صحافة دولية

صحيفة: هل ستصبح أوروبا لعبة بين أيدي القوى الأخرى؟

أبرزت الصحيفة أن مواقف برلين وباريس إزاء التعامل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متباينة- جيتي

نشرت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن الخلاف الدائر بين دول الاتحاد الأوروبي حول كيفية التعامل مع التهديدات الأمريكية، بشأن فرض عقوبات جمركية على واردات الفولاذ الصلب والألمنيوم، فضلا عن تسليط عقوبات على الشركات الأوروبية، التي لا تعتزم سحب استثماراتها من إيران، ويخشى زعماء دول الاتحاد الأوروبي من أن تصبح أوروبا لعبة بين أيدي القوى الأخرى.


وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أنه يوم الاثنين، عقد وزراء اقتصاد دول الاتحاد الأوروبي اجتماعا بهدف النظر في التحديات التي تواجه الدول الأوروبية على خلفية التهديدات الأمريكية بفرض عقوبات جمركية على واردات الألمنيوم والفولاذ الصلب، كما تطرق المسؤولون الأوروبيون إلى القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني وما تبعه من تهديدات بفرض عقوبات على الشركات الأوروبية، التي لا تعتزم الخروج من إيران، ومن المنتظر أن ينعقد المؤتمر السنوي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بباريس.


ونقلت الصحيفة تصريحا لوزير الاقتصاد الألماني، بيتر ألتماير، الذي جاء فيه: "نحن اليوم نشهد بداية أسبوع حاسم"، من جهته، أورد رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي بيرند لانغه، أنه "في حال رضخت أوروبا للضغوط الأمريكية، فستكون لعبة بأيدي القوى الأخرى"، من جهته، أقر رئيس حزب الشعب الأوروبي، مانفريد فيبر، أنه "لا يمكن لأوروبا أن تقبل  بالضغوط الأمريكية، بل يجب عليها أن ترد الفعل".

 

الوعود الأوروبية


وأشارت الصحيفة إلى أنه إلى حد الآن، تتعامل أوروبا مع الضغوط الأوروبية من خلال توجيه تصريحات حادة، لكن الخيارات السياسية المتاحة أمامها محدودة، ويرغب الاتحاد الأوروبي، الآن، في إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني، وفي هذا الصدد، أفاد لانغه قائلا: "لا يمكننا التأثير على عملية اتخاذ القرارات الاقتصادية بالنسبة للشركات الأوروبية".


وأوضحت الصحيفة أن أغلب الشركات الأوروبية تخشى من خسارة الصفقات التي تجمعها بالجهات الأمريكية، في حين لا تثق البتة في الوعود الأوروبية بشأن تأمين الحماية، وفيما يتعلق بعلاقة الاتحاد الأوروبي بواشنطن، أفاد لانغه أن "الشراكة الأمريكية الأوروبية عرقلت نظرا لأن الحكومة الأمريكية لا تفكر إلا في خدمة مصالحها الخاصة".


وأفادت الصحيفة أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن الأمور أقل كارثية مما يروج له، وفي هذا الإطار، أورد مدير البحوث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، جيريمي شابيرو، أنه "خلال العقود الأخيرة، اندلعت العديد من الأزمات في منطقة الأطلسي، التي استمرت لعدة سنوات".

 

اقرأ أيضا: أوروبا تواجه الرسوم الجمركية الأمريكية بإجراءات مضادة


من هذا المنطلق، لن يؤدي الخلاف الأمريكي الأوروبي الحالي إلى تداعيات خطيرة للغاية، نظرا لأن الاتحاد الأوروبي يبدو في حاجة ملحة للتحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من الأمريكيين، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الأمنية.


وأضافت الصحيفة أن العديد من الدول الأوروبية لا تعتبر في حاجة إلى الولايات المتحدة الأمريكية على اعتبارها قوة وقائية ضد الأعداء الخارجيين فحسب، بل أيضا لأنها قوة سياسية من شأنها خلق التوازن بين الدول الأوروبية.


وفي هذا الصدد، قال شابيرو إنه "من الناحية النظرية، تستطيع الدول الأوروبية القوية اقتصاديا حماية نفسها، ولكن من الناحية التطبيقية، فتعول على واشنطن بشكل أكبر مقارنة بالتعاون فيما بينها".


وتابعت الصحيفة أن أزمة الأطلسي الحالية ستختفي كما سبق وأن انتهت أزمات سابقة، لافتة إلى قول رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي، ديفيد ماكاليستر إن "الأمور تبدو مختلفة في الوقت الراهن، ففي حرب العراق، ساند عدد من الدول الأوروبية قرار إعلان الحرب على العراق، فيما رفضت دول أخرى قرار الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش، أما اليوم، فتقف 28 دولة أوروبية في مواجهة دولة واحدة، في حين يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعير أي اهتمام للعلاقة التي تربطها بنا".

 

قرارات حاسمة


ووفقا لماكاليستر، يكمن الفارق بين الصراعات في منطقة الأطلس السابقة والصراع الحالي في أن الاتحاد الأوروبي يعمل على الحد من حجم التبعية تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، ولعل أبرز دليل على ذلك، تأسيس مقر عسكري عام للاتحاد الأوروبي في سنة 2016، في المقابل، قد يستغرق وضع سياسة أمنية ودفاعية مشتركة وتعيين وزير دفاع للاتحاد الأوروبي وقتا طويلا.


وبينت الصحيفة أن مساعي الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لتوحيد السياسة الاقتصادية والمالية لدول الاتحاد الأوروبي تلقى معارضة من ألمانيا، مشيرة إلى تصريح وزير الاقتصاد الفرنسي، برونو لومير، أن "مستقبل أوروبا بات على المحك (..)، لا يجب علينا أن نتفاوض كثيرا، بل يجب علينا أن نتخذ قرارات حاسمة، وأعتقد أننا في طريقنا إلى وضع سياسة اقتصادية ومالية أوروبية مشتركة".


وأبرزت الصحيفة أن مواقف برلين وباريس إزاء التعامل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، متباينة، ففي حين تطالب فرنسا باتخاذ مواقف صارمة، تتعامل ألمانيا مع ترامب بحذر، مبينة أن "رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي بيرند لانغه أفاد أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى إلى تقسيم الاتحاد الأوروبي، ولعل أبرز مؤشر على ذلك، تهديدات ترامب بفرض عقوبات جمركية على واردات السيارات الألمانية".


وختمت الصحيفة تقريرها بالقول إن "المؤتمر السنوي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بباريس سيحدد مستقبل العلاقات الأوروبية الأمريكية، وقد تجد واشنطن نفسها في مواجهة جبهة أوروبية موحدة أو في دول متفرقة تبحث كل واحدة منها على تلبية مصالحها الفردية، وفي حال كانت مواقف الدول الأوروبية متضاربة، فستتمكن الولايات المتحدة الأمريكية من دون شك من التحكم في الاتحاد الأوروبي".