اقتصاد عربي

الدولار يتربع على عرش سوق العملات حتى نهاية 2018

مخاطر وجودية تلقي بظلالها على العملة الأوروبية خلال الربع الثاني- جيتي

توقعت دراسة حديثة أن يلعب الدولار الأمريكي دور المحرك الرئيسي لضمان التوازن لعام 2018 في سوق العملات، بما أن الولايات المتحدة تتمتع بتركيبة السياسات الأكثر ديناميكية، ومن المرجح لها أن تبقى على هذا الحال، في حين تتسم المناطق الأخرى بحالة ركود عامة تفتقر للديناميكية. وعليه نتوقع استمرار ارتفاع الدولار على مدى الأشهر القادمة.


وأوضحت الدراسة الصادرة عن "ساكسو بنك"، تلقت "عربي21" نسخة منها، أنه حتى الآن، من المبرر الاعتقاد بأن الاحتياطي الفيدرالي سيواصل التضييق إلى أن يقع ما يجبره على تغيير سياسته، ويبقى السؤال الأهم: متى سيقع ذلك؟ بدلا من: "هل سيقع ذلك"؟ وهل سنرى بوادر الركود في وقت لاحق من العام الجاري، أم أن الأوان لم يحن بعد؟


فإن حافظت الأرباح الأمريكية طويلة الأمد على استقرارها نسبيا، فإن مخاطر صعود الدولار ستبقى محدودة في النصف الثاني، حتى لو أقرّ الاحتياطي الفيدرالي زيادات جديدة في أسعار الفائدة.


وبعد الارتفاع الكبير الذي سجله اليورو مطلع 2017، فقد عادت المخاطر الوجودية لتلقي بظلالها على العملة الأوروبية خلال الربع الثاني؛ إثر تشكيل الحكومة الشعبوية في إيطاليا، وما تعانيه المستشارة الألمانية ميركل من تحديات مع ائتلافها بخصوص موضوع الهجرة. ويتعيّن على اليورو تحديد وجهته التالية قبل أن يجد نفسه غارقا في مستنقع الركود القادم، ويبدو في هذه الأثناء رخيصا للغاية أو دون 1.1500، لذا سنواصل مراقبة الأمر عن كثب؛ بحثا عن أي انعكاسات تقنية.


ومنح "ساكسو بنك" الين نظرة إيجابية، وقال: نرى إمّا بأن بنك اليابان المركزي اضطر أخيرا لاتخاذ موقف أكثر طبيعية بفعل التضخّم، أو بفضل قوة الاقتصاد، أو كليهما معا. وحتى إن لم يحدث ذلك، فإن الين سيحافظ نسبيا على جاذبيته، حتى في حال هبوط الإقبال على المخاطر أو في حال تراجع وتيرة التضييق في أماكن أخرى. كما أن سعر صرف الين أمام الدولار يواجه عقبة دبلوماسية لن تسمح بأي صعود فوق 110.00 بما أن اليابان -وإن نشدنا الصراحة دون أي مجاملة- قد تجد نفسها في مواجهة مزيد المعاينة الدقيقة؛ نظرا لضعف تركيز سياسات عملتها بالنسبة لإدارة ترامب.


وحتى الآن، ما زال الجنيه الاسترليني رهين مستنقع إجراءات البريكست، التي لا تبدو نهايتها وشيكة في الأفق، لذا نتوقع مزيدا من انعدام اليقين خلال الربع الثالث مع استمرار التأخيرات في إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي؛ نظرا لغياب أي تقدّم على هذا الصعيد حتى الآن، وهو ما سيبقي مضاربي الاسترليني في حالة من التخمين طوال الوقت. ولكن بالمقابل ثمة عوامل قد تدعم العملة، منها جاهزية بنك إنجلترا الواضحة لرفع أسعار الفائدة مجددا خلال آب/ أغسطس، وذلك بعد أن كان قد أعلن عن قراره بتخفيض الفائدة بمقدار 1.5%، وهو المقدار الذي سيبدأ عنده بتقليص ميزانيته.


وبعد أن دخل سعر صرف الفرنك السويسري إلى اليورو مساره الطبيعي عقب نتائج الانتخابات الفرنسية العام الماضي، فإنه عاد للتعثر مجددا؛ إثر التهديدات الجدّية التي تحيق بالوحدة الأوروبية في ضوء نتائج الانتخابات الإيطالية، والتوترات السياسية الداخلية في ألمانيا بخصوص موضوع الهجرة. وعند هذه النقطة نرى أن علاقة الفرنك السويسري باليورو ستكون مشوبة بالتقلبات، مع ميل إلى الهبوط في حال استمرت معاناة الاتحاد الأوروبي مع أسئلته الوجودية. ويبدو بأننا أمام مقاومة قوية عند 1.2000.


وبالنسبة للدولار الكندي، والدولار الأسترالي، والدولار النيوزيلندي، تجد العملات الثلاث نفسها أخيرا تحت ضغوط التراجع المتسارع في فوارق أرباحها، لا سيما في ظل إعراب الولايات المتحدة عن مخاوفها بأن الصين تشكل تهديدا إضافيا. وقد فاجأ المحافظ الجديد لبنك الاحتياطي النيوزيلندي، أدريان أور، الجميع بإعلانه عن أن البنك سيلعب دورا "ثنائي-الاتجاهات" في إرشاد السياسات. أما الدولار الكندي، فهو في حال أفضل عند هذه اللحظة، لكنه يواجه تركيبة معقدة من العناصر السلبية محليا ومن الولايات المتحدة، عندما سيعاني اقتصادها من الركود عاجلا أم آجلا.


أما الكرونة السويدية والكرونة النرويجية، فإن النرويج تتجه ببطء متزايد إلى حالة من التضييق، ما قد يدعمها عند الهوامش، بينما تعتبر الكرونة السويدية رخيصة للغاية، ولكن لا عجب في ذلك على الإطلاق إلى أن يتوقف البنك المركزي السويدي (ريكسبانك) عن لعب دوره الراهن القائم على السياسات المتساهلة بطيئة الوقع، علما بأن الانتخابات السويدية في سبتمبر القادم قد تنطوي على الكثير من الأخذ والرد.