلطة الفلسطينية في الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية بهدف رفع القضايا ضد القادة الإسرائيليين، جاء ثمرة للجهد المشترك الذي قامت به اللجنة الوطنية التي شكلتها السلطة الفلسطينية في 7 من شباط/ فبراير 2015 من أحزاب سياسية ومؤسسات حقوقية وأهلية فلسطينية".


وأصبحت فلسطين العضو رقم 123 في المحكمة الجنائية الدولية، في 1 نيسان/ أبريل 2015، وذلك بعدما تقدمت في 2 كانون الثاني/ يناير 2015، بطلب الانضمام إلى تلك المحكمة، وهو الأمر الذي أثار غضب إسرائيل، ودفعها لتجميد تحويل أموال الضرائب للسلطة.


على الجانب الآخر، وصف المستشار القانوني السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، آلان بيكر، قرار المحكمة الجنائية بالمجنون، متهما المحكمة في حديثه لموقع "تايمز أوف إسرائيل" بأنها سمحت لنفسها بأن تصبح أداة للدعاية المؤيدة للفلسطينيين، على غرار مجلس حقوق الإنسان.


تجارب سيئة للسلطة


هناك شواهد لتراجع السلطة الفلسطينية عن  إدانة إسرائيل في الأروقة الدولية والأممية، من أبزرها سحب تقرير "غولدستون" من مجلس حقوق الإنسان في العام 2009، الذي يدين إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في عدوانها على غزة، كما أقدمت السلطة على سحب مشروع قرار يدين إسرائيل في اليونسكو العام الماضي، كما تراجعت السلطة في اللحظات الأخيرة عن إدانة إسرائيل أمام الاتحاد الدولي لكرة القدم منتصف العام 2015.


إلى ذلك، اعتبر الخبير في القانون الدولي، عبد الكريم شبير، قرار المحكمة الجنائية بالمهم، لكنها "خطوة غير كافية لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين؛ لأن الاختبار الحقيقي يتمثل في تطبيق هذه الإدانات على أرض الواقع، ومواصلة العمل على فضح إسرائيل في المحافل الدولية".


وأضاف الخبير القانوني، في حديث لـ"عربي21"، أن "على السلطة أن تتحلى بالمسؤولية في إدانة إسرائيل، وألا تنصاع للضغوط التي تتعرض لها، سواء بتجميد أموال الضرائب أو العمل على عزلها من المجتمع الدولي".


وتابع شبير بأن "الجرائم الإسرائيلية بحق الأطفال في مسيرات العودة أكبر دليل على الوحشية التي تتبناها إسرائيل، وهنالك شواهد بالصوت والصورة تثبت هذه الجرائم، لذلك فالمطلوب من السلطة استثمار هذه المجازر لتقديم القادة الإسرائيليين للمحاكمة".