صحافة دولية

نيويوركر: هل بدأت عملية تغيير النظام في إيران؟

نيويوركر: جولياني يتعهد بأن ترامب سيساعد في إسقاط النظام الإيراني- جيتي

نشرت مجلة "نيويوركر" تقريرا للصحافية روبن رايت، تتساءل فيه عن دلالات تصريحات عمدة نيويورك السابق ردوي جولياني في مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس، وعما إذا كانت مؤشرا لسياسة الرئيس دونالد ترامب تجاه الجمهورية الإسلامية.

 

ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أن رسالة كل من جولياني ورئيس الكونغرس السابق نويت غينغريتش هي مؤشر على سياسة تعتمد على خنق الاقتصاد الإيراني، ودعم المتظاهرين الإيرانيين؛ وذلك وسيلة للإطاحة بالنظام الثوري الإيراني. 

 

وتنقل الكاتبة عن المحامي الشخصي لترامب جولياني، قوله في مؤتمر عقد السبت لمجلس المقاومة الوطنية الإيراني في باريس: "نحن واقعيون عندما نقول إننا سنرى نهاية لنظام إيران"، وقارن بين دعم ترامب للتظاهرات التي اندلعت في كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي، وانتشرت في عدد من المدن والبلدات، بدعم رونالد ريغان لمعارضي الشيوعية في أوروبا الشرقية، في ثمانينيات القرن الماضي، وقال: "قبل عدة أشهر، قام رئيس الولايات المتحدة، الذي أثير جدل حول إصداره تغريدة أم لا، بحمل هاتفه الصغير، وكتب تغريدة ودعم المحتجين، مثلما  فعل رونالد ريغان عندما دعم المحتجين في بولندا عندما نظمت حركة التضامن مسيرة ضد الشيوعية".

 

وتشير المجلة إلى أن جولياني تساءل قائلا: "ماذا حدث هناك؟ سقطت  الشيوعية، وتحررت بولندا، وتبخر الستار الحديدي، ومزق جدار برلين، وهذا ما سيحدث الآن"، فقد أصبحت نهاية الجمهورية الإسلامية في إيران "قاب قوسين أو أدنى".

 

ويلفت التقرير إلى أن جولياني، الذي يمثل الرئيس ترامب في التحقيق المتعلق بإمكانية تدخل روسي في حملة ترامب الانتخابية عام 2016، لم يكن يتحدث باسم الرئيس ترامب في شؤون السياسة الخارجية، إلا أن تعليقاته، خاصة التي قارن فيها إيران بالاتحاد السوفييتي قبل 30 عاما، كانت حاضرة في خطاب غينغريتش الذي كان مشاركا في المناسبة، حيث يعد غينغريتش واحدا من أهم حلفاء ترامب، الذي عين زوجته كاليستا غينغريتش سفيرة للولايات المتحدة في الفاتيكان، وقال غينغريتش: "بدا الاتحاد السوفيتي قويا، بدرجة لا يشك فيها أحد، وكون نظام خامنئي يبدو أضعف من الاتحاد السوفييتي فإن الحرية قادمة". 

 

وتنوه رايت إلى أن مجلس المقاومة الوطنية الإيراني تسيطر عليه جماعة مجاهدي خلق، التي تشبه منظمات عبادة الشخصية، والتي تجمع ما بين الأفكار الإسلامية والماركسية، وكانت أول منظمة تضيفها الخارجية الأمريكية عام 1997 لقائمة المنظمات الإرهابية، ولا تزال متهمة بمحاولة قتل أمريكيين، ومحاولة اختطاف السفير الأمريكي، وهجمات أخرى في إيران قبل الثورة عام 1979. 

 

وتذكر المجلة أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين منح حركة مجاهدي خلق الملجأ، حيث أن ذلك كان سبب الدعم القليل الذي تحظى به الحركة داخل إيران، مشيرة إلى أنه تم نقل معظم مقاتليها إلى ألبانيا بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وتم حذفها من قائمة الجماعات الإرهابية عام 2012، فيما يعتقد أن المتحدثين في مناسبات مجاهدي خلق في باريس وغيرها يحصلون على عشرات الآلاف من الدولارات. 

 

ويفيد التقرير بأن التصريحات النارية من جولياني وغينغريتش تأتي بعد لقاء مستشار الأمن القومي جون بولتون مع نظرائه الأوروبيين لتنسيق الخطوة المقبلة بشأن إيران، ففي الثامن من حزيران/ يونيو قرر ترامب الخروج من الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015، في تحد للموقعين على الاتفاقية، بريطانيا والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا، وأخبر بولتون الأوروبيين أن واشنطن تخطط للتصعيد بشكل مستمر والضغط وفرض عقوبات اقتصادية على إيران خلال فصلي الصيف والخريف.

 

وتشير الكاتبة إلى أن سريان مفعول العقوبات الجديدة سيبدأ على مرحلتين، في آب/ أغسطس وتشرين الثاني/ نوفمبر، وستتم معاقبة الشركات والبنوك الأجنبية التي ستواصل التعامل مع إيران، لافتة إلى أن الدول الأوروبية رفضت الانضمام إلى السياسة الأمريكية، وخرج المسؤولون الأوروبيون بانطباع أن أمريكا تريد إثارة الوضع في إيران وتغيير النظام فيها، وهو ما كان يدعو إليه جون بولتون حتى كانون الثاني/ يناير، الذي كان متحدثا دوريا في مؤتمر مجلس المقاومة الوطنية الإيراني، حيث شارك في لقائه السنوي ثماني مرات، وكان المتحدث الرئيسي العام الماضي. 

 

وتقول المجلة إن الإدارة الأمريكية تهدف الآن لمنع إيران من تصدير النفط، المورد الرئيسي، والتبادل التجاري، مشيرة إلى أن موعد العقوبات الجديدة، الذي يأتي في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، يتزامن مع السيطرة على السفارة الأمريكية في طهران، حيث احتجز 52 دبلوماسيا أمريكيا فيها مدة 14 شهرا. 

 

وبحسب التقرير، فإنه كجزء من استراتيجية البيت الأبيض، قام بالضغط على السعوديين من أجل زيادة إنتاجهم للتعويض عن نقص محتمل فيه بشكل يؤدي إلى ارتفاع سعر البرميل إلى 90 دولارا، كما يتوقع المحللون، أي بزيادة 12% عن سعره الحالي، مشيرا إلى أن إيران كانت في العام الماضي سادس أكبر مصدر للنفط، وتعد رابع دولة من ناحية احتياطاته.

 

وتجد رايت أن دول منظمة أوبك ستجد صعوبة في التعويض عن توقف النفط الإيراني، مشيرة إلى أن الرئيس ترامب قام في يوم السبت بمناشدة الملك سلمان شخصيا، وكتب تغريدة قال فيها: "لقد تحدثت مع الملك سلمان، وشرحت له أنه وبسبب الاضطرابات والانقسامات في إيران وفنزويلا فإنني أطلب من السعودية زيادة الإنتاج إلى مليوني برميل لتعويض النقص، وأسعار النفط عالية وقد وافق". 

 

وتلفت المجلة إلى أن العلاقات مع السعودية زادت عمقا منذ وصول ترامب إلى السلطة؛ بسبب القلق المشترك من إيران الثورية، منوهة إلى أن وزير الخارجية مايك بومبيو دعم، وبطريقة غير دبلوماسية، الاحتجاجات في إيران، وكتب بومبيو عن زيادة مظاهر الاحتجاجات، قائلا: "هل يمكن تفسير هذا؟"، وأتبع هذه التغريدة بثلاث تغريدات أخرى، هاجم فيها "النظام المجرم"؛ لاعتقاله الآلاف، و"سرقته" الثروة النفطية، وتبديدها على حروب الوكالة، ودعم حركات مثل حزب الله وحركة حماس، خارج إيران، في وقت تعاني فيه العائلات للحصول على مصدر رزق. 

 

وينوه التقرير إلى أن بومبيو كان من دعاة تغيير النظام عندما كان عضوا في الكونغرس، مؤكدا أن الجمهورية الإسلامية تعاني من متاعب، حيث انتشرت التظاهرات إلى المدن الإيرانية، لكنها كانت أصغر حجما من الثورة الخضراء في عام 2009، عندما احتج الملايين على التزوير في الانتخابات الرئاسية، وكانت التظاهرات النسائية الاخيرة احتجاجا على مطالب الالتزام بالحجاب صغيرة مقارنة مع احتجاجات التجار. 

 

وتبين الكاتبة أن العقوبات الأمريكية بدأت تؤلم إيران، خاصة أن الشركات الأجنبية، مثل "توتال" الفرنسية، و"بوينغ إيرباص"، أنهت عقودها مع الجمهورية الإسلامية، التي وقعتها عام 2016، بعد سريان مفعول الاتفاقية النووية، مشيرة إلى أن سعر الريال الإيراني انهار هذا العام بنسبة 40%، حيث اضطرت الحكومة لفرض قيود على سعر صرف العملة الأجنبية. 

 

ويفيد التقرير بأن هناك مخاوف من زيادة الأسعار ونقص البضائع من الهواتف النقالة إلى السيارات، ما أدى إلى عدد من الإضرابات الشهر الماضي، ونظم متظاهرون احتجاجات في خرم شهر، التي  تبعد 400 ميل عن طهران، ضد نقص المياه، وحاولت قوات الأمن احتواء التظاهرات، التي بدأت سلمية، ما أدى إلى مواجهات جرح فيها العشرات. 

 

وتورد رايت نقلا عن وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي، قوله إن هذه التظاهرات ينظمها انتهازيون "نعرفهم"، وأضاف: "انظر كيف يقومون بتغذية هذه الأحداث في الإعلام الأجنبي والمواقع الإلكترونية هذه الأيام". 

 

وتذكر المجلة أن جولياني وغينغريتش تحدثا للمنفيين الإيرانيين في باريس، عن أملهما بأن يكون اللقاء المقبل في طهران بعد انهيار النظام، لافتة إلى قول تغريدات أصدرها مكتب المرشد الأعلى للجمهورية آية الله علي خامنئي: "يقومون بممارسة الضغوط الاقتصادية للتفريق بين الشعب والنظام.. حاول ستة رؤساء أمريكيين هذا، لكنهم تخلوا عن محاولاتهم". 

 

وتختم "نيويوركر" تقريرها بالقول إن "الفرس المعتزين بقوميتهم التفوا في الماضي حول النظام، ودعموه حتى لو لم يكونوا يحبونه، إلا أن هذه المرة مختلفة، فالفواتير والأسعار هما مركز الاهتمام، لا المثل أو الهوية القومية، وستجد طهران صعوبة في الحفاظ على الدعم الكافي".