ملفات وتقارير

المستقبل لـ"عربي21": الحريري مستمر.. وهذه عقبات التأخير

الحريري كلّف من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون بتشكيل الحكومة في 24 أيار\ مايو الماضي - جيتي

أكد تيار المستقبل أن رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري ماض في تشكيل الحكومة، ولن يعتذر عن التأليف مهما طالت المدة، وشدد تيار المستقبل لـ"عربي21" على أن الأخير "لن يقبل بطلب حزب الله توزير شخصية سنية موالية له في الحكومة الجديدة".


وكان الحريري كلّف من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون بتشكيل الحكومة في 24 أيار\ مايو الماضي بناء على الاستشارات النيابية الملزمة.


وتدور تساؤلات حول إمكانية تشكيل الحريري للحكومة في ظل إصرار الأقطاب السياسية على شروطها في الحصص الوزارية، وسط مطالبات شخصيات موالية لحزب الله أبرزها النائب المنتخب جميل السيد بتكليف رئيس حكومة جديد بعد تأخر الحريري عن إعلان تشكيلة حكومته.


ويتأخر تشكيل الحكومات في لبنان بشكل تصاعدي منذ اغتيال الرئيس الأسبق للحكومة رفيق الحريري عام 2005 (الذي لم يكن حينها رئيسا للحكومة) إلى أسابيع كما حصل مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى (20 يوماً)، ومن ثم أشهر منذ عام 2008 ما بين 44 يوماً و11 شهراً وهي المدة التي استغرقها رئيس الحكومة السابق تمام سلام لتأليف حكومته في شباط \ فبراير عام 2014.  


ما هي العراقيل؟

 
وفنّد القيادي البارز في تيار المستقبل الدكتور مصطفى علوش الأسباب التي تعرقل تشكيل الحكومة، قائلا: "هناك عقد ثلاث لم تذلّلها المشاورات، فالقوات اللبنانية تصرّ على حصة أكبر لها على حساب التيار الوطني الحر"، مضيفا: "تبرز أيضا عقدة توزير طلال ارسلان (من الحصة الدرزية)، وتكمن العقدة الأخيرة في مطالبة حزب الله بوزير سني محسوب عليه وهذا ما يرفضه تيار المستقبل".


وكشف علوش في تصريحات لـ"عربي21" عن "طروحات جديدة لحل عقد التأليف"، لكنه لا يراهن على حتمية نجاحها، قائلا: "الأمر مرتبط بما ستسفر عنه المشاورات ولا يمكن الجزم بإمكانية نجاحها من عدمه باعتبار أن مصير المحادثات مرتبط بإرادة الأطراف المعنية".


وحول أحقيّة النواب السنة العشرة من خارج تيار المستقبل على توزير شخصية منهم، قال: "لا حق لهم في ذلك فهؤلاء النواب ينتمون إلى تيارات سياسية متفرقة، والحديث عن تكتلهم من أجل الحصول على وزارة غير واقعي ولا منطقي"، مشددا على أنّ الهدف من هذا الطرح "زرع حصة سنية في الحكومة للمناكفة والتضييق على رئيسها سعد الحريري".


وعن إمكانية فشل الحريري في تأليف الحكومة وبالتالي تكليف رئيس الجمهورية وبناء على استشارات جديدة لشخصية أخرى لترأس الحكومة، قال علوش: "الرئيس الحريري ماض في مهمة التأليف وليس هناك من نص دستوري يحدّد مهلة التأليف، ولا يمكن بطبيعة الحال التراجع عن التكليف، ويبقى الأمر في عهدة رئيس الحكومة المكلف بأن يعتذر عن التأليف وهذا لن يحصل"، حاسما "تشكيل الحكومة برئاسة الحريري حتى لو طالت مدة مشاورات التأليف".


الطائفية

 
وفي الخط السياسي الآخر أكد النائب السابق والأمين القطري لحزب البعث عاصم قانصو أنّ الحكومات تتشكل بناء على أحجام القوى في مجلس النواب وفق ما تفرزه التحالفات والتكتلات، نافيا "وجود معارضة حقيقية في لبنان وفق المفهوم التقليدي"، ولافتا إلى أنّ "مجلس النواب اللبناني مكوّن من كتل طائفية بما يتنافى مع النظم السياسية الراقية وما يطمح إليه اللبنانيون".


وصعّد قانصو في تصريحات لـ"عربي21" من انتقاده للنظام الانتخابي الحالي محملا إيّاه مسؤولية التعثر في المجالات السياسية كافة ومن بينها تأليف الحكومة، وقال: "ما يعمل به حاليا في لبنان على الصعيد السياسي مستنسخ منذ خمسين سنة، فلم يدخل التطور إلى النظام".

 

وأضاف: "كان حريا اعتماد النظام الانتخابي على الدائرة الواحدة لكل لبنان بما يضمن النزاهة البعيدة عن المحسوبيات الطائفية"، مشيرا إلى أن "نظام النسبية المتبع في الانتخابات الماضية لم يثمر نتائج إيجابية".


وتحدّث قانصو عن صراع يدور بين الأقطاب على تقاسم حقائب الحكومة على أساس طائفي ومذهبي، قائلا: "السنّة يريدون ست حقائب وكذلك الشيعة، والقوات اللبنانية تطالب بتمثيل أوسع، والدروز لهم مطالبهم، وبالتالي لا يدور الحديث الآن عن برنامج الحكومة بقدر ما تدور المفاوضات على الحصص الوزارية".


وعن تأثيرات ما يعرف بدول القرار على مسار تشكيل الحكومة، رأى قانصو أن "التوافق الدولي حاصل بالنسبة لضبط الوضع في لبنان أمنيا وعدم إيجاد ثغرة اقتصادية قد تؤثر على توازن البلد واستقراره"، مؤكدا أن "لبنان يعيش فترة انتظار وترقب تجاه ما قد تفرزه مشاورات التسوية الإقليمية خصوصا المتعلقة بالملف السوري".


صراع الحصص

 
وعزا المحلل السياسي الدكتور غسان العزّي تعثّر تشكيل الحكومة "لأسباب متعلقة بالتركيبة الطائفية التي تهيمن على البلاد والمطالبات بالحصص والصراع على المكتسبات التي تفرزها الحكومة الجديدة للأقطاب السياسية"، مضيفا: "الأمر ليس جديدا على لبنان، فالحكومات تتشكل منذ الاستقلال من خلال هذا المسار الذي يضرّ حكما بالمصلحة العامة للبنانيين".


واعتبر في تصريحات لـ"عربي21" أن "صراع الحصص على المستوى السياسي اللبناني مرتبط بشكل وثيق بالتدخلات الخارجية التي لها أيضا حضورها وحصصها بشكل مباشر أو غير مباشر، إضافة إلى الفساد المستشري في مفاصل الدولة والذي لا يسهم في إنتاج حكومة وفق النسق الطبيعي".


وعن أفق حلّ أزمة التشكيل الحكومي، قال: "النظام السياسي اللبناني مصنع للأزمات، ولابدّ من توافق جزئي توازيا مع تفاهم دولي"، لافتا إلى أن "التوقعات تبقى محفوفة بالتساؤلات حول ما يمكن للتشكيلة الوزارية الجديدة أن تحققه من إنجازات".