صحافة دولية

الغارديان: إيران أغرقت الإمارات والسعودية بحرب اليمن

الصحيفة البريطانية تحدثت عن "تواطؤ" الغرب في الحرب الدائرة باليمن- جيتي

قالت صحيفة "الغارديان"، الاثنين، إن "المسؤولين السعوديين والإماراتيين لا يجرؤون على إخبار قادتهم ورؤسائهم بأن إيران قد أغرقتهم في مستنقع حرب مكلفة ولا نهائية دون أن تتكبد هي سوى القليل من التكاليف".


وسلطت الصحيفة الضوء في مقال رأي ترجمته "عربي21" على الحرب الدائرة في مدينة الحديدة اليمنية، وموقف أمريكا والاتحاد الأوروبي ولاسيما بريطانيا، مما يدور على أرض اليمن.


وذكرت "الغارديان" أنه "حتى لو كانت بريطانيا قد حذرت من شن هجوم على ميناء الحديدة الحيوي فإننا نتحمل المسؤولية عن هذه الحرب الفظيعة".


وتاليا نص المقال كاملا كما ورد في الصحيفة البريطانية:


لم تكن أوراق التين منذ البداية تغطي سوى القليل من العورة، ثم ما لبثت الأوراق أن تلاشت تماما. والآن لم يعد لدينا ما نبرر به دورنا في مأساة اليمن. لن يؤدي الهجوم الذي تشنه قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات على الحديدة إلا إلى مفاقمة أسوأ أزمة إنسانية في العالم، علما بأن 70 بالمائة من واردات البلد تمر عبر الميناء. 


وكانت بريطانيا وفرنسا قد حثتا المملكة العربية السعودية على عدم شن الهجوم، إلا أن المملكة المتحدة أدلت الآن بما لديها. لقد رفضت الولايات المتحدة طلبا من الإمارات العربية المتحدة لتزويدها بكاسحة ألغام حتى تستخدمها في العملية، ومع ذلك فقد صرح مسؤول إماراتي بما يلي: "عدم إعطائنا مساعدة عسكرية شيء وإخبارنا بعدم القيام بالعملية شيء آخر".


ولذلك فهم ماضون في تنفيذ العملية، ويشنون هذه الحرب باستخدام أسلحة مصنعة في بريطانيا وفي الولايات المتحدة وفي فرنسا. يشنون الحرب مستفيدين من تدريبات واستشارات عسكرية غربية. يتواجد الضباط البريطانيون والأمريكيون داخل غرفة القيادة التي تشرف على الهجمات الجوية، وهذا الأسبوع زعمت صحيفة "لوفيغارو" وجود قوات فرنسية خاصة على الأرض في اليمن. بمعنى، آخر يجري الأمر بغطاء دبلوماسي غربي. 


ويوم الجمعة عطلت بريطانيا والولايات المتحدة مشروعا قدمه السويديون إلى مجلس الأمن الدولي لإصدار بيان يطالب بوقف إطلاق النار. وفي ذلك يقول أندرو ميتشيل، وزير التنمية الدولية السابق: "بريطانيا، رغم أنها حامل القلم حول اليمن داخل مجلس الأمن الدولي، إلا أنها تتخذ موقفاً مؤيداً تأييداً سافراً للسعودية في هذا الصراع". لا شك أن مبيعات السلاح والمصالح الأمنية تملي عليها ذلك.


لقد فتكت الحرب حتى الآن بأرواح عشرات الآلاف من الناس، ولعل رقم العشرة آلاف الذي كثيرا ما يشار إليه رقم متحفظ جداً، ومن المؤكد أننا قد تجاوزناه الآن بمراحل، ومازالت حياة الكثيرين مهددة. 


من المفروض بموجب القانون الدولي السماح بمرور المساعدات الإنسانية على عجل ودونما إعاقة، إلا أن طرفي الصراع، التحالف والحوثيين، كلاهما لهما سجل بشع حين يتعلق الأمر بالالتزام بقواعد الحرب. لقد اضطرت منظمات الإغاثة إلى الخروج من الحديدة، في وقت مازال فيه اثنان وعشرون مليون يمني في أمس الحاجة إلى المساعدات، بينما يواجه ثمانية ملايين منهم خطر المجاعة.


يبدو أن الهجوم على الحديدة ما هو إلا محاولة لاستباق تقدم مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيثس بخطة للسلام، وهو الذي كان قد حذر من قبل بأن الهجوم على الحديدة يمكن أن "ينهي فرص طرح السلام على الطاولة بضربة واحدة".


ومن المقرر أن يقدم المبعوث الأممي تقريرا إلى مجلس الأمن الدولي، الاثنين، على إثر محادثات طارئة بعد أن نقل عن منسق الإغاثة في الأمم المتحدة ليس غراند القول بأن المحادثات بشأن تسلم الأمم المتحدة لإدارة الميناء قد وصلت إلى مرحلة متقدمة. ولكن حتى لو تمكن السيد غريفيثس من إبرام اتفاق برغم كل المصاعب، فإن فرص تطبيقه على أرض الواقع باتت ضعيفة إذا ما أخذنا بالاعتبار سجل الطرفين في التصرف بسوء نية، ناهيك عن التعقيدات البالغة التي تشوب عملية التسليم.


يدعم التحالف الرئيس المعترف به دولياً عبد ربه منصور هادي، والذي أطاح به الحوثيون المدعومون من إيران. إلا أن الحملة تبدو مدفوعة إلى حد كبير من قبل قوتين محفزتين. هناك أولا التنافس مع إيران وغير ذلك من المصالح الاستراتيجية. ثم هناك ثانيا "كرامة ومقام" زعماء التحالف، وعلى وجه الخصوص محمد بن سلمان الذي أطلق شرارة الحرب وبات الآن الحاكم الفعلي للملكة العربية السعودية. 


تقوم حسبة التحالف على اعتبار أنه الآن في أحسن أحواله بعد جمود طويل منذ أن بدأت الحرب قبل ثلاثة أعوام. يأمل التحالف في تغيير الوقائع على الأرض ويبدو أنه أقنع نفسه بأن الحديدة ستكون لقمة سائغة يمكن التهامها بسهولة دون التسبب بكثير من الألم للمدنيين. غدا مثل هذا التفكير أمرا مألوفا، كما أشار تقرير لمجموعة الأزمات الدولية هذا الأسبوع، حيث ورد فيه: "تشعر الفصائل المتحاربة بثقة بالغة في قدراتها العسكرية وفرص تفوقها، وتسعى غالباً إلى تحسين وضعها العسكري كلما لاحت فرصة للتفاوض، غير آبهة بتاتاً بالكارثة الإنسانية التي تتمخض عن أعمالها وما يسببه ذلك من معاناة للمواطنين العاديين".

قد يتساوى حكام الرياض وحكام أبو ظبي في مقتهم لطهران، إلا أن الميدان الذي بات مزدحما وغاية في التعقيد يكشف عن تباين وتناقض مصالحهما، ولا أدل على ذلك من أن القوات المدعومة إماراتيا كانت قبل شهور قليلة تقاتل وتقتل قوات مدعومة سعوديا داخل عدن. في هذه الأثناء يتجه الجنوب نحو الاستقلال الذاتي. ولكن من يجرؤ من بين المسؤولين السعوديين والإماراتيين على إخبار قادتهم ورؤسائهم بأن إيران قد أغرقتهم في مستنقع حرب مكلفة ولا نهائية دون أن تتكبد هي سوى القليل من التكاليف؟ ولذلك، يشكل تخندق اقتصاد الحرب عقبة أخرى كؤودا في طريق تحقيق السلام.


وبناء عليه تستمر الحرب، وتتعاظم المعاناة، وتفقد المنطقة المزيد من استقرارها، ويتولد الإحباط والغضب ضد الغرب ويفقد الناس كل ثقة بحديثه عن حقوق الإنسان والقانون الدولي. فيما لو بدا في الماضي ممكنا إنكار التواطؤ، فإنه لم يعد بعد التطورات الأخيرة خافيا على أحد.