سياسة دولية

محلل روسي: غياب مصر يجعل تركيا وإيران زعيمتي الأمة العربية

وفقا لرأي المحلل الروسي فإن النظام المصري هو الذي يذهب باتجاه دوره المحوري في المنطقة- أ ف ب

رأى محلل روسي، أن غياب مصر عن المشهد، من شأنه جعل تركيا وإيران زعيمتي الأمة العربية.

 

ونقل موقع قناة "روسيا اليوم" عن المحلل ألكسندر نازاروف، قوله إن "زعيم العالم الإسلامي لا بد وأن يعبّر عن مصالح جميع المسلمين، في ما يتعلق بقضاياهم الأساسية، حيث تمثل قضية القدس حاليا القضية المركزية المشتركة لكافة المسلمين حول العالم، وهو ما يجعل القضية الفلسطينية تحتل مركز الصدارة على قائمة القضايا الجوهرية التي ما زالت تؤرق المجتمع الدولي لفترة طويلة".

 

ووفقا لرأي المحلل الروسي، فإن النظام المصري هو الذي يذهب باتجاه دوره المحوري في المنطقة.

 

وقال نازاروف إن "الولايات المتحدة تتربع في هذه اللحظة التاريخية على أوج قوتها، لكن الجميع، بما في ذلك الأمريكيون أنفسهم، يدركون أن أمريكا في أعلى نقطة من منحدر السقوط، الذي من الممكن أن يتسارع ليصبح انهيارا، لذلك فإن الولايات المتحدة الآن تشبه مريضا بالسرطان مهددا بالموت، ويريد أن يستمتع بما تبقى من عافيته، ويستخلص منها كل ما يمكن استخلاصه".

 

"وبينما تتمتع إسرائيل بأقصى دعم مطلق من الولايات المتحدة الأمريكية، لأسباب معروفة، تود هي الأخرى أن تحوّل جميع شيكات الدعم الأمريكي إلى نقد عيني، يمكنها الاستفادة من حدوده القصوى الآن وهنا، لكنّ كليهما لم تفكرا ولو للحظة واحدة في مصالح الشعب الفلسطيني" بحسب نازاروف.

وأضاف أن "القدس كانت هي ضحية تلك الوليمة الأخيرة، والكل يعلم على من يقع الذنب".

ولخص نازاروف فكرته بأن "الدولة التي ستواصل النضال من أجل القدس، ومن أجل الحل العادل للقضية الفلسطينية، والدولة التي ستواجه الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل (في القضية الفلسطينية كحد أدنى)، والدولة التي لن تكتفي بالمواجهة، وإنما ستواجه أمريكا وإسرائيل بفاعلية وصرامة، سوف تصبح زعيما للعالم الإسلامي، وبما أن الأمة العربية هي قلب الأمة الإسلامية، فالمنطق يحتم إذن أن يكون زعيم الأمة الإسلامية عربيا، لكن هل يصعب على الأمة العربية أن تقبل زعيم الأمة الإسلامية زعيما لها، في حال كان ذلك الزعيم غير عربي؟!".

وتابع بأن "الأمة العربية التي عانت لقرون من هيمنة الامبراطورية العثمانية، لم تبرأ بعد من رواسب الاستعمار الغربي الذي رحل عن الأرض لكنه بقي في العقول، حتى أصبح من الصعب تمييز التبعية الحضارية الفعلية للأمة، التي أصبح أبناؤها يعلنون عن تبعياتهم تلك بنية صافية. وعلى الرغم من كل الضغائن التي يحملها العرب ضد العدو الغربي، يظل الغرب بالنسبة لهم عدوا محبوبا، وتظل كل آمال وأحلام الكثيرين من العرب موجودة في الغرب، بينما يشكّل الغرب أجندات ووجهات نظر غالبية وسائل الإعلام العربية في عدد كبير من القضايا، وأصبح من الصعب عليك أن تجد عربيا لا يحلم بأن يعيش في نيويورك أو لندن أو باريس".

وعاد نازاروف للحديث عن مصر، قائلا إنها "كانت زعيما للأمة العربية بلا منازع أثناء فترة حكم عبد الناصر، لكن مصر، ومنذ اعتلاء السادات ومن تلاه لسدة الحكم هناك، ابتعدت تدريجيا عن زعامتها للأمة، وأصبحت الآن منشغلة بالصراع مع أزماتها الاقتصادية وغيرها من القضايا الداخلية، أكثر من انشغالها بالتفكير في الزعامة".

 

وتابع بأن "المملكة العربية السعودية، حاولت في وقت من الأوقات أن تتبوأ منصب الزعيم الروحاني للعالم الإسلامي، بوصفها الدولة التي تضمّ الحرمين الشريفين، اللذين يمثل أحدهما قبلة المسلمين من شتى بقاع الأرض، لكن السعودية أيضا تخلّت عن تلك الزعامة، بحثا عن حلفاء لها في مواجهتها ضد إيران (وفي ما يبدو فإن الرياض لم تدرك بعد خطورة هذه الصفقات)".


وأضاف: "بخلاف السعودية ومصر، تنشغل الدول العربية بالحروب ضد بعضها البعض، ولا يبدو أن هناك من بينها، باستثناء الأسد، من يرى في إسرائيل عدوا، أو أقل عداء من أشقائها العرب".

 

وأردف قائلا: "في تركيا يصعب التمييز بين الأسباب والنتائج: فهل ما يدفع أردوغان إلى خوض المشكلات مع الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا هو طموحاته السياسية، أم إن تلك المشكلات هي ما يدفعه إلى البحث عن ثقل سياسي من خلال زعامته للعالم الإسلامي، وبالتالي يجعل صوت أنقرة أعلى من أصوات جميع العرب بشأن الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين؟ تتأرجح السياسة التركية بين النقيض والنقيض، متسببة في غضب الجميع وألم لتركيا نفسها، لكن الإمكانات العسكرية والطموحات والتضاد المتصاعد مع الغرب، يدفع أنقرة إلى استغلال جميع الظروف المتاحة، بما في ذلك إمكانية زعامة العالم الإسلامي، بحثا عن أرضية سياسية تستند إليها، متفوقة بذلك على الغالبية العظمى في الوطن العربي".

 

وتابع: "ثم بالطبع هنالك إيران! التي تصل إليها زعامة العالم الإسلامي دون مجهود يذكر، بسبب غياب أي منافسة. فإيران تواصل عداءها السافر للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، بينما تساهم إدانتها الدائمة لتصرفاتهما العدائية في القضية الفلسطينية تلقائيا في رفع أسهم وسلطة طهران في العالم الإسلامي، في الوقت الذي تسود فيه الفوضى العالم العربي، ويهاجم الزعماء العرب بعضهم بعضا، ويسلمون راية الدفاع عن القدس إلى المتطرفين الإسلاميين والدول غير العربية".