ملفات وتقارير

تظاهرات العراق.. غضب شعبي أم تصفية حسابات سياسية؟

الاحتجاجات في العراق دخلت أسبوعها الثاني مع سقوط عدد من الضحايا في صفوف المتظاهرين- جيتي

مع دخولها الأسبوع الثاني، أثارت التظاهرات المتصاعدة في عدد من محافظات العراق، تساؤلات عدة حول الجهات التي تحركها، ولاسيما في ظل توجه البعض منها نحو حقول النفط، وانطلاق أخرى إلى مقار الأحزاب السياسية وإحراقها.


وعلى الرغم من أن الاحتجاجات خرجت في بدايتها تطالب بتوفير الخدمات وبالخصوص التيار الكهربائي، وتوفير فرص عمل للعاطلين، إلا أن جهات حكومية وصفت التظاهرات بأنها "مخترقة"، وأن بعض "المندسين" يهدف لحرفها عن مسارها.


وفي ظل غياب قيادة واضحة للتظاهرات، ازدادت التكهنات بطبيعة الأجندات التي تحركها. واتهم بعض المراقبين إيران بالوقوف وراءها من خلال توجيه المتظاهرين نحو حقول النفط، ردا على إجراءات الرئيس الأمريكي ترامب، ضد صادراتها النفطية.


لكن هناك من يذهب إلى أن حرق مقار الأحزاب، طال جهات قريبة من إيران ومنها منظمة بدر ومليشيات "عصائب أهل الحق، وكتاب حزب الله"، إضافة إلى تيار الحكمة، وهذا دليل على أن جهات أمريكية تقف وراءها، وليس إيران.


"أمريكا وإيران"


وفي حديث مع "عربي21" قال متحدث باسم تحالف "الفتح" برئاسة هادي العامري، إن "التظاهرات التي انطلقت من البصرة واتسعت لتشمل محافظات في الوسط والجنوب، كانت بدايتها عفوية ومطلبية نتيجة تردي الخدمات والبطالة، إلا أنها انحرفت".


وأضاف أحمد الأسدي أن "جهات مندسة وأصحاب أجندات - لم نعرف حتى الآن- دخلت في التظاهرات، وحولتها بدلا من المطالبة التي يجب أن تستجيب لها الحكومة، وكأنها تستهدف مؤسسات الدولة ومقار الأحزاب وفصائل الحشد الشعبي". 


وأوضح أن تحالف "الفتح" طالب الحكومة بالإسراع في الاستجابة لمطالب المحتجين المشروعة، وإنجاز ما عليها من واجبات حتى قبل أن يطالب بها المتظاهرون، ونرفض في الوقت ذاته استخدام القوة ضدهم.


وردا على سؤال حول اتهام البعض لإيران وأمريكا بالوقوف وراء "مندسين" يحركون التظاهرات قال الأسدي:  "هؤلاء كل منهم ينوح على ليلاه، وكل طرف يتهم الطرف المقابل، لكننا نتهم أطرافا تحاول حرف التظاهرات عن مسارها السلمي".


وأوضح أن وزارة الداخلية اعتقلت العشرات والتحقيق جار معهم... "وننتظر التقارير التي تخرج من الأجهزة الأمنية المختصة في الداخلية وجهاز الأمن الوطني، لمعرفة بدقة من يقف خلف هذه التي تضر بالتظاهرات وأجهزة الدولة وممتلكاتها".

 

وكان النائب العراقي السابق فائق الشيخ علي، قد لمح إلى وقوف إيران وراء التظاهرات بالقول إن "ترامب يطلب من السعودية زيادة إنتاج النفط مليونين برميل يوميا، ويمنع إيران والدول الأخرى من زيادة الإنتاج".

وأضاف في تغريدة له على حسابه في تويتر أن "إيران تقطع الكهرباء عن العراق. البصريون يتظاهرون ويهاجمون مناطق عمل الشركات النفطية، فيهرب العاملون فيها".


"تظاهرات عفوية"


من جهته، دافع القيادي في التيار الصدري ماجد الغراوي عن التظاهرات التي وصفها بأنها "عفوية" ولا تحمل أجندات خارجية، مضيفا إن هناك بعض الأحزاب السياسية وأجهزة حكومية تحاول أن تسيرها بهذا الاتجاه.


وقال في حديث لـ"عربي21" أن ضغوطا شملت انقطاع التيار الكهربائي مع ارتفاع درجات الحرارة، إضافة للبطالة التي يعانيها سكان هذه المحافظات الغنية بالنفط ولاسيما البصرة، دفع الأهالي للخروج في تظاهرات "عفوية" تطالب بحقوقها.


ولفت إلى أن "التظاهرات هذه لم تخل من بعض السلبيات ولاسيما حرق الدوائر الحكومية والأمنية، والاشتباك من الأمن، وهذه ردود متوقعة، وفي ظل أي تظاهرة حتما تكون ردود فعل غير مرضية للطرفين".


وبخصوص حديث البعض عن "أجندات" تحرك التظاهرات، قال الغراوي إن "الأجهزة الأمنية والاستخبارية هي من تحقق في هذا الموضوع، ولا نستطيع أن نتهم أحدا بالوقوف وراء أجندات، لكننا نعتقد أنها تظاهرات عفوية". 


ورفض القيادي في التيار الصدري تعامل القوات الأمنية العنيف مع المتظاهرين، بالقول إن "هذا الفعل مشين بالتأكيد"، لكن من واجب الأجهزة الأمنية المحافظة على دوائر الدولة والمؤسسات النفطية.


وشدد على أن "استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، بالتأكيد سيكون له ردود فعل سلبية لدى المحتجين، ونرفض قيام الأجهزة الأمنية بالتعامل مع المتظاهرين السلميين بهذه الطريقة، بحجة وجود أعمال شغب ومندسين".

 

وتشهد المحافظات الجنونية العراقية ذات الغالبية الشيعية، تظاهرات منذ أكثر من أسبوع سقط خلالها العشرات بين قتيل وجريح في صدامات مع قوات الأمن، وتسببت بتعطيل حقول نفط ومنافذ بحرية وبرية في البصرة.


وأقدم المتظاهرون في عدد من المحافظات على إحراق مقار لأحزاب شيعية عدة وفصائل في الحشد الشعبي، كما لم تنج بعض مؤسسات الدولة ولاسيما مباني مجالس المحافظات ومطار النجف من التحطيم.